حافظت العائلات الصفاقسية على ما دأبت عليه من استعداد للعودة المدرسية كأحسن ما يكون حيث ما إن فرغت من العيد حتى بدأت رحلة تجهيز الأبناء بمستلزمات العودة المدرسية. فالمتجول في مدينة صفاقس هذه الأيام يشد انتباهه ازدحام المحلات التجارية والمكتبات التي استعدت وتجملت لهذه المناسبة الحدث حيث اعتبرها بعض من دردشنا معهم من تجار ومشترين عيدا وموعد فرحة برغم ما فيها من إنفاق ومصاريف لأنه ببساطة يدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال ويحفزهم للإقبال على الدراسة بعزم وحماسة إذ تتحمل العائلات مصاريف فوق طاقتها وتتداين أحيانا من أجل عودة مدرسية ناجحة في انتظار بقية مصاريف أخرى بدأت تصبح يوما بعد يوم تقليدا أو ربما أمرا لا مفرّ منه لدى غالبية العائلات وهي الدروس الخصوصية.
الحركية في أسواق صفاقس لا تهدأ داخل أسوار المدينة العتيقة وخارجها حيث تنشط التجارة الموازية أو ما يصطلح عليه بالانتصاب الفوضوي حيث تعرض المواد المدرسية شانها شأن الملابس والأحذية والميدعات وكل ما يتصل بالعودة المدرسية والحقيقة أن هذه البضاعة الموازية تلقى رواجا لافتا وإقبالا منقطع النظير لانخفاض أثمانها حيث تعتبر ملاذ «الزوالي» الذي تطارده شتى أنواع المصاريف منذ رمضان وصولا إلى العيد دون نسيان فواتير الماء والكهرباء التي تزامنت مع كل هذه المواعيد. ولم تثن تحذيرات الدوائر الصحية العديد من الناس على ارتياد فضاءات المستلزمات المدرسية المهربة حيث اكتسحت الأسواق الأسبوعية بجميع معتمديات صفاقس وتحولت عربات بيع المواد الغذائية خلال شهر رمضان إلى عربات محملة بالأقلام والألواح والمحفظات وغيرها وحتى بعض المحلات التجارية والدكانين انقلبت فجأة من حال إلى حال فاختفت مواد غذائية وحلت محلها مواد مدرسية.
كل هذه المظاهر دفعت العديد من أصحاب المكتبات إلى رفع نداء للسلط الرسمية حتى تنظف هذا القطاع من الدخلاء وصيّادي الفرص التجارية الذين لا هم لهم سوى الربح السريع على حساب صحة الأطفال وعلى حساب مورد رزق أصحاب المكتبات الرسمية التي تشكو أغلبها الركود طوال العام باستثناء أيام العودة المدرسية... حيث تعود الروح للمكتبات وتزدهر تجارتهم مؤقتا شأنهم شأن باعة ملابس الأطفال والشباب الذين يعتبرون أحسن حال.
الحركية التجارية في صفاقس شملت أيضا وبصورة ملحوظة قطاع التاكسيات وخصوصا أصحاب «اللواجات» الذين عانوا طويلا من الركود خلال فصل الصيف بحكم الحرارة وركون التلاميذ والطلبة إلى راحة العطلة. من جانب آخر لاحظ أغلب الوافدين على أسواق صفاقس هذه الأيام أن موسم الصولد هذا العام لم يشمل ملابس ومستلزمات العودة المدرسية بالشكل الذي يخفف العناء عن الأولياء حيث ظل الصولد مجرد حبر على ورق إن وجد.
بقي أن نشير أنه رغم كل هذه المظاهر السلبية العرضية تحتفي صفاقس بالعودة المدرسية بشكل استثنائي ومميز لا يعرف سره إلا أبناءها الذين لا يعرفون مع نهاية كل عام دراسي سوى التميز وطنيا.