عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    منتدى وان للاعمال يوم 20 جانفي 2026 بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    القيروان: اكتشاف منشآت مائية تعتبر الأولى من نوعها خلال ترميم فسقيات الأغالبة    مع تراكم ممهدات الانفجار الداخلي في أمريكا وأوروبا: مركزية العالم عائدة إلى الشرق    عاجل : فرنسا تلزم هذا الاختبار للحصول على الاقامة او الجنسية بداية من 2026    موظّفو اللوفر يلغون الإضراب.. وقرار بإعادة فتح المتحف    استشهاد 4 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنوب غزة..#خبر_عاجل    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    دراسة تحذر من مخاطر التدخين السلبي من الدرجة الثالثة..    أسوأ لقطة في نهائي كأس العرب.. رفض لاعبي الأردن مصافحة منتخب المغرب    الرصد الجوي يتوقّع نزول أمطار رعدية وغزيرة تصل إلى 60 مم بهذه الولايات    عاجل-محرز الغنوشي للتوانسة: ''اذا شرقت غرقت..الخير مازال الساعات القادمة والنصف الاول من الليلة''    بمناسبة العطلة المدرسية: مرصد المرور يدعو إلى توخي أقصى درجات الحذر    حجز قطع أثرية ثمينة..وهذه التفاصيل..    الكرة الطائرة: برنامج مباراتي الكاس الممتازة لموسم 2024-2025    الدكتور أحمد السوقي ينصح الفتيات: بين 25 و30 سنة أحسن وقت للزواج    القنصلية التونسية بدبي:'' خليكم في الدار واتبعوا تعليمات السلامة''    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    العظمة ''المروبّة''بين الفوائد والأضرار    عاجل/ هذه الدولة تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة..    تحذير عاجل للتوانسة من استيراد الأبقار من فرنسا    المنتخب الوطني يحزم حقائبه إلى المغرب    3 فوائد مذهلة لتناول مشروب الزنجبيل في الشتاء    رئيس الجمهورية يؤكّد لدى لقائه رئيسة الحكومة أنّ الشّعب وجّه يوم أمس رسائل مضمونة الوصول وأعطى درسًا للجميع    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    لاعب المنتخب المغربي يُعلن اعتزاله دولياً...شكون؟    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    الملعب التونسي : فسخ عقد التشادي محمد تيام وثلاث وديات في تربص سوسة    كأس العرب قطر 2025: منح المركز الثالث للبطولة مناصفة بين منتخبي الإمارات والسعودية    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة 20    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    محرز الغنوشي: ''اليوم نصل إلى ذروة التقلبات الجوية التي تم التنبيه لها منذ بداية الأسبوع''    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    افتتاح الدورة 14 من معرض مدينة تونس للكتاب    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    لقاء علمي حول اللغة العربية بكلية الآداب بمنوبة    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    فيلم "هجرة" للمخرجة والكاتبة السعودية شهد أمين : طرح سينمائي لصورة المرأة وصراع الأجيال    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    رحلات وهميّة نحو تونس: عمليّات تحيّل كبيرة تهزّ الجزائر    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنزرت - في ذكرى معركة الجلاء : معركة من أجل الحرية والكرامة وقع توظيفها سياسيا
نشر في الشروق يوم 16 - 10 - 2012

عديدة هي الاسئلة التي تتبادر الى الاذهان كلما حلت ذكرى معركة بنزرت وقد تتفرّع عنها اسئلة اخرى كثيرة تبقى الاجابات عنها مرتهنة بشهادات الذين كانوا في موقع المسؤولية في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ تونس.

الدكتور نورالدين الدقي الاستاذ بكلية الآداب بمنوبة الذي القى في منتصف التسعينات محاضرة قيمة حول معركة الجلاء وكان ذلك خلال ندوة اقيمت ببنزرت تحت عنوان بنزرت عبر التاريخ .

انطلق المحاضر في البداية بتحديد الاسباب التي أدت الى نشوب المعارك بين الطرف التونسي وقوات الاحتلال الفرنسي ومعتبرا ان الفترة الممتدة بين سنتي 1956و1961 كانت فترة دقيقة جدا في تاريخ البلاد التونسية اذ كانت الدولة الوطنية فتية ولم تستكمل سيادتها على كامل التراب التونسي الامر الذي استوجب مواصلة النضال لتحقيق هذا الهدف خاصة ان فرنسا ماطلت في الايفاء بالالتزامات المترتبة عن بروتوكول الاستقلال وأصرت على الابقاء بتونس على جيش قوامه اكثر من عشرين الف رجل وتمسكت بالبقاء في خمس قواعد عسكرية استراتيجية وساهمت مساندة تونس للثورة الجزائرية في تصعيد حدة التوتر بين البلدين وبعد سقوط الجمهورية الرابعة ووصول الجنرال دي غول الى السلطة تدرجت العلاقات الديبلوماسية بين الجانبين نحو الانفراج وتم ابرام اتفاق 17 جوان 1958 وهو مجرد تبادل للرسائل ينص على جلاء القوات العسكرية الفرنسية عن التراب التونسي باستثناء قاعدة بنزرت ويستند الموقف الفرنسي في هذا المجال الى اتفاقية 21 مارس 1942 التي امضاها الباي واعتبر بموجبها بنزرت ومنشاتها العسكرية وتحصيناتها ومياهها الاقليمية (أي بحيراتها وشواطئها)وشبكة اتصالاتها الاستراتيجية منطقة تكاد تكون خارجة عن التراب التونسي الامر الذي خول للفرنسيين اعتبارها ولاية بحرية فرنسية تشمل جملة من المواقع والتحصينات البحرية والبرية والجوية تمتد من الماثلين الى الناظور الى الخروبة ومن سيدي احمد الى الجبل الكبير الى منزل بورقيبة وتغطي اكثر من 600 كلم مربع.
10 آلاف رجل

وهكذا رجعت المطالبة باسترداد بنزرت الى صدارة الاحداث ابتداء من سبتمبر 1958 واستعدت الحكومة التونسية للمواجهة العسكرية ثم حددت لفرنسا اجلا اقصاه 8 فيفري 1960 لتحديد تاريخ الجلاء عن مدينة بنزرت وقد قرر الفرنسيون تبعا لذلك ادخال بعض التحويرات الجزئية على قاعدة بنزرت إذ تم تسليم الثكنات الواقعة وسط المدينة الى الجيش التونسي والاكتفاء بالسيطرة على الميناء العسكري وتوابعه والقاعدة الجوية الى جانب شبكة الاتصالات والدفاعات البحرية لكن الاحداث عادت الى التأزم من جديد بعد ان أعلنت فرنسا عن احداث اشغال توسيع القاعدة بما يسمح باستقبال صنف جديد من القاذفات الحربية وهو ما ينفي نية الخروج والجلاء .

وبدا الموقف يشهد تصعيدا انطلاقا من شهر جوان 1961 اذ اجتمع الديوان السياسي للحزب الدستوري يوم 4 جويلية واصدر بيانا يدعو فيه الى ضرورة خوض المعركة لاستعادة بنزرت والاستعداد للتنفيذ وانطلقت يوم 5 جويلية عملية التعبئة الشعبية في كامل انحاء الجمهورية وجرى ايفاد مئات المتطوعين من الشباب والكشافة والمقاومين الى بنزرت وشهدت مدن بنزرت ومنزل بورقيبة ومدنين بين يومي 6 و18 جويلية حركات جماهيرية لا مثيل لها في تاريخ تونس المعاصر اذ انتظمت مظاهرات شعبية صاخبة تنادي بالجلاء ورفع السلاح وطوقت افواج المتطوعين الثكنات والتحصينات الفرنسية وصدرت يوم 13 جويلية أوامر للجيش الوطني للتأهب لخوض المعركة وبدأت وحداته في اقامة المتاريس وحفر الخنادق بالتنسيق مع قوات الحرس الوطني والمتطوعين واكتملت التعبئة وأصبحت بنزرت ومنزل بورقيبة تحتضنان اكثر من 10 الاف رجل على استعداد لخوض المعركة وبداية من يوم 19 جويلية انطلقت المواجهة مع الجيش الفرنسي وسرعان ما تحولت الى حرب فعلية استخدمت فيها جميع انواع الاسلحة الحديثة وأعلنت الحكومة الفرنسية عن ارسال افواج من المظليين جوا من الجزائر الى بنزرت وتحريك احدى حاملات الطائرات تخفرها ثلاث بوارج حربية الى عرض سواحل بنزرت وحينها قام الجيش التونسي بقصف مطار سيدي احمد وبدا التراشق بالنيران وتركز الرد الفرنسي على استخدام السلاح الجوي بكثافة ضد السدود والحواجز ومواقع المدفعية التونسية ولم تتوان القاذفات الفرنسية عن استعمال القنابل الحارقة والقذائف الصاروخية وقاذفات اللهب.

نيران من النوافذ

وسارت المعركة في البداية لصالح التونسيين اذ تم اقتحام مركز التموين الفرنسي» بالمصيدة» كما نجحت المدفعية في تحطيم سبع طائرات فرنسية في مدارج مطار سيدي احمد وجرت محاولات لاقتحام ترسانة منزل بورقيبة .

عندئذ تغير مسار المعركة اذ وضعت القيادة العسكرية في الميزان جميع وسائل الدمار التي تتيحها التقنيات العسكرية من طائرات ومدرعات وقوات بحرية في هجوم شامل وسريع حسب منهج الحرب الخاطفة ضد جيش ناشئ وجماهير شعبية مجردة من السلاح .

ومع ذلك تواصلت الاشتباكات حول سيدي احمد والخروبة وانتظمت يوم الخميس 20 جويلية مظاهرة رهيبة شارك فيها حوالي ثلاثة الاف مواطن واتجهت صوب القاعدة وكانت الخسائر فادحة في صفوف المدنيين وانهارت الحواجز وزحفت القوات الفرنسية خارج القاعدة تدعمها المدرعات وتقدمت يوم 21 جويلية نحو المدينة وتحولت المواجهة الى حرب شوارع ورغم ما ابداه الجيش التونسي من بسالة فانه تكبد خسائر فادحة نتيجة الاطار المكاني المعادي اذ ان العمارات كانت اهلة بالفرنسيين الذين لجا بعضهم الى فتح النار من نوافذ بيوتهم على التونسيين. وتواصلت الاشتباكات طيلة يومي الجمعة 21 والسبت 22 بعد ان تسللت قوات المظليين الى الاحياء العصرية وقامت بتطويقها واحتلالها وظلت المدينة العتيقة صامدة ويوم الاحد 23 جويلية صدر الامر بوقف اطلاق النار.


قتلى وجرحى

وأسفرت المعركة عن خسائر بشرية فادحة وادت الى حدوث مجزرة رهيبة فاق عدد ضحاياها جميع شهداء الحركة الوطنية منذ بداية الاحتلال سنة 1881 وتفيد الاحصاءات الرسمية بأن الخسائر بلغت 670 قتيلا و1155 جريحا من الجانب التونسي و30 قتيلا و100 جريح من الجانب الفرنسي وكانت نسبة القتلى من المدنيين بالغة الارتفاع لان الضربات الجوية لم تميز بين المدنيين والعسكريين.

ورغم ان المعركة توقفت فان الجيش الفرنسي لم يغادر المدينة وامعن في محاصرتها وطوقها بالأسلاك الشائكة وبقي يتحكم في نقاط المرور منها واليها .وفي يوم 27 أوت 1961 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة المحدد على اللائحة الإفريقية الاسيوية التي تطالب بفتح التفاوض بين تونس وفرنسا من أجل تحقيق الجلاء عن بنزرت بالأغلبية المطلقة وبعد ان انعقدت المفاوضات توصل الطرفان الى أن يكون موعد الجلاء عن بنزرت يوم 15 اكتوبر 1963 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.