«أنقذنا البلاد وكانت المرحلة الأولى ونحن الآن في المرحلة الثانية مرحلة التأسيس الدستوري في انتظار أن نشرع في المرحلة الثالثة مرحلة ابناء الديمقراطي». بهذه المقدمة وضع السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة إطار الحوار الذي بثته أمس القناة الوطنية والتي بدا فيها رئيس الحكومة كعادته مبتسما حينا وحاسما حينا آخر ولكن بثقة في النفس أكبر مما ظهر عليه في اللقاءات السابقة.
وركز السيد حمادي الجبالي على موعد 23 أكتوبر وما دار حوله من أوقاويل وتأويلات مختلفة موضحا أنها سوف لن تعدو أن تكون ذكرى مباركة لانتخابات حرة ونزيهة. مؤكدا أنه لا يمكن أن تسقط الشرعية كما يذهب إلى ذلك العديد من الشخصيات والأحزاب لا سيما أن منهم وهو ما استهجنه من يتمتع بتاريخ وبحنكة سياسيتين وبالعودة إلى المرحلة التي تعيشها تونس اليوم والتي وصفها رئيس الحكومة أنها المرحلة الثانية من التأسيس الدستوري قال إنها تتضمن رهانات كبيرة منها تنظيم الاعلام والقضاء وسن قانون انتخابي وهي كذلك وفي نفس الوقت مرحلة تسيير شؤون البلاد وما تفرضه هي أيضا من تحديات عديدة ودعا رئيس الحكومة إلى التعجيل بكتابة الدستور حتى نتفرغ لبناء تونسالجديدة بعد أن يقع تسليم السلطة إلى من سيفوز بالانتخابات. وأوضح السيد حمادي الجبالي أن كتابة الدستور لئن كانت أهم نقطة تندرج ضمن محطة المجلس الوطني التأسيسي فهي كذلك شأن كل المجتمع التونسي بمختلف مكوناته المدنية والفكرية والسياسية.. مؤكدا أن مختلف لجان المجلس تعمل بالتشارك مع كل أصحاب الرأي والاختصاص للتقدم في مشروع الدستور.
وفي نفس السياق المتعلق بكتابة الدستور أكد السيد حمادي الجبالي أن أهم نقطة هي المتعلقة بتحديد النظام السياسي للبلاد وهو ما يفرض علينا الاتفاق حول هذه النقطة حتى نتجنب التعطيل والتأخير ونبتعد عن الذهاب إلى تنظيم استفتاء سيهدر وقتا طويلا وفي ما يتعلق بالهيئة الانتخابية وأوضح السيد حمالي الجبالي أن المشكلة تتعلق برئاسة هذه الهيئة التي يمكن أن تتم إما بالتوافق أو الانتخاب مضيفا أنه يميل إلى الاختيار الثاني والتعجيل بتشكيل هذه اللجنة التي ستسهم في تحديد روزنامة واضحة يلتزم الجميع بالمواعيد التي سيقع ضبطها. وواصل رئيس الحكومة إجاباته ليشير إلى أن المبادرة التي تقدم بها الاتحاد يمكن أن تكون الاطار الأنسب لجمع كل الأطراف السياسية متى توفرت الإرادة الجماعية مبرزا أن هذه الارادة متوفرة من جانب الحكومة بنفس القدر الذي يتوفر لدى حزب النهضة وأن داخل «الترويكا» هناك سعي جاد لتحديد هذه المواعيد وانجاز الانتخابات في المواعيد التي وقع الاعلان عنها منذ أشهر.
ولم يخف رئيس الحكومة الصعوبات التي تواجهها حكومة «الترويكا» معترفا أنه كان علينا أن نتكلم بشفافية أكثر مع شعبنا لنوضح التحديات الكبيرة والعديدة المطروحة ولنبرز أن التركة كانت ثقيلة بأبعادها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية.
كما ساهم الوضع الاقتصادي العالمي في تعميق الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية لكن استدرك قائلا إننا بصدد بناء مشروع يتضمن ترجمة لطموحات عديدة وأحلام كبيرة. وعلى الجميع أن يتبنى هذا المشروع وهذه الأحلام ولا يمكن أن يكون ذلك بالاضرابات والاعتصامات.
وتطرق رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي خلال حواره التلفزي ليلة أمس إلى موضوع اصلاح الجهاز الأمني واعتبر أن هناك حرجا كبيرا من حجم الهالة التي كانت توصف بها الآلة الأمنية في المقابل أبرز أن الحكومة المؤقتة تسعى بكل جهدها للانتقال بجهاز الأمن من ما وصفه بأمن الأفراد والأحزاب إلى الأمن الجمهوري الذي يخدم المواطن والدولة وشدد في هذا الاطار على ضرورة توفير الحماية للمؤسسة الأمنية مبيّنا أن الأمن يتلقى طعنات من الخلف من المنظومة السياسية والاعلامية وحتى داخل السلطة نفسها على حد تعبيره.
ولدى حديثه عن موضوع الاعلام أكد الجبالي أن حرية الاعلام هي ركيزة من ركائز الديمقراطية مبرزا أن الحكومة ليس لها صراع مع الاعلام ودافع في المقابل عن حق السلطة في التعيينات الوظيفية والادارية على رأس المؤسسات الاعلامية العمومية دون أن تتدخل هذه التعيينات في الخط التحريري. من جانب آخر تتطرق الجبالي إلى موضوع ما يعرف بالقائمة السوداء للاعلاميين وأوضح في هذا الاطار أن الحكومة لا يمكن أن تكون طرفا في الكشف عن ملفات الفساد وأضاف أن ذلك يبقى من مشمولات القضاء.