شهدت البلاد خلال الاسابيع الأخيرة قبل موعد 23 أكتوبر 2012 غليانا سياسيا مضمونه ان البلاد لا تعرف متى ستصل الى الانتخابات المقبلة ولا طبيعة تلك الانتخابات ولا متى ستنتهي كتابة الدستور الجديد. وكانت حدة النقاشات والمواقف تنذر بكارثة قد تحصل في ذلك اليوم خاصة مع تمسك الترويكا الحاكمة بعدم شرعية تلك المطالب وفي ظل حالة استنفار وتجييش قامت بها مختلف أطياف المعارضة تشكيكا في الشرعية القائمة وعملا على التأسيس لشرعية توافقية جديدة يتم الاستناد اليها الى حين قيام مرحلة الحكم الدائم.
ومما زاد الأوضاع تشنجا وحدة الاحداث التي جدت في مدينة تطأوين والتي انتهت بوفاة المغفور له لطفي نقض المنتمي لحزب نداء تونس وما طرحته تلك الاحداث من إسهال في الحديث عن الاغتيالات السياسية وتوظيف لحالة الوفاة للهجوم على اجهزة الدولة اولا ومنها اساسا وزارة الداخلية في علاقة بحالة الانفلات الأمني وعدم القدرة على السيطرة على الأوضاع ووزارة الصحة في صلة بتقرير الطب الشرعي حول ظروف وفاة لطفي نقض ثم طرح قضايا اخرى منها على وجه الخصوص لجان حماية الثورة المتهمة الرئيسية في حادثة تطاوين وشرعية استخدام العنف والمولوتوف والأسلحة البيضاء للدفاع عن النفس من قبل من كانوا حينها في مقر الاتحاد الجهوي للفلاحة بتطاوين.
وقبل ايام قليلة اعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن موعد تنفيذ مبادرته للحوار الوطني وقبل ان تعلن النهضة والمؤتمر عن مقاطعتهما لذلك الحوار قدم الائتلاف الحاكم خارطته لطريق الانتخابات وشكل النظام الذي تتبناه الترويكا وكانت فيها الكثير من التنازلات حقيقة لكن كانت ضربة لمؤتمر اتحاد الشغل حسب ما اكده حتى المشاركون فيه.
والتأم المؤتمر في ظل غياب الطرفين الاساسيين في الحكم يوم 16 أكتوبر وخرج بورقة تضمنت التوصيات الختامية لاكثر من خمسين حزبا وعشرين جمعية شاركوا في فعاليات مؤتمر الحوار الوطني لكن ظلت الامور عالقة الى غاية يوم 23 اكتوبر حيث حافظت الترويكا على خارطتها واكتفى الباقون بتضمين مقترحاتهم واعتراضاتهم في وثيقة مؤتمر الحوار الوطني، ومرّت الذكرى الاولى لانتخابات المجلس التأسيسي بسلام فلم تتظاهر المعارضة وتقريبا لم تحتفل الترويكا باستثناء كلمات القاها الرؤساء الثلاثة في المجلس وهو ما جعل المتتبعين للشأن السياسي يتساءلون ما الذي حصل؟ ولماذا غابت المعارضة فجأة؟ ولماذا اقتصرت احتفالات الترويكا على خطب في التاسيسي؟ فمن انتصر في معركة 23 اكتوبر التي كان عنوانها نهاية الشرعية؟ وهو عنوان خطير كان ينذر بأزمة كبيرة لكنها مرت مثلما عاين الجميع ذلك كزوبعة بالفعل في فنجان.
اعتقد ان 23 اكتوبر 2012 تونس هي التي كسبت والشعب هو من كسب واعتقد ان كلا الطرفين كسب شيئا السلطة والمعارضة لكن اكبر رابح هو الشعب لأنه قبل اسابيع قليلة من 23 اكتوبر الشعب لم يكن يعلم اي شيء اي انه لا يعرف ماذا سيحدث يوم 23 أكتوبر ولا الى اين تتجه البلاد ولا متى تنظم الانتخابات ومتى يكتب الدستور الضغط الذي مارسته المعارضة والمجتمع المدني جعل السلطة تفهم ان المماطلة لا تعطي نتيجة وان الاغلبية هي دائما تحت مراقبة شعب يقظ ناضج وواع ومسؤول اي انه بقدر ما نتمسك بحقوقنا بقدر اصرارنا على الانتخابات.
هذا اكبر اعتبار نأخذه من اكتوبر 2012 الاتحاد قام بمبادرته وربما لو لم تكن هناك مسؤولية من الاحزاب والمجتمع المدني لكنا توجهنا الى المجهول فالسلطة عولت على التخوين وغيره لكن المعارضة والمجتمع المدني بين النضج والارادة في اكمال المرحلة في التوافق والشفافية ومازال مطلوبا منا ان نواصل في التوافق وتقديم خارطة طريق واضحة وانتخاب هيئة الانتخابات وان واصلنا هكذا سنطمئن الشعب على ان ثورته لم تضع واننا سنعبر به الى بر الامان لإنجاح المرحلة. ياسين ابراهيم «الجمهوري» : «لا رابح ولا خاسر»
نحن بدأنا بمقترح قلنا فيه ان الصراعات السياسية امر طبيعي لكن هناك خوف من عدم نجاح هاته المرحلة الانتقالية وبالتالي قد تفشل الثورة، وقلنا ان المرحلة غير ناجحة لأنه ليس هناك حوار بناء خارج المجلس لذلك اقترحنا على الأحزاب التي نتعامل معها منها المسار ونداء تونس ورقة وقلنا ان الحوار يجب ان يصل الى توافق قبل تاريخ 23 أكتوبر.
لقد عملنا جميعا وقلنا انه اذا خرجنا بالتوافقات المطلوبة ستخرج البلاد من الازمة في البداية وافقت حركة النهضة واعتبرت مثلنا ان تنظيم اتحاد الشغل للقاء مهم لأنه طرف محايد لكن فيما بعد انسحبت مع المؤتمر بدعوى وجود نداء تونس لكن هو حزب قانوني لكن الاحزاب الحاضرة خرجت بقرارات مهمة. لكن نتمنى ان لا نصل الى البحث عن الرابح والخاسر فتونس يجب ان تربح لكن الى حد الآن لم تربح ولم تخسر لذلك لم نحتفل بالانتخابات كما تمنيت لو وضعنا روزنامة للانتخابات المقبلة يوم الاحتفال بالذكرى الاولى لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي لكن للأسف لم يحدث ذلك.
حبيب الكراي «حركة البعث» : القوى التقدمية لم تحسن إدارة معركة 23 اكتوبر
أنا اعتقد ان معركة 23 أكتوبر 2012 في علاقة بالشرعية لم يقع حسن ادارتها من قبل القوى التقدمية لأن طرح اشكالية الشرعية والمشروعية في 23 اكتوبر كان يقفز على الحضور الجماهيري لأنه يفترض في غياب التزام من أطراف سياسية بما امضت عليه في صائفة 2011 وما امضى عليه راشد الغنوشي من انه سيلتزم بفترة سنة للتأسيس، تصبح كل العهود والالتزامات بين القوى التقدمية والحاكم غير ذات جدوى في غياب الضغط الجماهيري.
الترويكا أو النهضة استفادت كثيرا من مبادرة الاتحاد لأنها اولا حاولت افراغها من محتواها بتقديمها لموعد الانتخابات وقبولها بالنظام البرلماني المعدل وقبولها بهيئة الانتخابات برئاسة كمال الجندوبي لكنها جعلت بغيابها كل الأطراف السياسية تحجم عن الضغط الذي كان يفترض ان يؤدي الى فرض تعديل في الدستور الصغير يشمل الآجال التي تنتهي فيها صلاحية المجلس التأسيسي وهذا لا يتم الا تحت الضغط وذلك لم يحصل.
بالنسبة للنهضة اليوم تتحدث على اساس انها افشلت تحركات 23 أكتوبر وفي ذلك جزء من الحقيقة لأن القوى التقدمية لم تستطع ان تفرض جدولا وتاريخا لانتهاء الفترة الانتقالية، لذا أدعو الى ان يستمر الحراك الشعبي فهو الضمانة الوحيدة لجعل حكومة الترويكا تعمل تحت الضغط الجماهيري الذي سيدفعها قسرا الى الحد من مدة صلاحياتها.