حالة من الاحتقان والغضب عبر عنها أهالي وأصدقاء ضحايا غرق مركب جرجيس في المياه الاقليمية بالسواحل الايطالية والتي راح ضحيتها اكثر من ثلاثين شابا حسب رواية الهادي عثمان احد الناجين اصيلي مدينة قابس وقد قدم الأهالي عبر الوكيل العام لمحكمة الاستئناف عريضة الى وزير العدل لفتح تحقيق في ملابسات الحادثة ومعاقبة المتسببين فيها بعد تأكيدات من الناجين بأن الرواية الرسمية لا تطابق واقع ما حصل. تجمع أهالي واصدقاء «الحراقة» أمام محكمة الاستئناف بقابس وسط حراسة مشددة من الجيش الوطني لتطويق أي اشكال أو تهور نتيجة الغضب الواضح الذي بدا على بعضهم وكان من بين الحاضرين هادي عثمان احد الناجين من حادثة الغرق التي جدت يوم الجمعة الفارط وقد أبدى استياءه مما تم عرضه في الوسائل الاعلامية المرئية واعتبره مجانبا للحقيقة وتزييفا لها. الحكاية كما يرويها هادي ابن الثالثة والعشرين من عمره «بدأت عندما غادرت وصديقي الراحل صالح بن مصطفى بن نصر مدينة قابس والتحقنا بمجموعة من الشباب الراغب في الهجرة انطلاقا من سواحل جرجيس وفي الساعة 12 و45 دقيقة من صبيحة يوم الجمعة صعدنا مركبا بقوة 300 حصان وبدأت رحلتنا في اتجاه السواحل الايطالية وساعدنا الطقس على سرعة المسير وحوالي الساعة الثالثة مساء بدأت آمالنا تكبر في الوصول الى ايطاليا وشاهدنا سواحلها ولم يعد امامنا الا مقدار ساعة من الزمن للوصول وقد تحدث بعض الايطاليين مع «ريس» السفينة وأعلموه ان يغير العلم استعدادا لدخول السواحل الايطالية وان هناك طائرة سترافقنا الى حين بلوغ شاطئ الأمان». «وفعلا حلقت طائرة فوق مركبنا وفي هذا الوقت اقتربت منا بارجة ضخمة تابعة للحرس الوطني فرفعنا ايدينا استسلاما الا أنها واصلت مسيرها حتى قسمت المركب الى نصفين فغرق أغلب من كان نائما في ذلك الوقت وبدأ البعض الآخر يتخبط طلبا للنجاة أمام أنظار أفراد البارجة فقفز عدد من الشباب «الحارقين» كان قد تم القبض عليهم قبلنا لمحاولة انقاذ من لا يحسن السباحة وهو ما ساعد على تقليص عدد الغرقى لينجو من هذه الكارثة 84 شابا من بين حوالي 120 كانوا يحاولون الهجرة خلسة». وينهي هادي حديثة بأنه يحمد ا& على النجاة ولكنه مصر على تكرار المحاولة مرارا وتكرارا فحلم الذهاب الى ايطاليا يسيطر على كل تفكيره ولا يرى حياته الا فيها ويتمنى تحقيق حلمه بطرق شرعية ولكن الأبواب موصدة في وجوه أمثاله من الشباب. الوقفة الاحتجاجية لأولياء وأصحاب المفقودين كانت مناسبة لبعض الاهالي ممن فقدوا أبناءهم في ظروف مشابهة للمطالبة بمعرفة مصير أبنائهم ممن خرجوا منذ سنة 2007 ولم يعلموا عنهم أي خبر وكانت السلطات السابقة تمنع أي اتصال بينهم وبين الصحافة الايطالية او جمعيات حقوق الانسان وقد تحدثت امهات المفقودين سمير المرزوقي وأيمن بوراوي وأيمن جواشي وعبد الرزاق الصويعي بكثير من الحرقة مطالبات بمعرفة مصير ابنائهم ممن غادروا أرض الوطن منذ سنوات ولا يعلمن عن مصيرهم شيئا.