أي طعم لترشح أمام منتخب ضعيف مصبوغ بمرارة الاداء المهتز؟ أي حلاوة لترشح جاء بهدية من الحكم الموريطاني الذي حرم منتخب السيراليوني من ضربة جزاء وهدف لا غبار عليهما؟ أي قيمة لترشح تحقق بعناء وولد فينا خوفا متفاقما على مستقبل المنتخب في الاستحقاقات القادمة التي لا يفصلنا عنها وقت كبير للاصلاح والتدارك؟
أسئلة حارقة تضطرم في نفوس التونسيين وهم يشاهدون منتخبهم او نسورهم يضيعون الوقت وينتظرون بفارغ الصبر اعلان الحكم عن نهاية المباراة خوفا من هدف كانت كل المؤشرات توحي بأنه ممكن التحقق أمام اداء باهت لكل اللاعبين وغيبوبة مستفحلة لمدرب لم يقدر على لملمة شتات لاعبيه تكتيكيا وذهنيا أمام منافس لعب اكثر من ساعة وهو منقوص من لاعب.
فلسفة عقيمة
هذه المهزلة في الاداء يتحمل مسؤوليتها المدرب سامي الطرابلسي الذي لعب بخطة لا تتناسب مع امكانيات لاعبيه وخصائصهم وهذه هفوة لا يقع فيها مدرب مبتدئ فما بالكم بمدرب وطني... الطرابلسي من خلال تشكيلته اختار اعطاء الاولوية للهجوم فأقحم في البداية ثلاثة مهاجمين صريحين هم جمعة وخليفة والحرباوي مدعمين بلاعب وسط هجومي هو الدراجي لكنه في حقيقة الأمر لعب بمهاجم وحيد في مناطق المنافس هو الحرباوي وأخّر جمعة وخليفة الى الوسط وأسر على هذا الاختيار حين اصيب عصام جمعة فعوضه بزهير الذوادي فتاه الحرباوي وسط غابة الأرجل السيراليونية في مناطقهم وفشل جمعة ثم الذوادي وخليفة والدراجي في صنع الخطر وإمداد الحرباوي بكرات صالحة للاستعمال بل اكثر من ذلك ضيق على الدراجي بأن حاصره بزميليه الذوادي وخليفة اللذين لم يعرفا ماذا يصنعان فوق الميدان فلا هما مهاجمان واضحان ولا هما لاعبا وسط صانعان للعب وحتى التعلة بأن اللاعبين لم يكونوا في يومهم غير مقبولة لأن من جعلهم كذلك هو مدربهم بعد أن جردهم من خصائصهم الفنية وطلب منهم لعب ادوار لا تتناسب مع امكاناتهم.
الطرابلسي في غيبوبة
سامي الطرابلسي كان طوال اللقاء في غيبوبة مطلقة فلم نر منه تحركا لتغيير ما أخطأ فيه بشريا وتكتيكيا اذ كانت كل التغييرات مكرسة لخطته التي دخل بها اللقاء وكانت تغييرات بشرية وليست تكتيكية اذ يقوم المعوض بنفس دور اللاعب الذي غادر الميدان ليسقط المنتخب في اللعب السلبي من خلال تمريرات في العمق غير مدروسة كانت دائما تجد اقداما سيراليونية في انتظارها او توزيعات لم تراع فوارق الطول بين مهاجمينا ومدافعي المنافس ولم تراع كثافتهم العددية أمام حارس مرماهم.
جرأة مفقودة
أثبت الطرابلسي أنه لا يملك الجرأة المطلوبة لدى أي مدرب لمفاجأة منافسه منذ البداية وارباك حساباته فمنتخبنا تقريبا دائم الصيام عن التهديف في الاشواط الاولى لأن المدرب لا يحاول فرض طريقة لعبه على المنافس بل ينتظر الى أن يكتشف ما أعد له ثم يعدل أوتاره وهذه مجازفة خطيرة فماذا لو قبلنا هدفا أو أكثر في الاشواط الاولى وماذا لو عجز لاعبونا لأكثر من سبب كما هو الحال اول أمس في هز شباك المنافس؟ كما أكد الطرابلسي انه لا يقيم وزنا لما يقدمه اللاعبون خلال حصص التمارين لأن تشكيلته دائما جاهزة ويراعي فيها الاسماء لا المردود والجاهزية الفنية والبدنية.
شخصية ضعيفة أضرت بالشبان
ضعف شخصية سامي الطرابلسي جعلته لا يجازف بمنح الفرصة للاسماء الجديدة في المنتخب فالوسلاتي لم يشفع له تألقه في التمارين وفخر الدين بن يوسف لم يوصله حماسه الى التأثير في خيارات الطرابلسي وهكذا يواصل المنتخب عزف النغمات النشاز ما دام قائد الاوركسترا لا قدرة له على الابداع.