حالة من الذهول والحيرة والخوف تنتاب الوسط الفني بعد إحالة الفنانة التشكيلية نادية الجلاصي على التحقيق عقدت الفنانة التشكيلية والأستاذة الجامعية في المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس صباح أمس ندوة صحفية في مقر النقابة الوطنية للصحفيين لشرح ملابسات دعوتها إلى التحقيق وعرضها على القيس.
الحكاية بدأت في معرض العبدلية الذي تسبب في حريق كاد يلتهم البلاد لولا حزم قوات الأمن والجيش وتصدي منظمات المجتمع المدني لمشروع الزج بالبلاد في الفوضى باسم الدفاع عن المقدسات وهي كلمة حق تستعمل في غير محلها لحصار المبدعين ومصادرة حقهم في التعبير. أحيلت نادية الجلاصي على التحقيق مع محمد بن سلامة حسب الفصل 121 من المجلة الجزائية الذي يستوجب عقابا بين خمس وست سنوات وغرامة مالية وقالت نادية الجلاصي انها لم تكن تتصور أن تحال في يوم ما على التحقيق بسبب عمل فني خاصة بعد ثورة حررت التونسيين من الديكتاتورية وأشارت الى أنها خضعت الى التحقيق والإجابة عن أسئلة تتعلق بمقاصد عملها الفني فيما يشبه محاكمة النوايا بما يذكرنا بمحاكم التفتيش في التاريخ العربي والإنساني التي دمرت الإبداع وأغرقت الشعوب في الظلام.
وقالت نادية ان وزارة الثقافة لم تقف معها ولم تساندها وهو شيء غريب لأن المفروض أن تتصدى الوزارة لمحاكمة المبدعين بسبب أفكارهم أو أعمالهم الفنية كما أن الوزير أدان الفنانين المشاركين في معرض العبدلية واعتبرهم هواة في حين انني جامعية وفي اعلى الرتب العلمية ورجت الجلاصي ان تقف المسألة عند التحقيق وان لا تجد نفسها مهددة بالسجن والغرامة المالية بسبب عمل فني.
وقالت نادية الجلاصي ان إحالتها على التحقيق تعني انهم يحملونها مسؤولية كل ما حدث من حرق وتخريب بل حتى سقوط ضحية ! وأكدت انها لا يمكن ان تتحمل مسؤولية ما حدث ورجت ان تلقى قضيتها تجاوبا ومساندة من المجتمع المدني لأن ما حدث مؤشر خطير على تدهور الحريات.
عمل مشترك
الندوة حضرها فنانون وممثلون عن نقابتي مهن الفنون التشكيلية والثقافة والاعلام، وقال عمر الغدامسي الكاتب العام لنقابة مهن الفنون التشكيلية ان النقابة تساند نادية الجلاصي وستكلف محامين بمتابعة هذه القضية الغريبة واعتبر الغدامسي ان ما حدث هو حلقة من معركة كبرى تتعلق بالحريات في الثقافة والإعلام المستهدفين اليوم بجدية وأكد ل «الشروق» أن النقابة ستنسق مع بقية مكونات المجتمع المدني للقيام بعمل مشترك في اتجاه الدفاع ليس عن نادية الجلاصي ومحمد بن سلامة فقط بل عن كل المبدعين والفنانين.