قامت وزارة المرأة بحصر رياض الأطفال القرآنية في قائمة استجابة لطلب وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة وحددت جميع الإخلالات الموجودة في انتظار تنفيذ قرارغلق 18 روضة. في ظل خروج المرأة للعمل أصبحت رياض الأطفال عنصرا أساسيا في تنشئة الأطفال والمساهمة في تربيتهم كما أن وعي المجتمع التونسي تطور في اتجاه اختيار وضع الطفل في روضة حتى وإن كانت المرأة لاتعمل وذلك قصد الاختلاط بالأطفال.
وموضوع رياض الأطفال مطروح بصورة ملحة في مجتمعنا اليوم نظرا لأهميته لا سيما في ظل الإخلالات الكثيرة الموجودة وبعد الثورة ظهرت الرياض القرآنية التي أثارت اهتمام الرأي العام لا سيما في ظل عدم خضوعها لأي قانون وازداد خوف الهياكل المعنية بالطفولة من أدلجة الأطفال وحرمانهم من طفولة طبيعية وتلقينهم ثقافة سلفية تجاوزها الزمن كالفصل بين الإناث والذكور وارتداء الحجاب للإناث واللباس الطويل للذكور. والسؤال ماهو رأي المختصين في هذه المسألة ؟ وماذا عن موقف وزارة شؤون المرأة والطفولة والمسنين ووزارة الشؤون الدينية منها؟
مرجعية ضيقة
ذكر الأستاذ ماهر تريمش أخصائي في علم النفس التربوي أن المطروح حاليا هو تنشئة رياض الأطفال على مرجعية ضيقة منغلقة على ذاتها . وأوضح أن الكتاتيب تنشئ الأطفال على مرجعية دينية وهذا جزء من الثقافة التربوية في تونس كأن يعرف الطفل الله والرسول وغيرها من قيمنا الدينية الإسلامية لكن الخوف من رياض الأطفال القرآنية المتخصصة أن تنشئ الأطفال على قيم دينية معينة وهذا يقابل تنشئة أخرى في رياض أطفال أخرى تعتمد على أغاني المزود ومحاولة ترسيخ ثقافة هجينة على الثقافة التونسية.
وأشار إلى أن الخطر يوجد هنا وهناك ونحن لا نحب لا هذا ولا ذاك
وأضاف أن الإشكال في تركيز رياض أطفال قرآنية يكمن في السقوط في خلق طوائف منذ الصغر . وأكد أن رياض الأطفال هي مسؤولية وزارة المرأة التي يجب أن تعمل على تنظيم القطاع بصورة عامة وتشترط أن تتوفر بها برامج واضحة للتنشئة يطبقها كل الرياض وتقع مراقبتهم لرفع الإخلالات والمخالفات للبرنامج العام الذي ينسحب على الجميع تماما كما المدارس والقطع مع ما هو موجود الآن حيث أن كل روضة أطفال «تغني على ليلاها». وختم لو لم يتم التدخل الفوري للحد من التجاوزات وتنظيم القطاع فإنه من الثابت أن تتطور المسألة لنجد رياض أطفال شيعية وأخرى وهابية وأخرى فرنكفونية..إلخ .
نحن مع الفكرة لكن وحول موقف وزارة الشؤون الدينية من هذه الرياض التي تحمل تسمية دينية أفاد السيد الصادق العرفاوي مستشار وزير الشؤون الدينية أنها من ظواهر ما بعد الثورة حيث ظهرت أشياء كثيرة غير خاضعة لقوانين تنظمها. وأفاد أن كل هذه الأشياء مؤقتة ومن إفرازات الثورة ونحن بصدد تنظيم كل هذا وبخصوص رياض الأطفال القرآنية قال: «اتصل بنا بعض الأشخاص واقترحوا بعث مثل هذه الرياض على غرار المدارس القرآنية فقلنا نحن مع الفكرة في انتظارالسند القانوني. واستدرك قائلا: «وجدت هذه الرياض في ظل عدم احترام القوانين وضعف الدولة وهي لا تخضع لمراقبة أي طرف».
يا خيبة المسعى
تحفيظ القرآن هو من أجل الأعمال التي يقوم بها المسلم ومن أعظم القربات إلى الله حيث نجد الكثير من الأحاديث التي تحث على تحفيظ القرآن والقيام بذلك سواء داخل الكتاتيب أو المدرسة أو رياض الأطفال شيء طيب بشرط أن لا يوظف في خدمة فكرة سياسية أو إيديولوجية أو يؤدي إلى الإنحراف عن المعاني الزكية للقرآن الكريم . وفسر بأن القرآن يجب أن يكون تأويلا صحيحا بعيدا عن كل هدف سياسي وإيديولوجي خاصة إذا كان يدعو إلى التطرف وزرع الكراهية بين الناس . وأضاف أن الذي يقوم بتحفيظ القرآن يجب أن يتقي الله في هؤلاء الأطفال وإذا كان يحمل إيديولوجيا معينة فلا يجب أن يوجه لها الأطفال. وقال: «نعم لحفظ القرآن لا لتوظيفه إيديولوجيا وزرع أفكار تحث على الكراهية والفتنة والبغظاء لأنهم أمانة في أعناقنا وهم أيضا صفحة بيضاء يجب أن نخط فيها ما هو جيد».
وقال: «لقد اطلعت على ما تفعله هذه الرياض حيث اطلعت على فيديو يمجد بن لادن و الظواهري والملا عمر فياخيبة المسعى».
خطورة
استاءت نبيلة التليلي رئيسة الغرفة الوطنية لرياض الأطفال في أكثر من مناسبة من انتشار هذه المدارس في عديد الأحياء بالعاصمة. وحذرت من خطورة المدارس القرآنية التي قالت إنها مؤسسات تجارية باسم الدين تتولى تلقين الأطفال دروسا تفوق طاقاتهم الذهنية كالتفرقة بين الجنسين وفرض الحجاب في سن مبكرة.
وأشارت في بعض الإجتماعات المنعقدة لتدارس وضع القطاع أن هذه الرياض لا تخضع لأي قانون ويجب العمل على الحد منها قبل انتشارها. وللإشارة فإن قطاع رياض الأطفال كان يشكو في السابق من عديد الإخلالات وكثرة الدخلاء فتزايد حجم المأساة بظهور هذه الرياض غير المهيكلة . واعتبرت أن هذه الرياض تحرم الطفل من اللعب والتمتع بطبيعته الحركية التي يفجر فيها جميع الطاقات الكامنة بداخله لتساهم في تكوين شخصيته شيئا فشيئا.
هي رياض فوضوية
مصادر من وزارة المرأة أكدت أن هذه الرياض لم تحصل على ترخيص لا من طرفها ولا من طرف وزارة الشؤون الدينية وهي بالتالي رياض فوضوية لا تحترم القانون.
وذكرت مصادرنا أن الوزارة راسلت وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة فطلبا منها القائمة فقامت بمدهما بالقائمة الكاملة في الرياض التي تم بعثها فطلبا منها مجددا نوعية التجاوزات والإخلالات فمدتهما بها . وأفادت الوزيرة خلال الندوة الصحفية التي عقدتها أول أمس أنه سيتم غلق 18 روضة.