وضعت الفتاة المغتصبة قطعة من القماش الأسود على رأسها لكي لا تستطيع كاميراوات الإعلام ان تكشف ملامح وجهها الحزين، واضعة على جسدها الصغير لحافا غطت به ما كشفه عونا الأمن حين تداولا على اغتصابها وهتك عرضها لمدة 75 دقيقة. «لقد اغتصبوني مرتين، الأولى جاءت من قبل عوني أمن والاغتصاب الثاني حين وقفت كمتهمة للمرة الثانية بتهمة القيام بفاحشة في الطريق وهذا عار تماما عن الصحة». هكذا استهلت الضحية كلامها ل«الشروق» اثر خروجها من المحاكمة التي هزت مشاعر الرأي العام.
محدثتنا التي كانت في وضع نفسي صعب أضافت بكلمات متقطعة «كلما سألني القاضي هل وجدك عونا الأمن وأنت بصدد ممارسة الجنس؟ تعود بي الأحداث الى عملية الاغتصاب التي تعرضت لها وفي كل مرة يسألني أجيبه: «لم أكن في وضع يخدش الحياء، كنت لحظتها أتحدث مع صديقي في سيارتي الى ان حضر الأعوان الثلاثة لتبدأ رحلة العذاب معهم».
اغتصب قاصرا
وأفادت الضحية أن أحد عوني الأمن الذي اغتصبها اعتدى سابقا على فتاة قاصر تبلغ من العمر 16 سنة واغتصبها واستطاع بنفوذ عائلته ان يمحو آثار جريمته لأن أحد أقربائه مسؤول أمني رفيع، وأنا اليوم متمسكة أكثر بتتبعهم عدليا لأحمي كل فتاة قد تتعرض للاغتصاب لأنه لو تم إيقاف هذا المجرم حين اغتصب الطفلة في المرة الأولى لما وصل الى هذا الفعل مرة أخرى.
وأضافت الفتاة المغتصبة ل«الشروق» انها تشكر كل الجمعيات والمنظمات وهيئة المحامين ومدوني صفحات الفايسبوك وأعضاء المجلس التأسيسي والنساء اللاتي حضرن لمساندتها وكل شخص آمن بقضيتها.
كما استغربت ايضا الاشاعات التي تطلق عليها منذ أن أصبحت القضية معلنة للرأي العام ويحزنني كثيرا ما يحاك حولي ووصل الأمر بالبعض الى اتهامي بأشياء بعيدة كل البعد عن الواقع وتهجمت عليّ بعض صفحات الفايسبوك المتشددة ولكن لن يثنيني اي شخص مهما كان للدفاع عن حقي وحق كل امرأة تونسية.
صديق الفتاة : «لا تراجع»
لم تكن الفتاة وحدها المتهمة في هذه القضية بل صديقها ايضا والذي أفادنا بدوره ان التهمة الموجهة اليهما كيدية ولا صحة لها بل أطلقها أعوان الأمن ليهربوا من تحمل المسؤولية مضيفا ان القاضي تعامل معهما كمتهمين وسألهما عن الحالة التي كان عليها حين وجدهما الأعوان وأجاب بأنه كان بصدد الحديث مع الضحية ولم يمارسا الجنس لحظتها.
كما أضاف محدثنا ان هيئة المحامين التي تولت الدفاع عنهما ساعدتهم كثيرا منذ بداية الاعلان عن القضية شاكرا كل المحامين الذين ساندونهم ووقفوا الى جانبهم ودعموهم الى هذه اللحظة قائلا: «هذه الهيئة جعلتني أتماسك وأواصل الدفاع عن كرامتي وكرامة صديقتي التي أهينت بالاغتصاب».
وأفادنا محدثنا انه في حالة اعتباره متهما في قضية القيام بفاحشة في الطريق العام مع صديقته فهذا يعتبر جريمة في حق كل فتاة تعرضت للاغتصاب قائلا: «بهذه الطريقة لن تتشجع اية ضحية وتقدّم قضية ضد مغتصبها فأنا شجعت صديقي وخطيبتي لتقدم شكوى لأني رأيت القهر في عينيها ولو لم نقم بهذه الخطوة لعاشت ما تبقى من عمرها حزينة مقهورة غير قادرة على نسيان الاغتصاب الذي تعرضت له بوحشية وبلا رحمة من قبل ضابطي أمن لم يرحما جسدها الضعيف.