دعا رئيس الحكومة المؤقتة، حمادي الجبالي، الأطراف التي تعتبر 23 أكتوبر موعدا لانتهاء شرعية الحكومة المؤقتة والمجلس الوطني التأسيسي، إلى “الابتعاد” عن اعتماد ما أسماه بسياسة “الفزاعات”، قائلا في السياق ذاته “خطير جدا ما تقوله بعض الأطراف بأن شرعية المؤسسات التي تسير البلاد تنتهي يوم 23 أكتوبر.. لأن هذا الاجتهاد لا يصب في مصلحة البلاد واستقرارها”. وأضاف خلال لقاء حواري تلفزي على القناة الوطنية التونسية مساء الجمعة، قوله “الأخطر أن الأمر صادر عن شخصيات محنكة في العمل السياسي” كان أجدر بها، حسب تعبيره، أن “تتسلح بالحكمة..”، مضيفا “بهذا الكلام نسعى إلى نسف ما قمنا به بعد الثورة”. وشدد في الصدد على حرص الثلاثي الحاكم والحكومة المؤقتة على تشريك الجميع في انجاز الاستحقاقات الدستورية. وبخصوص مسألة شكل النظام السياسي المقبل للبلاد التي مثلت نقطة خلافية أعاقت التقدم بنسق أسرع في صياغة الدستور، قال الجبالي إنه لا بد على الثلاثي الحاكم وغيرهم من مكونات المشهد السياسي، التوافق بشان هذه النقطة للتعجيل في مهمة صياغة الدستور، معتبرا أن الفشل في حسم هذا الملف قد ينجر عنه المرور إلى تنظيم استفتاء شعبي بخصوص مشروع مسودة الدستور بما سيهدر كثيرا من الوقت. وأضاف قوله في الموضوع ذاته “يجب الاتفاق بشأن هذه المسألة في أقرب وقت ونحن نسعى داخل الترويكا إلى ذلك إلى جانب حسم مسالة رئاسة الهيئة المستقلة للانتخابات التي ما زال موضوع رئاستها موضع خلاف بين الثلاثي الحاكم”. وشدد رئيس الحكومة على أنه إذا تم الاتفاق بشأن هذه النقاط الخلافية ستتحدد رزنامة واضحة لمختلف مواعيد الاستحقاقات الانتخابية القادمة، مؤكدا وضوح الإرادة السياسية في التسريع بوضع رزنامة للمواعيد التي تم الإعلان عنها سابقا والتي من بينها تنظيم الانتخابات في الربيع القادم إن تم الانتهاء من صياغة الدستور قبل نهاية السنة الجارية. وعن المبادرات السياسية التي تم الإعلان عنها خلال المدة الفارطة للخروج بالبلاد من الوضعية الراهنة، رحب حمادي الجبالي بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، التي قال إنه بإمكانها أن تكون مبادرة يلتقي حولها الجميع لابتعادها عن التجاذبات السياسية. وفي جانب آخر من حديثه عبر حمادي الجبالي عن تخوفه من التهديدات التي تطال المجتمع التونسي من قبل جماعات الغلو والعنف ومن تنامي نعرات العروشية والجهوية والتناحر الحزبي مؤكدا أنه سيتم التصدي بكل حزم لكل أنواع العنف الموجه ضد المجموعة الوطنية ولمن اسماهم “دعاة الفوضى”. وقال في السياق ذاته “سنقاضي كل من يمارس العنف ضد المجتمع ومصالح البلاد وسنوقف كل من يتطاول على هيبة الدولة.. هذه مبادئ لا سبيل للتهاون فيها او التفاوض بشأنها”. كما دعا إلى عدم الزج بالمؤسستين الأمنية والعسكرية في الحسابات الشخصية والصراعات الانتخابية ،مشيرا إلى الجهود المبذولة لإرساء أمن جمهوري لا ولاء له إلا لتونس. واعتبر رئيس الحكومة المؤقتة الإعلام ركيزة أساسية من ركائز البناء الديمقراطي في البلاد داعيا في الآن ذاته الإعلاميين إلى الابتعاد عن التحزب عند أداء رسالتهم النبيلة. وبخصوص دعوات بعض الأطراف لتشكيل حكومة وحدة وطنية لم يغلق حمادي الجبالي الباب أمام هذا الخيار الذي قال بشأنه “تشكيل حكومة من هذا القبيل ينطلق من برنامج واضح ووفاق وطني وإن اقتضت مصلحة تونس اعتماد هذا الخيار فلن يكون الباب موصدا في وجهه”. وبخصوص تنامي سقف المطالب الاجتماعية وكثرة الاحتجاجات أشار رئيس الحكومة المؤقتة إلى أنه كان من الأجدر مصارحة الشعب التونسي بالوضعية الحقيقة التي كانت عليها البلاد بعد الثورة وبحجم الرهانات المطروحة أمامها. واعتبر أن حجم التحديات المطروحة “تركة موروثة من عهد الديكتاتورية السابقة” زادها حدة، حسب رأيه، السقف العالي للمطالب الاجتماعية والوضع الاقتصادي العالمي الصعب. وانتقد رئيس الحكومة المؤقتة سياسة التواكل لدى فئات من المجتمع التي لا تعلي قيمة العمل والجهد والتي تؤكدها بحسب رأيه وجود 78 ألف عامل مسجل في الحضائر مشيرا إلى تلقي الحكومة مائة ألف مطلب شغل في مختلف القطاعات. وأوضح الجبالي انه رغم الرهانات المطروحة على الاقتصاد الوطني فإن نسبة النمو الوطني بلغت خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية 3 فاصل 3 بالمائة وهو ما أكدته مؤشرات صندوق النقد الدولي الذي قام بمراجعة مؤشر النمو في تونس وقدره بنسبة 3 فاصل 25 بالمائة. وأفاد في جانب آخر من الحوار التلفزي أنه تم منذ بداية السنة الجارية إحداث 61 ألف موطن شغل إضافة إلى 31 ألف موطن شغل في الوظيفة العمومية والمنشات العمومية مشيرا إلى أنه بالإمكان مع موفى السنة الجارية تحقيق أكثر من 100 ألف موطن شغل خلافا للسنة الماضية التي شهدت فقدان 135 ألف عامل لمواطن شغلهم. وعن الوضع الاقتصادي في البلاد أوضح الجبالي أن ما يواجهه الاقتصاد الوطني راجع إلى تخوف أصحاب رؤوس الأموال من التونسيين من عدم وضوح الرؤية عن مصيرهم وعن مصير مشاريعهم، قائلا إن هذا الوضع لن يطول وذلك بالإسراع بمحاسبة الفاسدين عبر القضاء ورفع حظر السفر عمن اثبت القضاء براءتهم من التهم المنسوبة لهم فضلا عن إرساء مناخ استثمار يشجع رجال الأعمال على الاستثمار.