تتميز مدينة وذرف من ولاية قابس بتاريخ عريق يمتد لحضارات عديدة ومتنوعة، كانت السبب في نشأة وتطوّر مرقوم وذرف وصموده أمام التحديات والصعوبات. وأصبح المرقوم أحد ركائز اقتصاد الجهة ورافدا من روافد التنمية بها. يعود تاريخ مدينة وذرف إلى ما قبل التاريخ حيث تمّ اكتشاف أثار قرية قديمة وآثار لحجر الصُوّانْ وإضافة إلى ما أكتشف من آثار أصداف وأعمدة فقرية لحيتان تدلّ على أنّ البحر قد امتد في ذلك الوقت إلى «وَادْ عَلّيْ صَالِحْ» وأنّه كان وسط القرية. وأنّ البحر الأبيض المتوسّط كان مرتبطا بالشواطئ التونسية. إضافة إلى اكتشاف آثار لأسوار قرية تسمّى بالصُلْباَنْ حيث هناك في هذا السور عدّة أبواب مثل «باب القَيْلُولة» و«باب الصَخْراتْ» و«باب حَافْ عَرِيفْ» ويتوسّط هذه المدينة سوق يفتح عليه الدكاكين وبه «جامع العَوَاديدْ» وجامع حاف عريف المتسبّب بوجود العين التي نبعت بفضل بركته. في هذه المدينة «توجد عديد العيون» الجارية مثل بير «بُودِيّةُ»، بير «سِيدِي طَاهِرْ»، بير «القُطفَةُ»، بير» المَناشِي» وهو ما أكّده عبد الله بن محمد بن أحمد التجاني في رحلته الشهيرة : رحلة التجاني «فنزلنا بمنزل فيه نخيلات قليلة وعيون ماء جارية وقصر متسّع يعرف بوذرف». توجد في وذرف عين بوسحاق وحسب الذاكرة الشعبية فانّ سيدي بوسحاق زار مدينة وذرف في الماضي وهو المتسبّب في تسميتها بوذرف. «وذرف قرية صغيرة على سهل من المطوية» وهي تقع شمال ولاية قابس حيث تبعد عنها حولي 16 كلم وتحدّها في الجهة الشمالية العَكَاريتْ أمّا جنوبا فنجد معتمدية المطوية وشرقا مدينة العِوِيناتْ وتحدّها غربا مدينة المياه الاستشفائية الحامّة.
مساحتها الجملية 988م ويعدّ عدد سكانها أكثر من 16400 نسمة. تتميّز هذه المدينة العريقة بمنتوج تقليدي متميّز له خصوصية وطابع فريد من نوعه. نجد أيضا عديد المنسوجات الهاّمة مثل «الكليم والفراشية والقشابية» ومنسوجات أخرى لم تصمد أمام التحديات وأمام الزمن «كالفراشِيَة»، «الزربية» و«البطانية» لتأخذ مكنها وتنافسها المنسوجات الصناعية والمستوردة ليكون المرقوم أحد المنسوجات الأكثر صمودا وإشعاعا في مدينة وذرف. وتعتبر صناعة المرقوم مقوّما من مقوّمات التنمية لهذه الجهة حيث أنّ اقتصاد هذه المدينة يرتكز إلى جانب قطاعات أخرى كالمقاولات والمقاطع وعلى شركات الزرابي. إنّ المرقوم هو جزء لا يتجزأ من تراث البلاد التونسية وخاصة مدينة وذرف لقد أصبح أهمّ مميّزات هذه المنطقة وارتبط اسمه بهذه المدينة لقد تحوّل المرقوم إلى وسيلة استرزاق. إنّ كلمة المرقوم من فعل رَقمَ ومعناه رَشَمَ أو سَطّرَ زُخْرُفا وهو يتشابه مع الكليم يتراوح طوله 4.5 و5.5 م ويتميّز المرقوم بألوانه الفاقعة: الأزرق الداكن، الأحمر البنفسجي والبرتقالي والأبيض وهو الذي وجد في جهة وذرف كأهمّ مركز لإنتاج المرقوم بالجنوب التونسي.
إنّه نسيج من الصوف الملوّن يتكوّن من عدّة أشكال من الزينة وله عدّة استعمالات ووظائف نفعية وجمالية وله عدّة أنواع متعدّدة ك«الحَنْبلْ»، «الحَمل» و«البِشْتْ». للمرأة الوذرفية فاستعملت خيوط ضفائرها : قِيامْ ومن «حِزامْ» «المَلْية» مادة أوّلية للنسيج.