يكفي السيد سليم بن حميدان تهمة أنه ينتمي لحزب المؤتمر الذي قال أعضاؤه في بعضهم البعض ما لم يقله مالك في الخمر والمتنبي في كافور الاخشيدي. والسيد هذا شخصية طريفة حقا، ألم يتحدّث في التلفاز حتى عن علاقة أمّه بزوجته التي هي أيضا ابنة وزير أيضا، وزير العطش، فلم التعجّب من أن يقول بأن المتربصين بالثورة مثلهم كمثل الكاهنة! ولعلّهم في علاقتهم بالكاهنة يعكسون علاقة رفض الأمّ (الثورة في هذه الحالة) للزوجة (وهي الحكومة) علما أن هذا الرجل الطريف الذي يتحدث عن الحرق والحرائق، سبق وأن اتهم في ماضي السنوات، باحراق احدى منشآت الدولة التي يشرف مؤقتا على أملاكها، وهو وإن كان يبرّئ نفسه من هذه التهمة وذلك أمر طبيعي، فإنه مطلوب إعادة فتح التحقيق حولها حتى نعلم بالضبط حقيقة التهمة.
ولكن ذلك لن يكون الا بعد ارساء استقلالية القضاء، والفصل بين السلطات، وقيام المحاكمات العادلة. ذلك أنه لا شتم للدساترة، الذي انتهى بسب الثوار أيضا، ولا الانضمام لأغرب حزب، ولا الادعاء بشق صحراء افريقيا، ولا التأكيد على الاقامة في البلدان ذات الجغرافية الخطيرة، من شأنها أن تجعلنا نصدّق بالضرورة هذا الرجل الذي رفضت عمادة المحامين ترسيمه، ورفضت المهجة العامة، أن تتفاعل مع أقواله التي عندما تدقق فيها لا تزيدك الا شكا ولا تثير فيك الا الريبة. خصوصا أنه يبدو وكأنه يمنّ على الخلق بسيرة ذاتية أكثر من عادية، وبحديث عن نضال لم يفوّضه أحد أن يقوم به لحسابه هذا إن ثبت حتى يأتي تونس كأنه غازيا ويستقرّ في احدى وزاراتها كأنه مالك، ثم يصبح اختصاصه سبّ أهلها وشتم سكانها في لغة سوقية، وبخفّة طفولية.
ورغم ذلك فالسيد المذكور مدّاح كبير، طريّ الكلام، حافظ للسان كلما أتت سيرة رئيسه المؤقت، أو ذكرت احدى فعائله، فتراه يستعيد ملامح الطفل المستعدة لكل أمر والمنفّذ لكل كلمة، الهادئ الودود، الوديع، الناعم، الطري والمستكين، فتشك حقّا هل أنت أمام أب الثورة التونسية ومفجّرها بن حميدان، أم أنك أمام طفل نابغة تخرّج لتوّه من روضة أطفال أو من كتّاب للقرآن.
بقيت الاشارة أنه عندما كان سكان بوزيد وغيرها من المناطق يعانون حرارة الصيف، ظهر هو في التلفاز وهو يتمايل طربا في حفل «دوميس روسوس» بالحمامات، حيث كانت «تصيّف» ما يسمّيها هو بالعصابة أي الرئيس السابق وتوابعه عندما يشتد الحر وترتفع الرطوبة. ويسأل أهالي بوزيد الوزير المؤقت، هل سبق أن زرت ولايتهم، ومتى، وكم قضّيت فيها، وماذا تعرف عنها، أم هو كلام التنجيم وضرب الرمل؟