لم تقتصر الكوارث الطبيعية التي اجتاحت مناطق معتمدية عين دراهم من ولاية جندوبة على تهاطل الأمطار ونزول الثلوج وهبوب الرياح في فصل الشتاء الماضي بل تعدتها الى الحراق المتعددة التي شهدتها المنطقة في هذا الصيف. وقد تسببت الامطار في حدوث العديد من الانزلاقات الأرضية وألحقت الكثير من الأضرار فجرفت المسالك والطرقات وهدمت المنازل ودمرت الأكواخ وشردت عدد من العائلات وأدت إلى نفوق الكثير من الحيوانات وقد كانت أكثر المناطق تضررا بهذه الجهات منطقة البازدية من عمادة عين دراهم الاحواز حيث تصدعت منازل المواطنين وتشققت جدرانها وأصبح معظمها متداعيا للسقوط وقد فاق عدد العائلات المتضررة 38 عائلة, فوقع ترحيل 10 عائلات منها ما تزال لحد الآن تقيم في الخيام بدون مأوى على بعد مئات الأمطار من المنطقة المتضررة.
وتجددت الكوارث منذ بداية فصل الصيف من خلال اندلاع حرائق الغابات التي أتلفت ما يزيد عن 225 هكتارا من الغابات الطبيعية ,وقد بلغ عددها الجملي حوالي 60 حريقا ولم تقتصر الاضرار على الثروة الغابية بل طالت المساكن والممتلكات والحيوانات الأهلية فقد تسبب حريق منطقة الابقع القريبة من المركب الرياضي الدولي في احتراق ثلاثة منازل وكوخ وأشجار مثمرة وأكوام من التبن تلاها بعد ذالك حريق منطقة ارض الكاف من عمادة الخمايرية حيث التهمت النيران التي اجتاحت دوار الدغرق مسكنين بأكملهما وألحقت بعض الأضرار الأخرى بثلاثة منازل فشردت خمس عائلات تتكون من 23 فردا منهم ما أصبح يقيم بدار الشباب بعين دراهم ومنهم من توجه إلى الأقارب.
لاجئون في الخيام منذ الفيضانات
«الشروق» التقت البعض من هذه العائلات المتضررة من الانزلاقات الأرضية وكذلك من الحرائق في جولة قامت بها لهذه الأماكن حيث يقول السيد لطفي طعملي أصيل منطقة البوازدية ورب عائلة تتكون من 6 أفراد لقد تضررت العديد من العائلات من جراء الانزلاق الأرضي الذي هز منطقتنا في فصل الشتاء فتم ترحيل 10عائلات وما نزال نقيم تحت الخيام في مجرى للرياح وفي ظروف قاسية ننام على حشايا وضعت على التراب وأبناؤنا سيلتحقون بالمدارس بعد مدة وجيزة وها قد حل موسم الأمطار ونحن ما نزال نترقب منذ ما يزيد عن 6 أشهر وليس هناك ولو بصيص من الأمل ليقع تمكيننا. من مساكن أو حتى من مساعدة مالية وقطعة ارض فنتمكن من إقامة منازلنا بأنفسنا ونستقر فيها وتستقر أوضاعنا فنحن لا نطلب المستحيل فأربعة ألاف دينار كافية لتساعد كل واحد منا على بناء ولو غرفة واحدة نتوارى فيها وتحفظ عائلاتنا.
أما السيد الزين طعملي فهو يقيم وابنه في خيمتين حيث تتكون العائلتين من 7 أنفار عاطلين عن العمل يقول إن «ظروفنا قاسية لأبعد الحدود ولم نجد من يساعدنا على الحصول على مساكن بعدما تم ترحيلنا من منازلنا المتضررة والتي أصبحت متداعية للسقوط في أية لحظة فنحن نطلب من السيد الوالي وأعضاء الحكومة أن يولوا حالتنا الأهمية اللازمة وينقضوننا قبل حلول فصل الشتاء بأمطاره وعواصفه» وقبل مغادرتنا المكان تدخل جاره السيد عبد الستار بن الأخضر هلالي رب عائلة تتكون كذلك من 6 أنفار منهم ثلاثة أنفار معوقين وأبناء يدرسون بالمعهد قائلا لقد «تمت معاينة حالتنا من طرف السلط المحلية والجهوية ولكن لم يقع أي تدخل لفائدتنا حتى نتمكن من الحصول على سكن وإذا ما حل فصل الشتاء فستؤول الأمور إلى كارثة حقيقية ونرجوا أن تصغي الحكومة إلى مطالبنا وتستجيب لها قبل حلول هذا الفصل الممطر.
... وللحرائق نصيب
من العائلات المتضررة من الحرائق عائلة السيد عبد اللطيف بن خليفة حويزي أصيل منطقة الدغرق من عمادة الخمايرية التي اجتاحتها نيران حرائق الغابات في عدة مرات فطال آخرها بعض المنازل وكان هو من أكثر المتضررين و5 عائلات أخرى من بين 11 ساكنا بذلك المكان الجبلي حيث أتت ألسنة اللهب على كل المنزل المتكون من غرفتين ومطبخ ودورة مياه فهوى السقف واحترق كل الأثاث وأتلفت كل محتوياته كما فقد 10 شياه من15 وهو كل ما تكسبه هذه العائلة التي تجمعت حولنا قائلة إن النيران باغتتنا من كل الجهات ولم تترك لنا متسعا من الوقت سوى للهرب ويضيف رب العائلة أن زوجته تمكنت في أخر لحظة من انقاض شقيقته المعوقة بصريا التي كانت وسط المنزل أثناء حلول الكارثة ثم طالت النيران منزل عمه الطاهر بن مبروك المجاور له فأتت عليه بأكمله وقد طلبوا النجدة من أعوان الحماية المدنية لكن لم يتسن لهؤلاء الوصول في الإبان نظرا لبعد المسافة وقوة السنة اللهب وسرعة انتشارها ويطلب من السلط المحلية والجهوية وخاصة السيد والي الجهة معاينة حالته خاصة وأن أبناءه سيلتحقون بالمعهد وليس له أية إمكانيات ولا أثاث وتعقب ابنته منى حويزي أن جل أفراد العائلة عاطلين عن العمل ومنزلهم قد احترق فهي تناشد الحكومة لمساعدتهم بسكن حتى لا يعودوا إلى ذلك المكان وما تعرضوا إليه من رعب وخوف ظل كابوسا مظلما يعيشونه لعدة أيام. ..