800 ألف تونسي يعانون من الاكتئاب على طول الحياة حسب توضيحات الدكتور وحيد المالكي الأخصائي النفسي ل«الشروق» مشيرا الى أن هذا العدد «حياتي» ولا يعني حجم الاصابة لفترة زمنية معينة. ويمثل هذا العدد حسب الدكتور المالكي حوالي 8.2٪ من مجموع السكان في تونس استنادا الى دراسة أعدها الدكتور الهاشمي زهير عام 1995. كما قال الدكتور المالكي ل«الشروق» ان هذه النسبة ترتفع في صفوف المقبلين على العيادات بمراكز الصحة الأساسية إذ تصل نسبة المكتئبين منهم حوالي 25٪. وتحدث الدكتور وحيد المالكي في محاضرة ألقاها في ملتقى نظمته وزارة الصحة العمومية بالعاصمة حول «الاكتئاب» عن أسباب الاكتئاب وأنواعه.. كما تحدث ل«الشروق» عن كيفية الوقاية منه وعلاجه. المصابون النساء هنّ أكثر عرضة من الرجال للاصابة بمرض الاكتئاب الذي تتراوح نسبة الاصابة به ما بين 5 و15٪ سنويا حسب توضيحاته.. إذ تعاني النساء من الاكتئاب بنسبة تفوق اصابة الرجال بحوالي 13٪ في الدول الصناعية ما بين 7 و12٪ من الرجال يعانون من الاكتئاب وما بين 20 و25٪ من النساء تواجهن الاصابة. المصابون هم، حسب المحاضر، العاطلون عن العمل وذوو المستويات العلمية الضعيفة والمداخيل المادية الضعيفة ومن يعانون من العزلة الاجتماعية وبالتالي «على المجتمع أن يتحرّك» حسب قول المحاضر. ويشير الدكتور المالكي الى أن الاكتئاب يصعب اكتشافه للوهلة الأولى من قبل أطباء الخطوط الأمامية مبرزا أن 3٪ فقط من المصابين بالاكتئاب في تونس يخضعون للعلاج مقابل 10٪ فقط في فرنسا. كما ذكر أن دراسة تمّ انجازها عام 2006 2007 أثبتت تشابه حجم الاصابة بين مختلف الجهات.. فمثلا في سوسة يقدّر حجم المكتئبين ب11.7٪. علامات الاكتئاب تبدأ علامات الاكتئاب بالحزن والمعاناة النفسية حسب الدكتور المالكي ويعرّف هذا المرض على أساس أنه اضطرابات في المزاج تظهر علاماتها بالحزن والوجع النفسي من خلال فقدان «شهية» الفرح والسعادة والانغماس في نظرة تشاؤمية للمستقبل ثم الرغبة في الانتحار إذا تفاقمت الاصابة. هذه الاضطرابات تكون مرفوقة باضطرابات في النوم وفي الشهية للأكل واضطرابات أخرى جنسية. وبيّن المحاضر أن علامات الاكتئاب تظهر لدى الطفل من خلال اضطرابات في النوم وفي شهية الأكل ومن خلال الفشل الدراسي. وتتشابه علاماته لدى المراهق فتكون نتائجه الدراسية سلبية بالاضافة الى اضطرابات السلوك وخطر سرعة مروره الى فكرة الانتحار. أما بالنسبة الى الكهول فقال الدكتور المالكي ان علامات الاصابة تظهر من خلال اضطرابات في الذاكرة وعدم القدرة على التركيز والانتباه. التكفل بالأمراض النفسية كيف يمكن الوقاية من الاكتئاب؟ عن هذا السؤال ردّ الدكتور المالكي بالقول ان الاكتئاب مرض لا يمكن الوقاية منه وأن علاجه يجب أن يكون باستخدام الأدوية من حقن وحبوب بالاضافة الى العلاج النفسي. وبيّن ل«الشروق» أن واحدة على عشر من الاصابات به مردّها عوامل وراثية والباقي ترد كردود فعل على الضغط الذي يعيشه الفرد سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا أو عاطفيا. ويؤكد الاخصائي في علم النفس أن كل الأطراف مدعوة الى توفير مناخ يخفف من الاصابة بالاكتئاب من ذلك تحسين ظروف عيش الأفراد من خلال تحسين الوضع الاجتماعي وكذلك تحسين الوضعية المهنية والاستقرار المهني للعاملين.. فالتوازن الاجتماعي والأسري والعاطفي هو درع أولي للوقاية من الاكتئاب. وأوضح ردّا على استفسار «الشروق» حول مضاعفات التعايش مع الاكتئاب ان فقدان العمل والفشل الدراسي وخاصة خطر الانتحار هي أبرز مضاعفات الاكتئاب إذا لم يتم علاجه.. مؤكدا أن حجم الاصابة في تونس يتشابه بشكل كبير مع ما يحدث في بقية المجتمعات في العالم. من جهتها قالت الدكتورة منيرة النابلي ممثلة وزارة الصحة العمومية ل«الشروق» ان الوقاية من الاضطرابات النفسية مهمة مسندة الى كل الأطراف وليست فقط الى اختصاص علم النفس.. مؤكدة أن تطور الوعي الصحي في تونس وخاصة الصحة النفسية، كان وراء ادراج الأمراض النفسية المزمنة ضمن قائمة الأمراض التي يتكفل بها الصندوق الوطني للتأمين على المرض.