شروط وتفاصيل توريد سيارة لكل عائلة وفتح حسابات بالعملة الأجنبية..#خبر_عاجل    عودة اللود للعمل بين صفاقس وقرقنة بعد توقف بسبب الضباب    علاش أشغال الطرقات في تونس معطّلة ؟ المقاولين يدقّوا ناقوس الخطر    اليوم الوطني للأسرة: تونس تجدد دعمها لمكانة الأسرة في المجتمع    عاجل: شوف مواعيد السفر الصيفي على جنوة ومرسيليا 2026    عاجل: توقف حركة القطارات على خط أحواز الساحل    وزير التجهيز يطلع على تقدم الأشغال في القسطين 3 و4 من مشروع الطريق السيارة تونس- جلمة    واشنطن تطلق تأشيرة "بطاقة ترامب الذهبية" للأثرياء الأجانب    رابطة ابطال اوروبا : كوبنهاغن يحقق فوزا مثيرا علي فياريال 3-2    رابطة أبطال أوروبا : فوز بنفيكا على نابولي 2-صفر    النجم الرياضي الساحلي يعلن الطاقم الفني: التفاصيل الكاملة    عاجل:تونس على موعد مع أمطار قوية..التفاصيل الكاملة..وين ووقتاش؟!    الضباب في الصباح: شنوّا هو وشنوّا أسبابه؟    عاجل: تسجيل الكحل العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية    هام/ طريقة مبتكرة بالذكاء الاصطناعي تكشف المحفزات الخفية للسرطان..    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً..    مقتل 9 جنود تايلانديين جراء الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا    عاجل/ الرصد الجوي يحذر: ضباب كثيف يحجب الرؤية..    طقس اليوم: ضباب كثيف صباحا والحرارة بين 14 و20 درجة    رسالة ردع".. موسكو وبكين تحولان سماء اليابان إلى ساحة استعراض للقوة    كأس العرب 2025.. المغرب أمام سوريا وفلسطين تواجه السعودية هذا المساء    ضباب كثيف يحجب الرؤية: مرصد المرور يحذر مستعملي الطريق ويقدم هذه النصائح    سلالة شديدة العدوى".. أكثر من 100 وفاة بالإنفلونزا في إيران    مانشستر سيتي يسقط ريال مدريد في عقر داره بدوري الأبطال    أستراليا تحظر مواقع التواصل الاجتماعي لمن هم دون 16 عاماً: قرار تاريخي يدخل حيّز التنفيذ    هيئة أسطول الصمود التونسية لكسر الحصار عن القطاع تقدم تقريرها المالي حول حجم التبرعات وكيفية صرفها    عاجل/ اعتقال رئيس هذه الدولة السابق في قضية فساد..    مادورو.. مستعدون لكسر أنياب الإمبراطورية الأمريكية إذا لزم الأمر    بنزرت.. تدابير للتصدي لتهريب الأغنام    مستشفى الملك سلمان بالقيروان... تصميم ثلاثي الأبعاد يكشف ملامح صرح صحي بمعايير عالمية    تونس تتسلم الجرار البحري الثالث من جملة 6 جرارات لتعزيز خدمات الموانئ التجارية    يتواصل إلى نهاية الأسبوع...ملتقى تونس للرواية العربية    حين ينهض الإرث المنسي .. إقامة فنية بصفاقس تغوص في عالم السطمبالي    محمد بوحوش يكتب ... سوسيولوجيا المسافات    دوري ابطال اوروبا.. العاشوري يسجل ويساهم في فوز فريقه    بالمنطقة الشرقية لولاية بنزرت ... الحشرة القرمزية تفتك بغراسات التين الشوكي    أخبار النجم الساحلي .. سلسلة من الوديات والمكشر يضبط قائمة المغادرين    رواية "مدينة النساء" للأمين السعيدي في وصف الواقع المأساوي    فنان مصري شهير يثير الجدل بفيديو مع سائقه    ظهور ضباب محلي الليلة وصباح الخميس    تعزيز البنية التحتية لدعم القدرة التنافسية والايكولوجية والرقمية لقطاع النسيج والملابس للمركز الفني للنسيج ببن عروس    كارثة -المغرب: انهيار بنايتيْن..ارتفاع عدد القتلى إلى 22    المهرجان الدولي للصحراء بدوز يعلن تفاصيل دورته السابعة والخمسين    عماد الدربالي: "تونس ستبقى سيدة على قراراتها وحرة في اختياراتها"    في بالك الزيت الزيتونة التونسي : فيه سرّ يحميك من هذا المرض الخطير    قفصة: حجز بضائع بقيمة 56.5 مليون دينار    إستعدادا للمونديال: منتخب إنقلترا يواجه منافس المنتخب التونسي وديا    عاجل: دولة عربية تعلن تقديم موعد صلاة الجمعة بداية من جانفي 2026    القفطان المغربي يُدرج رسميًا ضمن قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي    الكاف: وفاة 4 أشخاص وإصابة آخر بجروح متفاوتة الخطورة في حادث مرور بالطريق الوطنية عدد 17    هذا ما قالته أريج السحيري الفائزة بالنجمة الذهبية    رئيس الجمهوريّة : عمليّات التّنظيف لا يجب أن تكون حملة محدودة في الزّمن، بل عملا مستمرّا على مدار اليوم    رقم صادم/ هذه نسبة التونسيين فوق 15 سنة المصابين بالسكري    تحقيق أميركي في وفيات يحتمل ارتباطها بلقاحات كورونا    طقس اليوم: ضباب صباحي وامطار في هذه المناطق..    اكتشف معنى أسماء كواكب المجموعة الشمسية    هل سُحر موسى... أم سُحِر المشاهد؟    التسامح وبلوى التفسّخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى الجلاء استحضار لقيم التضحية والفداء
نشر في الصباح يوم 12 - 10 - 2011

بقلم : الحبيب الذوادي إن قصة تونس واستقلالها قصة طويلة الفصول حزينة الأحداث،تجمع بين البطولة والمأساة، بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار بين الحرية وطلب الاستقلال. كان أبطال هذه القصة عديد الشهداء إضافة إلى عدد كبير من الأرامل والثكالى. واكبت بنزرت تاريخ تونس السياسي الحديث، إذ أخذت قسطها الوافر في تاريخ الحركة الوطنية وحرصت على أن تكون دوما منطلق الشرارات الأولى لكثير من المعارك الحاسمة التي خاضها الشعب التونسي طيلة كفاحه المرير ضد الحماية الفرنسية ويرجع ذلك بالخصوص إلى احتلال بنزرت موقعا استراتيجيا في البحر الأبيض المتوسط جعلها محل أطماع القوى الأوروبية وخاصة فرنسا منذ احتلالها للجزائر 1830، وبعد ان تمكنت هذه الأخيرة من إخماد الانتفاضة الجزائرية...
بدأت بذلك تخطط لاحتلال تونس عن طريق الجزائر، وقد توفقت الجيوش الفرنسية سنة 1881 الى بسط نفوذها على البلاد التونسية ومن ضمنها بنزرت في 1 ماي 1881 بهدف السيطرة على البحر الأبيض المتوسط، ومضيق صقلية وذلك لأهمية وحسن موقع المدينة الجغرافي وموقعها المتميز الذي جلب إليها أطماع الغزاة لاستغلال موقعها، واعتبرت من ثم موقعا هاما في الإستراتيجية العسكرية الفرنسية مما حفز الإقامة العامة الفرنسية إلى عقد اتفاقية خاصة ببنزرت في مارس 1942، والتي قدمت للباي لامضائها حيث اعتبرت بموجبها بنزرت ومنشآتها العسكرية وتحصيناتها ومياهها الإقليمية منطقة خارجة عن التراب التونسي الذي خول للفرنسيين اعتبارها ولاية بحرية فرنسية.
لم يمض على تاريخ إعلان استقلال بلادنا سوى بضعة أشهر بعد كفاح مرير مع المستعمر حتى عبرت الحكومة التونسية آنذاك أمام المجلس التأسيسي عن رغبتها وأملها في أن تحل قضية احتلال الجيش الأجنبي لترابنا على قاعدة المفاوضات والاتفاق السليم مع فرنسا، وطالبت الحكومة التونسية يوم 18/02/1957 من جديد بالجلاء عن طريق التفاوض مستعملة في ذلك الرصانة.
إلا أن ردة فعل الجانب الفرنسي بدأت تتغير،و أن الشعور بخطر الاحتلال أخذ يتجسم مع الأيام خاصة اثر الاعتداء على ساقية سيدي يوسف في 08/02/1958،حيث قابلت حينها الحكومة الفرنسية مساندة الشعب التونسي،و أهالي مدينة بنزرت خصوصا القضية الجزائرية بإجراءات تعسفية تمثلت في طرد مرضى ولاية بنزرت من مستشفى البحيرة الفرنسية بسيدي عبد الله الكائن بمنزل بورقيبة، إلى جانب القتل والحصار وتدمير المنازل...، الشيء الذي دفع الزعيم بورقيبة آنذاك إلى الدعوة والمطالبة بالجلاء التام عن ارض الوطن، وقد كانت اول بادرة لتحقيق الجلاء على قاعدة اتفاق تم إبرامه يوم 17 جويلية 1958 بين حكومتي تونس وفرنسا غرضه تسوية القضايا العسكرية التي أثارت صعوبات عسكرية بين البلدين.
لكن إلغاء الحماية الفرنسية، وتمكين تونس من الظفر باستقلالها سنة 1956 لم يضع حدا للحضور الفرنسي في بنزرت، ولا شك إن فرنسا وإن اعترفت بالسيادة التونسية على المدينة، إلا أنها رفضت التفاوض حول نظام القاعدة الجوية والبحرية، وفي هذا الإطار اجتمعت آنذاك لجنة فرنسية تضم ممثلي الجيوش الفرنسية لمعالجة مشكل قاعدة بنزرت، وتقديم الحلول حيث طرحت وضعية بنزرت وذلك إما في إطار دفاعي فرنسي تونسي، وإما في شكل امتياز.
لقد أصبحت بذلك قضية الجلاء شرطا من شروط الحكومة التونسية لا بد من تحقيقه فالقى الزعيم بورقيبة في 25/01/1960 خطابا أمام مؤتمر الشعوب الإفريقية أعلن فيه بداية معركة بنزرت، وازداد الوضع تأزما وتطور تطورا خطيرا لمجرد بلوغ الحكومة التونسية يوم 01/07/1961 ان القوات الاستعمارية بادرت إلى تمديد المسار العسكري ببنزرت دون إعلامها، فبادرت الحكومة التونسية بتبليغ رسالة إلى الجنرال دى غول بهذا الصدد باتت بلا جواب، وهو ما عكس في أذهان النخبة الوطنية عدم نية فرنسا الخروج من بنزرت في ظرف عالمي بلغت فيه التصفية الاستعمارية أوجهها مما حدا بالديوان السياسي آنذاك في 04/07/1961 الى اصدار بيان يرى فيه ضرورة استعادة بنزرت نهائيا وتأكيدا لما تقدم ونتيجة لتأكد نوايا فرنسا في الاحتفاظ ببنزرت خصوصا على اثر شروعها في توسيع القاعدة العسكرية الجوية عمد بورقيبة إلى إعلان معركة الجلاء،حيث صرح في خطاب له بتاريخ 14/07/1961 « كلنا على يقين من أن المشاكل بيننا وبين فرنسا انتهت على اعتبار أننا دولة مستقلة... لم يبق إلا هذه الناحية الصغيرة يجب إخلاؤها والجلاء عنها... لكن ما راعنا إلا إن نفاجأ بإقامة استحكامات جديدة في قاعدة بنزرت وفتح ممرات لمرور الطائرات وشق الطرقات... وعليه فقد قررنا هذه المرة البدء في معركة الجلاء وعدم الاستعداد لتأجيلها كما حدث في جانفي 1960 «
انطلقت المعركة الدامية يوم 19 جويلية 1961 بين الجيش الفرنسي والجيش التونسي إضافة إلى عديد المتطوعين من أبناء وطننا الذين توافدوا إلى مدينة بنزرت من كامل أنحاء البلاد... والذين قوبلوا بتعزيز القوات الفرنسية ببنزرت بنحو 600جندي من جنود المظلات، الذين تم سحبهم من الحدود الجزائرية المغربية وإرسال 18 طائرة إلى بنزرت حاملة للوحدات الحربية...لتنفيذ جريمتها متناسية أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة وأن الوجود الفرنسي غير شرعي.
ورغم أن المعركة دامت 4 أيام فان الضحايا كانوا كثر اختلف المؤرخون في تعدادهم مع تصرف وحشي لجنود المظلات، وتتحدث الصحيفة الفلندية.Paula Purkaالتي زارت بنزرت حال انتهاء المعركة فتقول»إن معركة بنزرت تعتبر حسب رأيي كارثة كبرى بالنسبة للبلدان الغربية التي طالما قاومت الاحتلال أثناء الحرب العالمية الثانية...»
وخلال تلك المرحلة تم عرض القضية على مجلس الأمن الذي أمر بإيقاف القتال في 22/07/1961 وسجلت تونس بذلك انتصارا باهرا في المجال الدولي،نتيجة لما اظهرته من استبسال وصمود في ميدان القتال من اجل الدفاع عن حقها المشروع،الشيء الذي أرغم القوات الفرنسية على البدء في سحب قواتها شيئا فشيئا، وبتاريخ 14 أكتوبر 1963 أعلن بورقيبة من أعلى منبر الأمة آنذاك الجلاء الكامل،وهبّ نسيم الحرية يوم 15 اكتوبر1963 على بنزرت حيث رحل آخر جندي عن ترابها وقاعدتها.
لقد اهتزت القلوب خافقة بفرحة الجلاء،إن الأجيال التونسية المتعاقبة على اثر هذه المعركة لا بد من أن يستلهموا الدروس الخالدة ممن قدموا أنفسهم حينها عربون فداء واريقت دماؤهم الزكية من اجل أن تنعم الأجيال المتعاقبة بالحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.