رغم مضي قرابة شهر على العودة المدرسية، إلاّ أنّ عديد المدارس الابتدائية في جهة المهدية، خصوصا في المناطق الداخلية والنائية مازالت تعاني من افتقار الإطار التربوي وغياب المعلمين، وهوّ ما أثّر سلبا على سير الدروس الطبيعي في هذه المدارس لتتوقّف تماما في البعض الآخر، وكأنّ ما تعيشه هذه المناطق من عزلة تامّة وتهميش وتقصير متواصلين لم يكفها، لتزيد معاناة أبنائها من غياب المعلّمين وحرمانهم من حقهم في تحصيل العلم والتمتّع بأبسط حقوقهم التي يكفلها القانون وهم الذين يتكبدون عناء التنقل لمسافات تزيد عن 10 كيلومترات يوميا، ليعودوا أدراجهم بخفي حنين كل مساء في ظل غياب الحلول الجذرية والعاجلة لحلّ هذا المشكل. مصدر نقابي أكّد أنّ عدد الشغورات الموجودة في كامل مدارس الجهة اليوم يناهز ال240 والسبب يرجع بالأساس إلى خروج 50 معلما في إطار حركة نقل المعلمين بين الجهات لم يعوضهم سوى 17 مدرّسا، والأهم من ذلك هوّ تأخّر تسوية 120 وضعية للمعلمين المتعاقدين في السنة الفارطة وهو ما ترك فراغا كبيرا في المدارس الداخلية بما أنّ هذا الإشكال غير مطروح بالمدارس الموجودة في مراكز المدن والمعتمديات، مضيفا أنّ وزارة التربية تتحمّل مسؤوليتها كاملة في تأخّر استئناف الدروس في هذه المدارس بسبب عدم الإيفاء بالتزاماتها في ما يخصّ تنظيم القطاع وانتداب ما يكفي من المعلمين الأكفاء والمتكونين من حاملي الشهائد العليا، وإيقاف التعامل في هذا القطاع الحساس بطريقة سدّ الشغورات والذي تضرّر منها التلميذ في المقام الأول، بالإضافة إلى ما يعيشه الأولياء من قلق وحيرة متواصلين نغّصت عليهم وعلى أبنائهم فرحة العودة إلى المدرسة.
الأولياء بدورهم وأمام الحالة المزرية التي تعيشها هذه المدارس، راسلوا الإدارات المعنية والسلط الجهوية في هذا الموضوع أمدونا بنسخ منها، وعبّروا عن استيائهم ممّا وصل إليه حال قطاع التعليم في ظلّ تواصل العمل العشوائي وعدم جدية طرح المواضيع الهامة والحساسة التي طغت عليها التجاذبات السياسية والولاءات والمحسوبية بما يقيم الدليل أن لا شيء تغيّر على الإطلاق مقارنة بالماضي، وأنّ الحديث عن إصلاح منظومة التربية، وإعادة هيكلتها من جديد لم تتجاوز مرحلة الوعود دون شروع حقيقي في تجسيدها على أرض الواقع.