من نيوهامبشير الى فيرجينيا على الساحل الشرقي، فرض اعصار «ساندي» نفسه على جدول اعمال السباق الرئاسي الأمريكي، ودفع الى تغييرات جذرية أدت عمليا الى انهاء الحملات الانتخابية لكل من الرئيس باراك اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني في الاسبوع الحاسم الأخير قبل اجراء الانتخابات اليوم الثلاثاء.. قطع أوباما زيارته الى فلوريدا وألغى توقفه هذا الاسبوع في كولورادو وويسكونسن واوهايو، وتابع من واشنطن الاعصار الذي شمل بخطورته حوالي 50 مليون أمريكي، اما رومني فاكتفى بالانضمام الى جولة سريعة في اوهايو مع نائبه بول راين قبل الغاء زياراته لفيرجينيا ونيوهامبشير وويسكونسن وفلوريدا... وبما ان الساحل الشرقي سيحتاج الى اسبوع لمسح الاضرار ومساعدة المتضررين كان على قيادتي الحملتين تحويل جهودهما الى اوهايو والولايات المحورية في الوسط الغربي، اضافة الى الغاء كل حفلات جمع التبرع على الساحل الشرقي. ودخل الرئيس الاسبق بيل كلينتون على الخط كبديل لغياب اوباما عن مهرجانات انتخابية كان مخططا لها هذا الاسبوع، مما يعني انه لن يكون لاوباما فرصة الحضور شخصيا في ولايات رئيسية يحتاج الى التجوال فيها لحماية تقدمه الضئيل.
من الصعب معرفة كيف سيؤثر «ساندي» على السباق الرئاسي. مع أن لأوباما أفضلية على اعتبار أن الاعصار سيمنحه فرصة التواصل مع الأمريكيين بطريقة مباشرة واظهار انه الرئيس الذي يتحمّل المسؤولية، بدل تركيز الاعلام على صعود رومني في استطلاعات الرأي.
وكان أوباما وصل الى فلوريدا مساء الأحد قبل الماضي، لكن فريق عمله أدرك أن ليس هناك ما يمكن قوله في مهرجان انتخابي على وقع اعصار «ساندي»، فعاد اوباما فورا الى واشنطن وترأس اجتماعات طوارئ عبر الفيديو من البيت الابيض مع ادارته والسلطات المحلية والفيدرالية. وفي مؤتمر صحافي سريع حذّر اوباما الشعب الأمريكي من خطورة الاعصار «ساندي»، مؤكدا أنه يهتم الآن بأثر الاعصار على الناس والاقتصاد والانتخابات «ستهتم بنفسها «».
تدرك ادارة اوباما أن أي اخفاق في التعامل مع الاعصار قد يكلّف سياسيا، خصوصا أن السلطات الامريكية اصبحت مستعدة لهذه الكوارث الطبيعية بعد درس فشل ادارة الرئيس الاسبق جورج بوش في التعامل مع اعصار «كاترينا» في العام 2005... كما ان الناخبين في ولايات محورية مثل فيرجينيا ونيوهامبشير قد لا يتابعون السباق الرئاسي ، لا سيما في حال انقطاع التيار الكهربائي، وهذه مسألة حساسة نظرا لأهمية فيرجينيا على الخريطة الانتخابية. قد يساعد «ساندي» الرئيس اوباما كون حملات رومني عليه توقفت الآن، لكن في الوقت نفسه قد يضر بحملة اوباما، التي تعيش بالأصل هاجس تراجع الاقبال على التصويت يوم الانتخابات، بحيث عبّر كبير مستشاري الحملة ديفيد اكسلرود عن هذا القلق قائلا «نريد تأمين الوصول الى مكاتب الاقتراع من دون عراقيل، لأننا نعتقد انه بقدر ما يكون عدد الذين سيتوجهون للتصويت كبيرا، بقدر ما تكون نتيجتنا أفضل».
وأضاف «ومع احتمال أن يؤدي الاعصار الى تعقيد الأمور، فانه يمثل مصدر قلق». وسيعرقل اغلاق المقرات الحكومية وتوقف وسائل النقل العام، ليوم او يومين، التصويت المبكر الذي تسمح به بعض الولايات هذا الاسبوع.
وكان اوباما حذرا في التعامل مع الاعصار نظرا لموقعه الرئاسي، فيما كان لدى رومني الوقت الكافي للاستمرار بحملته الانتخابية في الوسط الغربي، رغم عدم قدرته على مهاجمة أوباما حاليا، كونه لا يمكن لأي مرشح التهجم على رئيس خلال مرحلة طوارئ تمر بها البلاد. تعيش الحملتان الآن في حالة هدنة، مع أن رومني كان قد بدأ بطرح شعار التغيير في الاسبوع الأخير وكان ينوي توسيع انتشاره في الولايات المحورية في ظل زخم انتخابي لصالحه، لكن الاعصار عرقل تحرّكه.