عقد المجلس الوطني التأسيسي لجلسة عامة يوم الاثنين الفارط لمناقشة بعض التراكيب الواردة في توطئة الدستور لم يمر بسلام فقد خلفت العديد من الانتقادات من طرف الاخصائيين في القانون الدستوري ووصل الأمر الى الشكيك في شرعية الجلسة وعدم قانونيتها. الأستاذ قيس سعيد أفاد للشروق ان ما حصل داخل المجلس أمر خطير يثير الشك وغير مطابق للنظام الداخلي ويتعرض لهذه المسألة بمزيد التفسير قائلا «بالنسبة الى عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي تم الاستناد الى الفصل 65 من النظام الداخلي الذي ورد فيه ما يلي «تتولى كل لجنة قارة تأسيسية صياغة فصول المحاور المناطة بعهدتها من مشروع الدستور قبل عرضها على الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة التي يمكنها أن تعيدها الى اللجنة المعنية لإعادة النظر في بعض المسائل قبل أن تناقشها اللجنة خلال الجلسة العامة .»
مع أن هذا الفصل ورد في الفرع الثاني من العنوان الرابع من النظام الداخلي وهو عنوان يتعلق باللجان يعني أن الامر لا يتعلق بالجلسة العامة للمجلس التأسيسي بل باللجان القارة التأسيسية وما يحصل اليوم هو نقاش داخل الجلسة العامة للمجلس وكان من المفروض أيضا أن يتم إعداد المشروع كاملا من قبل لجنة الصياغة والتنسيق وكان من المفروض كذلك إعداد تقرير عام للدستور وتفتتح المناقشة في مشروع الدستور بالاستماع إلى التقرير العام كما ينص على ذلك الفصل 106 من النظام الداخلي.
وما يلاحظ في هذه الجلسات العامة التي تم عقدها منذ 23 أكتوبر مناقشة مشروع التوطئة وبعض أحكام الباب الأول والمتعلق بالمبادئ العامة وهو أمر فضلا عن أنه يثير الشك حول مدى مطابقته للفصلين 105و106 فإنه لا يمكن أن يكون مجديا خاصة وأن بعض الأحكام والمبادئ لا يمكن مناقشتها دون الاطلاع على المشروع الكامل للدستور».
واعتبر الأخصائي في القانون الدستوري أن ما يثار اليوم حول بعض المسائل يمكن ان «تعاد إثارته بمناسبة مناقشة مسائل أخرى والنقاش الذي وقع يوم الاثنين يثبت أن المنهجية التي اعتمدها المجلس منهجية يمكن أن تؤدي إلى مزيد إطالة الوقت لوضع الدستور فمن الناحية القانونية هذا النقاش في الجلسة العامة يثير إشكالا قانونيا ومن ناحية الأثر والجدوى فانه يؤدي إلى تمديد وإطالة دون مبرر».
وعن أهم نقاط الاختلاف بين مناقشة دستور 1959 والدستور الحالي ذكر بأن مناقشة دستور 59 انطلقت آنذاك بنقاش التقرير العام الذي أعده المقرر العام قبل الشروع في مناقشة المشروع فصلا فصلا بينما اليوم الملفت أنه بدأت مناقشة أعمال كل لجنة في جلسة عامة.
وكان من الأجدر على السيد مصطفي بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي توزيع نسخ من مشروع الدستور مرفقة بتقرير عام حوله على جميع الأعضاء على أن يفتتح النقاش بعد أسبوعين من هذا التاريخ.
ماذا يقول النظام الداخلي؟
يؤكّد الفصل 105 من النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي على انه «يتولى رئيس المجلس الوطني التأسيسي تسجيل مشروع الدستور بدفتر الضبط حال صياغته ثم تعميمه مرفوقا بالتقرير العام حول الدستور وبتقارير اللجان القارة التأسيسية على كافة الأعضاء ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أسبوعين قبل موعد الجلسة العامة.» أما الفصل 106 من النظام الداخلي فينص «تفتتح المناقشة في مشروع الدستور في الجلسة العامة بالاستماع الى التقرير العام حول الدستور». وبعد تقديم التقرير العام تبدأ المناقشة حول الدستور فتعطى الكلمة للأعضاء ثم يتولى المقرر العام للدستور التعقيب على مداخلات الاعضاء.