أكثر من 40 ٪ من التونسيين يعانون من الاكتئاب والنسبة ارتفعت بعد الثورة بسبب الصراعات السياسية والصدامات والتشنج الذي تفرزه أخبار وسائل الاعلام والشبكة الإلكترونية لكن العلاج النفسي في بلادنا مازال دون المأمول. تلك بعض النتائج الذي أفرزتها الندوة التكوينية المختصة الأولى لإطارات المراكز والفروع والتي التأمت بالمنستير تحت عنوان «الإكتئاب»: أزمة عالمية من أجل سدّ الثغرات في الصحة النفسية».
وخلال حديث ل «الشروق» مع الدكتور شمس الدين حمودة الكاتب العام للجمعية التونسية للنهوض بالصحة النفسية ذكر أن هذا الشعار الذي اتخذته الندوة هو شعار المنظمة العالمية للصحة النفسية.
وأشار محدثنا إلى وجود 350 مليون شخص مصابين بالاكتئاب في العالم... وكما يوجد 40 ٪ من المواطنين في العالم مصابين بالإكتئاب. ويمكن ل 70 ٪ من السكان في العالم أن يصابوا بالاكتئاب على الأقل مرة واحدة لكن يقوم إلا 10 ٪ فقط من المصابين بالعلاج من الاكتئاب.
ثورة ونفسية
يقول الدكتور شمس الدين باشا الدكتور المختص في الطب النفسي إن المعدل العام لإكتئاب عند التونسيين هو في حدود 40 ٪ لكن من المرجح أن هذه النسبة قد ارتفعت بعد الثورة وفسر حديثه بوجود ظروف اجتماعية وعامة تؤثر على الصحة العامة للمواطن وتولد صراعات نفسية وتوترا. وأضاف بأن الوضعية بعد الثورة هي عامل من عوامل إثارة الاكتئاب وأن التونسي في حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى للعلاج من الاكتئاب. وأنه في حاجة لإيجاد طرق للتعهد والتنفيس والمعالجة من كل الأسباب الموجودة في المحيط والمؤثرة في نفسية التونسي.
عنف وطلاق
تناولت الندوة التي حضرها أكثر من 70 شخصا من كافة فروع الجمعية ومن الدكاترة والمختصين في علم الصحة النفسية ما يترتب عنه الاكتئاب. ومن نتائج الاصابة بالاكتئاب التقاعس عن العمل وتراجع المردودية اضافة إلى ارتفاع معدلات المشاكل الزوجية والانفعال والعنف.
وتوصلت الندوة إلى نتيجتين أساسيتين أولهما أن الميزانية المخصصة للصحة النفسية أقل بكثير مما هو موجود عالميا ودعا الحاضرون الى ضرورة تحسين وضع مراكز للصحة النفسية بالمستشفيات العامة كما أشار الخبراء والمختصون إلى غياب الأقسام النفسية بأغلب المستشفيات العمومية.
ولا تمثل الميزانية المخصصة للعلاج النفسي أكثر من 2٪ من الميزانية العامة في تونس مقابل نسبة عالمية في حدود 5٪.ومن النتائج الاخرى التي وقفت عندها الجمعية التونسية للصحة النفسية في ندوتها نجد الدعوة الى مراجعة مجموعة من القوانين قصد توفير مناخ ملائم لمعالجة الصعوبات النفسية الخصوصية لدى المرأة والشاب والشيخ المسن وللاقتراب من كل الفئات.
كحول وانتحار
أشار الكاتب العام للجمعية التونسية للصحة النفسية الى مجموعة من العلامات التي تقترن بارتفاع نسبة الاكتئاب في تونس بعد الثورة.ويعتبر ارتفاع نسبة حوادث الطرقات وتصاعد معدّلات الانتحار والحرقان والطلاق وتصاعد أيام العطل والاجازات من علامات ارتفاع نسبة الاكتئاب عند التونسي في الفترة الأخيرة.. كما تزايدت الصعوبات النفسية في الحياة الزوجية وتعود الأسباب الى الأزمة الاقتصادية وارتفاع الصراعات السياسية والضغط الذي تسببه أخبار وسائل الاعلام والشبكات الاجتماعية.
وتعبر الاحصاءات المتعلقة بارتفاع نسبة استهلاك المواد المخدّرة والكحول والطلاق عن وقوع عدد من التونسيين بين براثن الضغط النفسي والاكتئاب والاحباط.
عقلية وكنام
أكد الدكتور شمس الدين حمودة ان العلاج من الاكتئاب تغطي مصاريفه «الكنام»... ويندرج مرض الاكتئاب ضمن الامراض المزمنة أحيانا وتقع تغطيته ضمن هذه اللائحة وتتراوح أسعار الدواء المعالج بين 40 دينارا و300 دينار. لكن المريض المصاب بالقلق والتوتر قد يكون متقاعسا وغير قادر على اتباع الاجراءات الروتينية الادارية لاسترجاع مصاريفه أو قد يكون بعيدا عن فئة المرضى الذين تتم تغطيتهم اجتماعيا.
ورغم ان بعض العقليات مازالت تعتبر العلاج النفسي والتداوي من أمراض مثل الاكتئاب يحوّل صاحبها الى مرتبة غيرمريحة اجتماعيا وقد تسبب في عنوسة البعض أو الاقصاء الاجتماعي، فإن الدكتور شمس الدين حمودة يؤكد على تحسن العقلية والاتجاه نحو العلاج.وأكّدت الندوة على ضرورة مزيد العناية بالصحة النفسية للتونسي.
350 مليون مصاب بالاكتئاب في العالم 70٪ من سكان العالم مرشّحون للاصابة تكاليف دواء الاكتئاب بين 40د و300د... و«الكنام» تتكفل بالمصاريف