«شركة النقل بالساحل بين المرفق العمومي ورزق البيليك» كان محور الندوة المنعقدة السبت الماضي بأحد نزل القنطاوي بحضور وزير النقل عبد الكريم الهاروني وولاة سوسة ،المهدية والمنستير.. وتم خلال هذه الندوة تشخيص واقع قطاع النقل بالجهة. اعتبر الوزير أن «أقوى النقابات في العالم هي التي تتواجد في قطاع النقل نظرا لتأثير هذا القطاع على المواطن إذ بتعطله تتعطل جميع المصالح» ، مؤكدا في نفس السياق التغييرات العميقة التي عرفها هذا القطاع.
وأضاف الهاروني» لم نعد نجتمع للاحتجاج وبسط المشاكل والحديث عن الماضي رغم أهمية ذلك بل أصبحنا نتحدث عن المستقبل ونفند الآراء التي تجعل من خسارة المرفق العمومي شيئا بديهيا ونحن عازمون في وزارتنا على جعل قطاع النقل مرفقا مربحا وليس عبئا على الدولة».
«واقع شركة النقل بالساحل غداة الثورة» كان عنوان المداخلة الأولى التي أمنها الرئيس المدير العام للشركة المنصف بن سالم مقدما تشخيصا دقيقا بالأرقام حول إمكانيات الشركة،والصعوبات التي تواجهها مقترحا بعض الحلول لإنقاذها.
وأوضح بن سالم أن الشركة تواجه صعوبات أولها الموارد البشرية حيث تعاني من نقص كبير ومزمن في عدد الأعوان بسبب سياسة الانتدابات القديمة المنتهجة، ومن تدني نسبة التأطير إلى حدود 4.4 بالمائة مقابل 7 بالمائة على مستوى الشركات الأخرى إضافة إلى تنامي ظاهرة العجز الصحي وضعف الهيكل التنظيمي الحالي المعيق للسير العادي للعمل.
وأشار الرئيس المدير العام إلى أن الأسطول يعاني من التأخير في الاستثمارات المبرمجة في المعدات من سنة 2007 إلى 2011 حيث وقع تأجيل اقتناء 127 حافلة لسنة 2012 إضافة إلى انعدام التوازن بين حاجيات الشركة من الحافلات من جهة وتمويل الاقتناء من جهة أخرى إذ لم يتم اقتناء غير 52 حافلة في 2011 في حين تحتاج الشركة إلى 147 حافلة مما سبب الاستغلال المفرط للحافلات.
ويشكوالأسطول من تعدد ماركات الحافلات (9 ماركات) مما أثر سلبا على مستوى التصرف في قطع الغيار وإشكاليات الصيانة ، كما أبرز بن سالم الفوارق بين ما كان مبرمجا من مشاريع اقتناء حافلات جديدة وما تم انجازه وهنا سجلنا عدة تجاوزات مالية واضحة، من بين الصعوبات الأخرى ملكية العقارات التي تحتاجها الشركة لبناء المرافق الضرورية لها.
أما على مستوى النشاط فلم تتمكن الشركة من مواكبة التطور العمراني والبشري بمنطقة الساحل فضلا عن انخفاض السرعة التجارية للحافلات (8 كم/س) بسبب الازدحام على الطرقات مما ساهم في اختلال مواعيد السفرات وأيضا مشكل اكتظاظ الحافلات إلى جانب التنامي المفرط وغير المدروس لعدد الرخص المسندة للنقل غير المنتظم وتفاقم ظاهرة الركوب دون مقابل وأعمال الشغب والاعتداء على الأعوان وعلى الحافلات والنقص الفادح في الواقيات وجودة الخدمات بالمحطات.
وتواجه الشركة صعوبات مالية فهي مدينة للشركة التونسية للبترول بأكثر من سبعة مليون دينار ولصندوق الضمان الاجتماعي بقرابة خمسة مليون دينار وبلغت جملة الديون المتخلدة45 مليون دينار اي بنسبة ارتفاع قدرها 42 بالمائة بالنسبة لسنة 2010 إضافة إلى انخفاض في الموارد الذاتية بنسبة 13.5 بالمائة في 2011.
حلول مقترحة
أمام هذا الواقع اقترح المنصف بن سالم جملة من الحلول منها القيام بإصلاحات عاجلة بالهيكل التنظيمي، ضبط البطاقات الوظيفية وبطاقات المهام ، وضع قانون إطار يتماشى مع حاجيات الشركة ، تلبية ما تحتاجه من أعوان مع إرساء معايير موضوعية للترقيات والتحفيزات ودعم الإحاطة الاجتماعية وحسن الإحاطة بالأعوان في مجال الصحة والسلامة المهنية
ومن الحلول المقترحة تجديد وتوسيع الأسطول مع إحكام تنظيم النقل بالجهة وإعادة هيكلة خطوط الشركة والنظر في امكانية التطهير المالي والتغطية الكاملة للنقص المسجل في مداخيل النقل المدرسي والجامعي مع إحداث خطوط جديدة بين المدن .
ومن جانبه تعرّض المحامي معز السافي ورئيس منظمة «محامون ضد الفساد» إلى مسألة «رزق البيليك» من حيث كونها عقلية همشت المؤسسات العمومية ونهبت ممتلكاتها من طرف السلطة الحاكمة في عهدي بورقيبة وبن علي واستفاد منها ايضا المقربون منهما محققين ثروات على حد تأكيده.