تعتزم الولاياتالمتحدة شن هجوم عسكري على الحدود الأفغانية الباكستانية يصل إلى داخل باكستان نفسها بهدف تدمير شبكة تنظيم القاعدة. وعزت مصادر عسكرية هذا القرار إلى القلق العميق الذي ينتاب الحكومة الأمريكية إزاء محاولات الاغتيال التي تعرض لها مؤخرا الرئيس الباكستاني برويز مشرف وعودة قوات حركة طالبان إلى النشاط والظهور في أفغانستان. وتقوم القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على القوات الأمريكية في المنطقة العربية وجنوب غرب آسيا بتجميع فريق من ضباط المخابرات العسكرية الذين سيتم إرسالهم إلى باكستان كمقدمة للهجوم العسكري. ونقلت صحيفة شيكاغو تريبيون الأمريكية عن مصادر مطلعة لم تفصح عن هويتها قولها أن الهجوم ستقوم به قوات من العمليات الخاصة والكوماندوز وقوات برية، وسيتم نشر حاملات طائرات تابعة للأسطول الأمريكي في بحر العرب. وقد تم الإشارة إلى هذا الهجوم في رسائل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الداخلية باسم «هجوم الربيع». وقالت المصادر ذاتها أن الدافع لهذا الهجوم أحداث معينة لم يكشف النقاب عنها في باكستان وعبر المنطقة. وقال مصدر مطلع على الخطة «إن هذه ليست خطة طوارئ لكوريا الشمالية، وليست شيئا يوضع على الرف.» وأضاف «إن هذا التخطيط أشبه بالتخطيط الذي أعد للعراق، ويريدون لهذه الخطة أن تكون قابلة للتنفيذ الآن.» هجوم الربيع وقد امتنعت البنتاغون عن التعليق على الهجوم الذي يجري إعداده، وقال مصدر في البنتاغون إن هذه العملية من المؤكد أنها ستتطلب تعاون مشرف، الذي كان سمح في السابق لعدد صغير من قوات العمليات الخاصة الأمريكية للعمل إلى جانب القوات الباكستانية في المناطق القبلية التي تتمتع بشبه حكم ذاتي. وسيشارك في الهجوم العسكري الجديد آلاف الجنود الأمريكيين إلى جانب قوات باكستانية. وتحتفظ الولاياتالمتحدة بنحو 10600 جندي في أفغانستان، حيث سيتم نقلهم إلى منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية كجزء من التحركات العسكرية العادية، وبعضهم سيتم نشره داخل الأراضي الباكستانية. وقال المصدر «في السابق كانت تكبحنا الحدود، فلم يكن مشرف يريد ذلك، والآن فإنه يقال لنا إننا سندخل إلى باكستان بمساعدة مشرف». وتشير مذكرات داخلية للبنتاغون إلى أن الهجوم سيعتمد على عمليات في مناطق عديدة وهي أفغانستانوباكستان وبلدانا أخرى في المنطقة، في إشارة إلى إيران. وتقوم الولاياتالمتحدة بدراسة كيفية وما إذا كان بالإمكان إقناع إيران من خلال قنوات مباشرة أو غير مباشرة لتقديم المساعدة، حيث أن الولاياتالمتحدة تواقة لتجنب تكرار حرب الأفغان في عام 2001 عندما التجأ بعض مقاتلي القاعدة إلى داخل إيران. وقال مصدر عسكري «ليس لدينا قوات كافية ولكننا يمكن أن نعتمد على قوات تعمل بالوكالة عنا في تلك المنطقة» مشيرا إلى قوات باكستانية وقال «إن هذا مصمم لملاحقة طالبان وكل من هو مرتبط بهم.» ويحذر خبراء ومحللون من ان أي هجوم واسع النطاق تقوم به القوات الأمريكية داخل باكستان قد يكون بمثابة «ديناميت سياسي» بالنسبة لمشرف، الذي يتعرض حاليا لضغوط سياسية متزايدة من الأحزاب الإسلامية في باكستان، حيث يلقى تعاونه مع الولاياتالمتحدة في حربها على ما تسميه «الإرهاب» الغضب على نطاق واسع في الأوساط الشعبية الباكستانية. كما أن مشرف لا يستطيع الاعتماد على ولاء القوات المسلحة الباكستانية أو وكالة الاستخبارات العسكرية التي ساعد أعضاؤها في إقامة حكم طالبان في أفغانستان والمحافظة عليه ولا يزال يشتبه بأن لهم روابط مع الجماعات الإسلامية الوطنية. مخاوف وكان مشرف رفض مجددا في حديث له في المنتدى الاقتصادي الدولي في دافوس الأسبوع الماضي الحاجة إلى قوات أمريكية لدخول باكستان للبحث عن ابن لادن الذي قال إنه يختبئ وأنصاره في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية، مشيرا إلى أن القاعدة كانت وراء توجيه الأوامر باغتياله. وقال مشرف «إن هذا ليس ممكنا على الإطلاق، إنها مسألة حساسة.» غير أن مصادر البنتاغون تقول «إن الجيش الأمريكي يعمل بموجب اعتقاد بأنه على الرغم من تصريحات مشرف الأخيرة إلا أن تفكيره قد تغير.» ويشكل وضع مشرف القابل للاختراق قلقا عميقا للمسؤولين الأمريكيين، الذين يقولون إنه إذا ما قتل فإن من غير المحتمل على الأرجح أن يكون أي خليفة له راغبا مثله في العمل باتجاه الأهداف الأمريكية للقضاء على الوطنيين الإسلاميين. وتوصف الخطة العسكرية داخل البنتاغون بأنها «جهد كبير» في العام المقبل. وكان المحللون العسكريون قالوا في السابق بأنها خطوة جريئة ضد الوطنيين الإسلاميين وأسامة بن لادن بصورة خاصة ستحدث على الأرجح في ربيع عام 2005. وكانت سلسلة أوامر التخطيط للهجوم العسكري التي أشير إليها باعتبارها أوامر إنذار التي صدرت في الأسابيع الأخيرة، حددت الحادي والعشرين من شهر يناير الجاري، الموعد النهائي لعناصر التخطيط المفصلة من الجيش. وقالت المصادر ذاتها إن الخطة ضد القاعدة أملتها أحداث في المنطقة وليس مواعيد نهائية وأنه يمكن أن يحدث تأخير. ولكن المصادر العسكرية قالت إن الدفع باتجاه تنفيذ الخطة في الربيع المقبل يبدو أن دافعه محاولتا اغتيال مشرف في شهر ديسمبر الماضي وإلى حد ما اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين.