الخميس الماضي كان أسوأ الأيام التي عرفتها مدينة سليانة على الإطلاق يوم فقدت المناضل مصطفى الجلاصي، والكل يعرف عن تاريخه النضالي وعن معاناته في سجون بن علي. وكانت الشروق قد زارت الراحل ونقلت شهادة عائلته عن معاناته. في جنازة اختلطت فيها كل الفئات العمرية في ولاية سليانة تم تشييع جنازة المرحوم مصطفى الجلاصي رحمه الله.
جنازة لم يحضرها ممن يتشدقون الان بالحرية وبرفضهم لطغيان بن علي... انتفض صحبة احرار سليانة في سنوات القمع والتعتيم الاعلامي , عندما انتفض الاهالي لأنهم رفضوا الطغيان عكس ما روج في العديد من وسائل بأن المعركة كانت نتيجة لمباراة كرة القدم بين اتحاد مكثر واتحاد سليانة عبارة عم مصطفى الشهيرة التي رددها صحبة الثوار في اوائل التسعينات «خبز وما وبن علي لا» لا تزال الى الان تتردد في كامل ارجاء الولاية وكلهم فخر بأنهم من الاوائل الذين وقفوا ضد بن علي كما بورقيبة...
هم عم مصطفى الشعور بالحرية وقد نالها فعلا وعايش البعض منها بعد رحيل الطاغية لكن الحرية تنعمها وهو ممدد على الفراش في احدى اركان بيته المظلم ولم يطرق بابه احد من مناضلي الحرية سوى بعض الاقارب او رفاقه في الكفاح.
آخر عهدنا به كان نهاية الأسبوع الماضي عندما انتقلت الشروق الى منزل المرحوم وأخذنا شهادة عائلته عن معاناته وعن ظروفه الصحية. ويبدوا أن الفقيد فارق الحياة بعد أحس أن نشر وقائع انتفاضة 1990 رد لاعتبار انتظره طوال حياته وقضى الليالي الطوال في سجون الظلم يحلم بيوم يقدم فيه للرأي العام على أنه بطل لا مخرب كما أراد النظام السابق تصويره.
كنا قد ذكرنا لكم معاناة الفقيد وفقدانه للنطق وعن تلك النظرة التي لا تنسى. نظرة التحدي لن تمحى من المخيلة ومآثره ستظل خالدة في أذهان كل سكان المدينة.
وفاة مصطفى الجلاصي كانت نهاية تراجيدية لرجل شجاع رفض ورفاقه الطغيان والظلم وانتصر للحق. لن تكفي عبارات التعزية على اختلافها لا عائلة المرحوم ولا أهالي سليانة.
ولما التعزية ومصطفى الجلاصي لا يزال حيّا في عيون أبنائه في عيون رفاقه كما يجب أن يكون في عيون التونسيين.