نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير مؤخرا في قضيّة قتل ذهب ضحيتها شيخ في عقده السادس ليلة زفاف ابنه على يد أب وابنه كانا من بين المدعوّين. وقد تلقّى الضحية طعنتين كانتا كفيلتين بازهاق روحه في الطريق الى المستشفى. تعود أطوار هذه القضية التي وصفها احد المحامين المترافعين فيها بالمقرفة الى شهر جويلية من سنة 2002 باحدى مدن ولاية المهدية حيث كان الضحية وهو شيخ في عقده السادس منهمكا في الاعداد لحفل زفاف ابنه بتوفير كل ما يلزم ليكون العرس في مستوى آماله وتطلّعاته. فوجّه الدعوة الى كل الاحباب والاصحاب دون ان يعلم ان القدر يخبئ له نهاية مؤلمة. أحرجهم برقصه من بين المدعوين الى حفل الزفاف شاب في الواحدة والعشرين يعمل بحّارا وتربطه بالعريس علاقة قرابة. ولتأكيد متانة هذه العلاقة قرّر يومها الاحتفاء بالمناسبة السعيدة والتعبير عن فرحه بطريقته الخاصة، فبعد ان ساهم في الاعداد لمراسم الزفاف ومدّ يد المساعدة الى أسرة العريس بقضاء بعض الشؤون. اقتنى كميّة من الخمر والغلال وجلس مع صديقيه في مكان ناء. ومع بداية الليل تحوّل الى المنزل الذي سيقام به حفل الزفاف واخفى في جيب سرواله الخلفي السكين التي استعملها في قص الغلال خلال جلسته الخمرية. وما إن وطئت قدماه المكان حتّى اهتز طربا. فتمايل على أنغام موسيقى الفرقة الشعبية التي كانت تحيي الحفل. ونظرا الى حالة السكر التي كان عليها فقد تعمّد الاقتراب من المكان المخصص للنسوة ويبدو أنه قام ببعض الحركات والتصرفات التي ازعجت الحاضرين واحرجت اهل العريس وخاصة والده الذي ضاق ذرعا بسلوك ضيفه المزعج، ولتفادي ما من شأنه ان يعكّر صفو زفاف ابنه طلب من الفرقة الموسيقية التوقّف عن العزف معلنا انهاء الحفل وأشار للشاب بمغادرة المكان. طعنتان اغتاظ الشاب لهذه النهاية التي لم يكن ينتظرها. وأحس ان كرامته قد أهينت وأن مزاجه قد تعكّر وهو في اوج النشوة بالرقص والموسيقى فهاج ورفض مغادرة الحفل ثم شرع في التفوّه بالكلام البذيء. فتدخّل والده ونهره ثم امسك به صحبة بعض الحاضرين واخرجوه من الحفل. عاد الاب الى مكان الحفل بعد ان طلب من ابنه الرجوع الى المنزل. لكنّ الابن المخمور رفض الانصياع لاوامره وقرّر الانتقام فرجع الى الحفل متظاهرا بالندم عما بدر منه طالبا من الجميع مواصلة رقصهم وفرحهم. وسرعان ما عاد للرقص وعاد الى استفزازاته الاولى فاقترب منه والد العريس ليثنيه عن ذلك لكن الشاب التحم به وتشابك معه فقفز الأب من مقعده فأحاط بوالد العريس في محاولة لشلّ حركته ونصرة ابنه الذي استغلّ الفرصة واستلّ السكين التي كان يخفيها وسدّد بها طعنة اولى الى والد العريس استقرّت في قلبه اردفها والد الشاب بطعنة اخرى فخرّ الضحية على الارض والدماء تنزف منه بغزارة وسط ذهول كل الحاضرين، وفرّ المعتديان بسرعة وقد ترك احدهما نعليه في المكان. ثم نقل الضحية على جناح السرعة الى المستشفى لكنه لفظ أنفاسه قبل الوصول اليها مخلّفا الحسرة واللوعة في نفوس اسرته في غمرة احتفالهم ليتحوّل العُرس الى مأتم. روايات متضاربة أحيل الأب وابنه على انظار الدائرة الجنائية لمقاضاتهما بتهمة القتل العمد وقد جاءت اقوالهما متضاربة عبر مراحل التحقيق المختلفة فلئن حاول الابن الانكار في البداية موجّها الاتهام الى والده فإنه عاد أمام قاضي التحقيق الى الاعتراف بأنه قد سدّد طعنة واحدة للضحية أردفها والده بطعنة أخرى من موسى كان يحملها معه لكنه وامام هيئة المحكمة قدّم رواية ثالثة زعم فيها أنه الوحيد المسؤول عن مقتل ضحيّته بعد ان سدّد له طعنتين دفاعا عن كرامته المهدورة! ولدفع تهمة القتل العمد عنه جنح الى اختلاق رواية زعم فيها أنه قد تعرّض يوم الجريمة الى اعتداء من قبل بعض الشبان من حيّ مجاور وأنه قد توقّع تربّصهم به فحمل معه السكين الى حفل الزفاف لتخويف كل من سيفكّر في الانتقام منه وادعى ان علاقته بالهالك والعريس جيدة ولا يشوبها شيء وأنه لا يكنّ لهما الاحقاد ولم يكن ينوي القتل لكن هذه الروايات دفعها محامي القائمين بالحقّ الشخصي الذي حاول اقناع هيئة المحكمة بأن الاب وابنه المتهمين في قضية القتل قد خطّطا لجريمتهما لأن المتهم الشاب سبق له ان تقدّم الى خطبة ابنة الضحية فجوبه مطلبه بالرفض كما ان الطبيب الشرعي اكد ان الضحية قد أصيب بطعنتين بآلتين حادّتين مختلفتين. وفي النهاية قرّرت المحكمة تأخير البتّ في القضية الى موعد لاحق.