نجم المتلوي ينهي العلاقة التعاقدية مع زياد بن سالم وسامح بوحاجب    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: هذه الدول العربية معنية بتقلبات جوية قوية في الثلث الاخير من الشهر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    كأس أمم إفريقيا: المنتخب الوطني صاحب أكثر المشاركات المتتالية .. والفراعنة الأكثر تتويجا باللقب القاري    توزر: "عبق التراث" في الدورة 13 لمهرجان بوهلال للسياحة والتراث من 22 إلى 24 ديسمبر    أيام قرطاج السينمائية 2025: الفيلم الجزائري "رقية" مقاربة نفسية لذكرى العشرية السوداء    يهمّ التوانسة: شروط الاستفادة من الامتيازات الجبائية    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    القيروان: اكتشاف منشآت مائية تعتبر الأولى من نوعها خلال ترميم فسقيات الأغالبة    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    منتدى وان للاعمال يوم 20 جانفي 2026 بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    البطلة "غفران غريسة" تهدي تونس 3 ذهبيات في منافسات لواندا    مع تراكم ممهدات الانفجار الداخلي في أمريكا وأوروبا: مركزية العالم عائدة إلى الشرق    دراسة: الأمّ التونسية ما تحكيش برشا مع أولادها في موضوع التربية الجنسيّة    موظّفو اللوفر يلغون الإضراب.. وقرار بإعادة فتح المتحف    دراسة تحذر من مخاطر التدخين السلبي من الدرجة الثالثة..    استشهاد 4 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنوب غزة..#خبر_عاجل    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    بمناسبة العطلة المدرسية: مرصد المرور يدعو إلى توخي أقصى درجات الحذر    حجز قطع أثرية ثمينة..وهذه التفاصيل..    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    الكرة الطائرة: برنامج مباراتي الكاس الممتازة لموسم 2024-2025    القنصلية التونسية بدبي:'' خليكم في الدار واتبعوا تعليمات السلامة''    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    تحذير عاجل للتوانسة من استيراد الأبقار من فرنسا    رئيس الجمهورية يؤكّد لدى لقائه رئيسة الحكومة أنّ الشّعب وجّه يوم أمس رسائل مضمونة الوصول وأعطى درسًا للجميع    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    كأس العرب قطر 2025: منح المركز الثالث للبطولة مناصفة بين منتخبي الإمارات والسعودية    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة 20    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    وخالق الناس بخلق حسن    الأول افتتح «الأيّام» والثاني في المسابقة الرسمية ..«فلسطين 36» و«صوت هند رجب» مرشحان للأوسكار    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى الجلاء استحضار لقيم التضحية والفداء
نشر في الصباح يوم 12 - 10 - 2011

بقلم : الحبيب الذوادي إن قصة تونس واستقلالها قصة طويلة الفصول حزينة الأحداث،تجمع بين البطولة والمأساة، بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار بين الحرية وطلب الاستقلال. كان أبطال هذه القصة عديد الشهداء إضافة إلى عدد كبير من الأرامل والثكالى. واكبت بنزرت تاريخ تونس السياسي الحديث، إذ أخذت قسطها الوافر في تاريخ الحركة الوطنية وحرصت على أن تكون دوما منطلق الشرارات الأولى لكثير من المعارك الحاسمة التي خاضها الشعب التونسي طيلة كفاحه المرير ضد الحماية الفرنسية ويرجع ذلك بالخصوص إلى احتلال بنزرت موقعا استراتيجيا في البحر الأبيض المتوسط جعلها محل أطماع القوى الأوروبية وخاصة فرنسا منذ احتلالها للجزائر 1830، وبعد ان تمكنت هذه الأخيرة من إخماد الانتفاضة الجزائرية...
بدأت بذلك تخطط لاحتلال تونس عن طريق الجزائر، وقد توفقت الجيوش الفرنسية سنة 1881 الى بسط نفوذها على البلاد التونسية ومن ضمنها بنزرت في 1 ماي 1881 بهدف السيطرة على البحر الأبيض المتوسط، ومضيق صقلية وذلك لأهمية وحسن موقع المدينة الجغرافي وموقعها المتميز الذي جلب إليها أطماع الغزاة لاستغلال موقعها، واعتبرت من ثم موقعا هاما في الإستراتيجية العسكرية الفرنسية مما حفز الإقامة العامة الفرنسية إلى عقد اتفاقية خاصة ببنزرت في مارس 1942، والتي قدمت للباي لامضائها حيث اعتبرت بموجبها بنزرت ومنشآتها العسكرية وتحصيناتها ومياهها الإقليمية منطقة خارجة عن التراب التونسي الذي خول للفرنسيين اعتبارها ولاية بحرية فرنسية.
لم يمض على تاريخ إعلان استقلال بلادنا سوى بضعة أشهر بعد كفاح مرير مع المستعمر حتى عبرت الحكومة التونسية آنذاك أمام المجلس التأسيسي عن رغبتها وأملها في أن تحل قضية احتلال الجيش الأجنبي لترابنا على قاعدة المفاوضات والاتفاق السليم مع فرنسا، وطالبت الحكومة التونسية يوم 18/02/1957 من جديد بالجلاء عن طريق التفاوض مستعملة في ذلك الرصانة.
إلا أن ردة فعل الجانب الفرنسي بدأت تتغير،و أن الشعور بخطر الاحتلال أخذ يتجسم مع الأيام خاصة اثر الاعتداء على ساقية سيدي يوسف في 08/02/1958،حيث قابلت حينها الحكومة الفرنسية مساندة الشعب التونسي،و أهالي مدينة بنزرت خصوصا القضية الجزائرية بإجراءات تعسفية تمثلت في طرد مرضى ولاية بنزرت من مستشفى البحيرة الفرنسية بسيدي عبد الله الكائن بمنزل بورقيبة، إلى جانب القتل والحصار وتدمير المنازل...، الشيء الذي دفع الزعيم بورقيبة آنذاك إلى الدعوة والمطالبة بالجلاء التام عن ارض الوطن، وقد كانت اول بادرة لتحقيق الجلاء على قاعدة اتفاق تم إبرامه يوم 17 جويلية 1958 بين حكومتي تونس وفرنسا غرضه تسوية القضايا العسكرية التي أثارت صعوبات عسكرية بين البلدين.
لكن إلغاء الحماية الفرنسية، وتمكين تونس من الظفر باستقلالها سنة 1956 لم يضع حدا للحضور الفرنسي في بنزرت، ولا شك إن فرنسا وإن اعترفت بالسيادة التونسية على المدينة، إلا أنها رفضت التفاوض حول نظام القاعدة الجوية والبحرية، وفي هذا الإطار اجتمعت آنذاك لجنة فرنسية تضم ممثلي الجيوش الفرنسية لمعالجة مشكل قاعدة بنزرت، وتقديم الحلول حيث طرحت وضعية بنزرت وذلك إما في إطار دفاعي فرنسي تونسي، وإما في شكل امتياز.
لقد أصبحت بذلك قضية الجلاء شرطا من شروط الحكومة التونسية لا بد من تحقيقه فالقى الزعيم بورقيبة في 25/01/1960 خطابا أمام مؤتمر الشعوب الإفريقية أعلن فيه بداية معركة بنزرت، وازداد الوضع تأزما وتطور تطورا خطيرا لمجرد بلوغ الحكومة التونسية يوم 01/07/1961 ان القوات الاستعمارية بادرت إلى تمديد المسار العسكري ببنزرت دون إعلامها، فبادرت الحكومة التونسية بتبليغ رسالة إلى الجنرال دى غول بهذا الصدد باتت بلا جواب، وهو ما عكس في أذهان النخبة الوطنية عدم نية فرنسا الخروج من بنزرت في ظرف عالمي بلغت فيه التصفية الاستعمارية أوجهها مما حدا بالديوان السياسي آنذاك في 04/07/1961 الى اصدار بيان يرى فيه ضرورة استعادة بنزرت نهائيا وتأكيدا لما تقدم ونتيجة لتأكد نوايا فرنسا في الاحتفاظ ببنزرت خصوصا على اثر شروعها في توسيع القاعدة العسكرية الجوية عمد بورقيبة إلى إعلان معركة الجلاء،حيث صرح في خطاب له بتاريخ 14/07/1961 « كلنا على يقين من أن المشاكل بيننا وبين فرنسا انتهت على اعتبار أننا دولة مستقلة... لم يبق إلا هذه الناحية الصغيرة يجب إخلاؤها والجلاء عنها... لكن ما راعنا إلا إن نفاجأ بإقامة استحكامات جديدة في قاعدة بنزرت وفتح ممرات لمرور الطائرات وشق الطرقات... وعليه فقد قررنا هذه المرة البدء في معركة الجلاء وعدم الاستعداد لتأجيلها كما حدث في جانفي 1960 «
انطلقت المعركة الدامية يوم 19 جويلية 1961 بين الجيش الفرنسي والجيش التونسي إضافة إلى عديد المتطوعين من أبناء وطننا الذين توافدوا إلى مدينة بنزرت من كامل أنحاء البلاد... والذين قوبلوا بتعزيز القوات الفرنسية ببنزرت بنحو 600جندي من جنود المظلات، الذين تم سحبهم من الحدود الجزائرية المغربية وإرسال 18 طائرة إلى بنزرت حاملة للوحدات الحربية...لتنفيذ جريمتها متناسية أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة وأن الوجود الفرنسي غير شرعي.
ورغم أن المعركة دامت 4 أيام فان الضحايا كانوا كثر اختلف المؤرخون في تعدادهم مع تصرف وحشي لجنود المظلات، وتتحدث الصحيفة الفلندية.Paula Purkaالتي زارت بنزرت حال انتهاء المعركة فتقول»إن معركة بنزرت تعتبر حسب رأيي كارثة كبرى بالنسبة للبلدان الغربية التي طالما قاومت الاحتلال أثناء الحرب العالمية الثانية...»
وخلال تلك المرحلة تم عرض القضية على مجلس الأمن الذي أمر بإيقاف القتال في 22/07/1961 وسجلت تونس بذلك انتصارا باهرا في المجال الدولي،نتيجة لما اظهرته من استبسال وصمود في ميدان القتال من اجل الدفاع عن حقها المشروع،الشيء الذي أرغم القوات الفرنسية على البدء في سحب قواتها شيئا فشيئا، وبتاريخ 14 أكتوبر 1963 أعلن بورقيبة من أعلى منبر الأمة آنذاك الجلاء الكامل،وهبّ نسيم الحرية يوم 15 اكتوبر1963 على بنزرت حيث رحل آخر جندي عن ترابها وقاعدتها.
لقد اهتزت القلوب خافقة بفرحة الجلاء،إن الأجيال التونسية المتعاقبة على اثر هذه المعركة لا بد من أن يستلهموا الدروس الخالدة ممن قدموا أنفسهم حينها عربون فداء واريقت دماؤهم الزكية من اجل أن تنعم الأجيال المتعاقبة بالحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.