يترقب المتابعون للشأن العام وكل الفاعلين في الساحة السياسية والحقوقية موعد مؤتمر الحوار الوطني الذي سينظمه الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 16 أكتوبر الجاري.. والذي من المنتظر أن يكون عنوان حل لأكثر من أزمة. أزمة يطرحها موعد 23 أكتوبر وأزمة سياسية يجسدها حجم التصريحات المتبادلة بين الترويكا وأحزاب المعارضة التي تعكس قطيعة واضحة وأزمة قضائية ميزها اعتصام جمعية القضاء المفتوح، وأزمة حريات ترجمتها حجم الاعتداءات التي تم تسجيلها خلال السنة الماضية..شملت حرية التعبير وحرية الرأي والفن والحرمة الجسدية..
فهل يكون الحوار الوطني لاتحاد الشغل نقطة الفصل في ما تعيشه البلاد من أزمات وبداية جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية.؟ عبر لزهر العكرمي عن حركة" نداء تونس" عن ثقته في اتحاد الشغل وقال :"نحن نثمن دور الاتحاد الذي جاء من تاريخ الحركة الوطنية ويهمنا الابقاء على دوره في الساحة السياسية فهو يعتمد طرق جدية للتحرك وأخذ بعين الاعتبار النجاعة ومصلحة تونس، والوفاق هو المضاد الحيوي للفوضى والعنف."
واعتبر شكري بلعيد أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أن مبادرة الاتحاد" اطار سليم وايجابي اذا ما توفرت فيها أعمال دقيقة وواضحة وذلك بتحديد تواريخ محددة حتى لا يتحول الى نقاش مفتوح." ولم يبد محمد بالنور الناطق باسم حزب التكتل اي تحفظ على مبدأ الحوار الذي يطرحه الاتحاد وقال :" لقد كنا من الأوائل الذين تبنو مبادرة الاتحاد ونحن مع كل من يدعو الى تحقيق أهداف الثورة"." الميثاق الوطني
عن أهم المبادئ التي على الحوار الوطني تناولها والتي على أساسها سيتم تحديد محتوى الوثيقة النهائية لمؤتمر 16 أكتوبر وبناء المرحلة القادم ذكر العكرمي : "ملامح ومعالم خارطة الطريق ( الوثيقة) أصبحت واضحة وهي موعد انتخابي يخرجنا من مواعيد التصريحات المتناقضة الى جدول زمني دقيق وذو مصداقية. واعادة الهيئة العليا المستقلة (هيئة الجندوبي) للعمل بأقصى سرعة بعد خسارة 9 أشهر الى جانب اخراج السياسة الحزبية من وزارات السيادة وصياغة قانون انتخابي يتم التوافق حوله." وأضاف :" هذا الى جانب سلة من الاجراءات التي تفرضها مرحلة بداية الشرعية الوفاقية يوم 24 أكتوبر والتي هي أكبر بكثير من شرعية الانتخابات تبدأ بالحوار وتنتهي بالتوافق فيجب الحسم فورا في استقلالية القضاء فقد وقع وضع اليد على القضاء وذلك بتكوين مجلس أعلى مستقل للقضاء اضافة الى تفعيل المرسومين 115 و116 ". ورأى شكري بلعيد أن الحوار الوطني يقتضي تقديم كل الأطراف لمقترحات كتابية يمكن للرأي العام عن طريقها معرفة مختلف المواقف، وفي اعتقادنا الجميع متفق أن البلاد في أزمة سياسية خانقة وان تمسك اطراف "الترويكا " في الشرعية الانتخابية هو دليل على أن الشرعية الانتخابية قد اهترأت وفقدت مصداقيتها السياسية ولعل ما وقع في تطاوين وأمس في ولاية سيدي بوزيد وطرد والي الجهة وانتشار الاحتجاجات في كامل تراب الوطن يؤكد ان هناك أزمة شرعية حقيقية." وأضاف:" حتى يكون الحوار مثمر وجب تعبئة الرأي العام والقوى المدنية والسياسية وعموم جماهير الشعب من أجل الضغط الميداني بشكل جماهيري سلمي واسع حتى يقع التزام كل الأطراف برزنامة نهائية ويتم ذلك قبل موعد الحوار 16 أكتوبر فلابد الضغط من أجل صياغة دستور ديمقراطي وقانون انتخابي ديمقراطي وتكوين هيئة عليا مستقلة للانتخابات وهيئة مؤقتة مستقلة للقضاء وهيئة مستقلة للاعلام، كما وجب التوافق على تركيبة الحكومة التي يستدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية لأن حكومة الترويكا هي عنوان للأزمة والفشل وهي المتسبب الرئيسي في المأزق السياسي الحالي لذلك وجب التوافق على حكومة كفاءات وطنية صغيرة العدد تتحمل ما تبقى من ادارة المرحلة الانتقالية." في المقابل وعلى عكس الموقفين السابقين أوضح محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل أحد مكونات الترويكا أن مؤتمر الحوار الوطني الذي ينظمه اتحاد الشغل لا يعد فضاء حسم واصدار ميثاق وطني ملزم أو اطار اصدار قرارات مصيرية للمرحلة القادمة لأن التكتل يعتبر أن المجلس التأسيسي هو الفضاء الوحيد الذي له مسؤولية اصدار القرارات وحوار الاتحاد سيمكن من تقريب وجهات النظر فقط وبالتالي ابعاد البلاد عن العنف والتجاذبات. أما عن المسائل الحاسمة التي من المنتظر تقريرها فاعتبر بالنور أن ذلك من مهام المجلس التأسيسي والترويكا.
وعن مشاركته في الحوار أوضح الناطق باسم التكتل أن حزبه "لن يشارك في حوار مع جهة تقول أن 23 أكتوبر موعد انتهاء الشرعية ." وأضاف أن مشاركتهم من عدمها في المؤتمر الوطني للحوار "مربوطة نتائج لقاء قيادات التكتل مع قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل الى جانب المجلس الوطني لحزب التكتل الذي سيتم خلاله تحديد موقفنا". نجاح مؤتمر الحوار..
وعن مدى نجاعة ونجاح مؤتمر الحوار الوطني أفاد بلعيد بأن "مدى النجاح مربوط بعاملين وجدود ارادة سياسية حقيقية وضغط شعبي فعال لأن حركة النهضة ستحاول أن تناور وأن تستنزف الحوار باطالته وربح الوقت."
أما العكرمي فقد بين أن نداء تونس ليس له اي عداء مع حركة النهضة (الترويكا )يعتبرها جزء مكون من المكونات السياسية للبلاد لكن هي تعتبرنا طرف يجب استئصاله لتستأثر بالبلاد مع جزء من الديكور وحزب، نحن نؤمن بالحوار ويهمنا نجاح المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل.
في حين بيّن بنور أن التكتل "يدعم القطع النهائي مع الماضي (التجمع ) ولنا احترازات على بعض القوى من النظام السابق التي تنتمي الى حزب نداء تونس.. ويجب ان يتراجع نداء تونس عن تصريحاته بأن الشرعية تنتهي يوم 23 أكتوبر هو كل الأحزاب التي تبنت نفس الموقف."