قدمت شركة زاد للإنتاج السمعي البصري ندوة صحفية يوم امس الثلاثاء 4 سبتمبر 2012 بنزل أفريكا بالعاصمة، سبقه عرض الشريط التلفزي «القناص».. «القناص» شريط تلفزي مدته ساعة وهومن النوع البوليسي وأفلام الحركة يروي قصة مغترب تونسي قضى 16 سنة خارج البلاد يعود إلى الوطن سنة بعد اندلاع الثورة ليكشف القناص الذي اغتال شقيقه شكيب الذي توفي في ظروف غامضة في أحداث سيدي بوزيد.
أحداث الفيلم وشخصياته هي من محض الخيال وهو مجرد اقتباس ومحاكاة لأحداث ما قبل الثورة وبعدها. لم يدع يسري بوعصيدة الذي قدم لهذا العمل انه يمتلك الحقيقة اوكشف حقيقة القناصة أوإدانة أيّ طرف من الأطراف لكنه اعتبر شريطه أول دراما تونسية تدور وقائعها بعد 14 جانفي 2011.
لأول مرة
المخرج يسري بوعصيدة الذي عاد من الغربة أشهرا قليلة قبل اندلاع الثورة، قام بأول تجربة في مجال الدراما بعد تخصصه لسنوات عدة في مجال الرسوم المتحركة في تونس على غرار سلسلة «فكري وكسلان»، والأفلام الوثائقية السياسية ...
«القناص» بطولة ثلة من النجوم: محمد علي بن جمعة وأحمد الأندلسي وفاطمة الزهراء معطرومنير العرقي وغازي الزغباني ومحمد الغزواني ولسعد بن يونس مع أول ظهور لبطل الفنون القتالية في أوروبا «مجيب»، والمطربة الصاعدة «رحمة».
تشويق
هذا الشريط لم تخل كتابته من روح الفكاهة ....ولم يخل من التشويق رغم البداية التقريرية التي سرعان ما فسحت المجال لتفاصيل تاهت في غياهب الالغاز وافرزت تشويقا ما إن تبدأ بوادر الانفراج حتى تتأزم الامور....
وقد اعتمد المخرج والسيناريست يسري بوعصيدة على عدم البوح بالتفاصيل وتعمد توزيعها على كامل مساحة الفيلم مما اضفى نوعا من التشويق على هذا العمل.... فنحن لم نعرف حكاية شكيب «الشهيد» الغامض الذي اغتاله قناص بعد مرورنا بحكايات ومنعطفات كثيرة تداخلت فيها المافيا المحلية والدولية المزعومة.... وخلال رحلة البحث عن قاتل « شكيب « القناص عرفنا سر هجرة شقيقه الذي قضى 16 سنة في سويسرا ...بعدما تم قبوله بفتور وووجه بعبارة: «علاش روحت ؟»....
هو هاجر مضطرا ولم يخبرنا المخرج بذلك الا خلال الفيلم لنتعاطف معه بعدم كرهنا عودته وتعاطفنا مع شقيقته.... امريكان... وداخلية ومتسترون وسماسرة ومتاجرون بالاوطان.......
وجوه متعددة
لم يوفر بوعصيدة احدا.... صوب في كل الاتجاهات.....ليخلص في النهاية الى مراوغة الجميع حين نكتشف ان وفاة الشهيد الغامض لم تكن الا على يد قناص من الشرطة لكنه قناص تعمد بعثرة اوراق الملف حتى لا يكتشف أحدا الجريمة....
كان هوالقاتل....دفاعا عن الشرف المهدور....دفاعا عن شرفه .....دخلت زوجته مستشفى الامراض العقلية وقتل هو «الشهيد» الذي تعلقت به زوجته... بوعصيدة اعاد خلط الاوراق من جديد ليعطي القنص معنى آخر ..... باختصار كلنا يا عزيزي لصوص..... كلنا يا عزيزي قناصة.....
الوطن مستهدف وليس للقنص جنسية او لون او دين....والقناص هو الذي يستهدف الارض والوطن والشرف.... بوعصيدة كسب في اعتقادي الرهان الاول...وساعده على ذلك نخبة من الممثلين المذكورين رغم مغامرته بتقديم الفنان مجيب في دور مميز أضفى على العمل مسحة من الحركة والتشويق....
أجمل ما في «قناص» يسري بوعصيدة هوطرحه للاسئلة دون تورطه في الاجابة او ادعائه القدرة على ذلك....لكنه افلح في جعل الموضوع نازفا يبحث عمن يعيد النبش فيه وهو ملف يزعج اكثر من طرف وجهة... الوجوه المقنعة باتت اقنعتها تفضحها....والفاعل كلما أمعن في التخفي تمسكنا بالوطن لان المستهدف هوالبشر والشجر والحجر.....