مبروكة المتهني ام شارفت الخمسين من عمرها فجعت في احد ابنيها في حادثة غرق المركب الاخيرة على السواحل الايطالية... تروي ل «الشروق» تفاصيل الايام الاخيرة قبل ان يركب ابنها قارب الموت وتنقطع أخباره . تروي الام الملتاعة في ولدها محمد علي بن غزلان شهر كبكب ابن الثمانية والعشرين ربيعا والقاطنة بطريق سيدي منصور بؤرة «الحرقة» في الجهة بامتياز حتى باتت تجارة للموت تلتهم في كل سنة عددا من شبابها وشباب المناطق المجاورة وحتى البعيدة وتؤكد بأن ولدها وبعد محاولات كثيرة للابحار خلسة في السنة الفارطة كانت تتصدى له فيها وتنزله من مركب الموت لتعود به الى البيت اطمأنت هذه السنة بعد ان وجد ابنها عملا قارا في احدى الشركات بطريق المهدية وانقطع حديثه عن الحرقة وقام ببناء منزل له اواخر شهر جويلية الفارط في انتظار تزويجه في اقرب فرصة.
وتواصل مبروكة حديثها مؤكدة انها اطمأنت كثيرا لوضع ابنها المهني وغياب حديثه عن الهجرة الى ايطاليا ولم تتوقع منه ان يحاول من جديد الهجرة خلسة خاصة وانه في الاسبوع السابق للرحلة المشؤومة اخذ راحة من العمل وذهب الى منطقة «الصغار» لمواكبة مجموعة من الحفلات العائلية فقد كان محبا للحياة وساعيا للأخذ بمباهجها وفرحها بما جعله محبوبا من رفاقه واصدقائه.
وتضيف الام انها لاحظت على ابنها في الفترة الاخيرة انطواء غير معهود فيه فقلل الجلوس والحديث اليهم قبل ان يعود للعمل يوم الاثنين السابق للرحلة المشؤومة ليسهر مبحرا في عالم الانترنيت الى ساعات متأخرة من ليلة الثلاثاء بقيت خلالها امه في انتظاره وقد تعودت الا تنام قبل عودته الى المنزل خاصة وانه وشقيقه كل ما لديها في هذه الدنيا بعد طلاقها من زوجها منذ عشرين سنة كرست فيها حياتها لتربيتهما والعناية بهما رافضة الزواج من جديد.
ويوم الاربعاء اعدت افطار ابنيها قبل خروجها للعمل مطمئنة البال الى ان محمد علي قد عاد الى عمله بالشركة ولكنها علمت في المساء انه لم يعمل فقدمت له الاكل ولكنه رفضه وخير الخروج للسهر مع اصدقائه وقد سأل حينها عن شقيقه ورغب كثيرا في رؤيته ولكنه لم يجده فتوجه الى ابن اخت امه الذي يحبه كثيرا وقبله طويلا وضمه اليه بما اثار استغراب كل من كان حاضرا.
وكان ذلك اخر عهد الام مبروكة بابنها وقد باتت ليلتها ساهرة في انتظار عودته وازدادت مخاوفها مع بزوغ شمس يوم الخميس فاتصلت بكل اصدقائه حتى جاءتها جارتها لتخبرها ان بعض الشباب يتحدثون عن خروج مركب «حرقة» في الليلة الفارطة ومن بينهم ابنها محمد علي لتعلم بعد ذلك من وسائل الاعلام بالفاجعة.
وقد حاولت رفقة اخوتها بكل الطرق معرفة اخباره بالاتصال بالمسؤولين وبالرقم الأخضر الموضوع على ذمة اهالي المفقودين ولكن لم يردها اي خبر يطمئنها على حاله ان كان حيا او ميتا ولم يرد اسمه لا في قائمات الناجين ولا المفقودين ولا الغرقى.
الام مبروكة لا تطلب سوى كشف بعض اسرار ولغز «الحرقة» فالمركب الذي اخذهم وبشهادة الشهود لم يمض على صنعه اكثر من اربعة اشهر فكيف تكسرت الواحه كما تؤكده عديد الروايات وادى الى غرق راكبيه ثم كيف لشاب يجيد السباحة وامتهن الصيد البحري لسنوات ان يغرق قريبا من السواحل الايطالية في حين تنجو امرأة حبلى من الكارثة كما ان من بين الروايات المنتشرة ان خصاما جد بين الراكبين ادى الى غرقهم.
الام لا زالت تحيى على امل ان يأتيها الخبر السار عن ابنها خاصة وانه كما تؤكد ذلك ممن يجيدون السباحة لمسافات طويلة في الاعماق وتطلب من الاطراف المسؤولة ان تتحرك داخليا وخارجيا لمعرفة مصيره ومصير غيره ممن رافقوه الرحلة.