بعد أن صرّح الأستاذ لزهر العكرمي بأن هناك مخططا لاغتيال الباجي قائد السبسي، تلقّى اتهاما في شكل استفهام حول العلاقة بالمخابرات الأجنبية، من زميله الأستاذ عبد الرؤوف العيادي، فردّ العكرمي باتهامه بالهلوسة وقال عليه أن يتوجّه الى مستشفى الرازي للعلاج. فهل تستقيم مثل هذه «المعارك» بين زميلين ينتميان الى نفس المهنة، المحاماة؟ خاصة وأن كيل الاتهامات التي تبلغ أحيانا الى الشتم، يعتبر لدى المحامين، من المسائل غير المقبولة، فالمحاماة من المهن التي توصف بأنها «محافظة» فهي تستند الى قيم أخلاقية ومهنية موروثة عبر أجيال، وتعطى لها الأولوية في العديد من المواقف على ما هو قانوني، أليس مبدأ التضامن هو أساس مهنة المحاماة. المشكل هو أن الأمر لم يقتصر على الأستاذ لزهر العكرمي المحامي والقيادي بحزب نداء تونس، وبين الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المحامي والأمين العام لحزب «الوفاء»، بل سبق تلك المعركة ما صرّح به الأستاذ الشريف الجبالي المحامي للتشكيك في نزاهة ومصداقية زميله الأستاذ شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي اضطرّ للتشكّي لدى الهياكل المهنية والى القضاء.
هذا «النزيف» السلوكي بين أبناء المهنة الواحدة، كيف تعاملت معه هياكل المهنة وأساسا الهيئة الوطنية للمحامين المطالبة والمخوّلة قانونا ومهنيا بالوقوف في وجه تلك الممارسات وإرجاع من أخطأ في حق مهنته الى السكّة.
«الشروق» اتصلت بعميد المحامين الأستاذ شوقي الطبيب، الذي قال إن ما تمّت معاينته هو تلك الخلافات التي طرأت بين عدد من المحامين الناشطين في الحقل السياسي وقال إنه اتصل بصفته عميدا بالأساتذة لزهر العكرمي وعبد الرؤوف العيادي وشريف الجبالي وشكري بلعيد، وذلك على إثر «تصاعد حدّة الخلافات واللّهجة والاتهام» وقال «ذكرت الزملاء بواجب الزمالة والتضامن حتى في إطار العمل السياسي» وأضاف بأن روابط الزمالة أهم بكثير من المسائل الأخرى وأن تلك الخلافات من شأنها أن تمسّ من هيبة المحاماة والمحامي.
وقال إن مهنة المحاماة كان لها دورا أساسيا في ثورة الحرية والكرامة وفي مواصلة العمل على تحقيق أهداف الثورة لذلك فإنه من الضروري أن يعمل المحامون، حسب قوله، على الحفاظ على تلك الصورة الناصعة للمحاماة والمحامين لدى الرأي العام، ودعا العميد زملائه الى التحلّي بواجب الزمالة وتجاوز الخلافات. وقد أبدوا جميعا تفهما وهو ما يعني أنهم سينضبطون الى قوانين مهنتهم وتقاليدها بعيدا عن التنافس والتنازع السياسي.