السّلام سنّة قديمة منذ عهد آدم عليه السّلام الى قيام السّاعة، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: «لمّا خلق اللَّه تعالى آدم قال: اذهب فسلّم على أولئك: نفر من الملائكة جلوس، فاسمع ما يحيّونك فانّها تحيّتك وتحيّة ذريتك فقال: السّلام عليكم فقالوا: السّلام عليك ورحمة اللَّه فزادوه ورحمة اللَّه». (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) والسّلام تحية أهل الجنّة، قال تعالى {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَم} (يونس10) كما أنّ السّلام من سنن الأنبياء، وطبع الأتقياء.كان ابن عمر رضي الله عنهما يغدو الى السّوق ويقول: انّما نغدو من أجل السّلام، فنسلّم على من لقيناه. للأسف في هذه الأيّام أصبح بين المسلمين وحشة ظاهرة وفرقة واضحة فترى أحدهم يمرّ بجوار أخيه المسلم ولا يلقي عليه تحيّة الاسلام، والبعض يلقي السّلام على من يعرف فقط، وآخرون يتعجبون أن يلقى عليهم السّلام من أُناس لا يعرفونهم حتى استنكر أحدهم من ألقى اليه السّلام وقال متسائلا: هل تعرفني؟ وهذا كلّه من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلّم حتى تباعدت القلوب، وكثرت الجفوة، وزادت الفرقة. زيادة بركاتوالسّلام يدلّ على تواضع المسلم ومحبته لغيره، وينبئ عن نزاهة قلبه من الحسد والحقد والبغض والكبر والاحتقار، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فعن أبي عبادة البراء بن عازب قال: « أمرنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بسبع منها...افشاء السلام». (مُتَّفَق عَلَيهِ).
انّ القاء السّلام وردّه أحد الحقوق التي كفلها الشرع للمسلم على أخيه المسلم. قال الامام النووي: أن ابتداء السّلام سنّة وردّه واجب، قال تعالى {وَاِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا اِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (النّساء 86) وان كان المُسلم جماعة فهو سنّة كفاية في حقهم، واذا سلّم بعضهم حصلت سنّة السّلام في حق جميعهم، فان كان المسلم عليه واحد تعين عليه الردّ، وان كانوا جماعة كان الردّ فرض كفاية في حقهم، فان رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسّلام وأن يرد الجميع.والسّلام ثلاث مراتب.
أقلّه: السّلام عليكم، ثمّ الذي يليها: السّلام عليكم ورحمة الله، وأعلاها وأكملها وأفضلها: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. روى أبو داوود والترمذي والنسائي بسند قوي عن عمران قال: جاء رجل الى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «السلام عليكم فرد عليه وقال: عشر، ثمّ جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: عشرون، ثم جاء آخر فزاد وبركاته، فرد وقال: ثلاثون».من ثمرات السلام
1 سبب للتحابب بين المسلمين وتحقيق الايمان: فالسلام يؤدي الى المحبة والوئام بين أفراد المجتمع المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السلام بينكم تحابوا». (رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي) وروى الامام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم».
2 خير أعمال الاسلام: ان افشاء السّلام هو مفتاح القلوب، فاذا أردت أن تُفتح لك قلوب العباد فسلّم عليهم اذا لقيتهم وابتسم في وجوههم، وكن سباقًا لهذا الخير.
3 سبب للمغفرة: روى أبوداود والترمذي وابن ماجة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان، الا غفر لهما قبل أن يفترقا.»
4 سبب لعلو المكانة في الدنيا والآخرة: فمن أراد العلو والمكانة فعليه بافشاء السلام. قال صلى الله عليه وسلم: «أفشوا السّلام كي تعلوا.» (رواه الطبراني)
5 يثمر بين النّاس الودّ والمحبّة: عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحّابوا، أولا أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السّلام بينكم». (رَوَاهُ مُسلِم)
6 من أفشى السّلام حسن اسلامه: في الحديث المتفق عليه أنّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلّم أي الاسلام خير؟ قال «تطعم الطعام، وتقرئ السّلام على من عرفت ومن لم تعرف.»
7 سبب للبركة: اذا أردت أن يبارك الله لك في نفسك وأهل بيتك فسلّم عليهم كلّما دخلت بيتك فانّ ذلك من أعظم أسباب البركة. قال صلى الله عليه وسلّم: «اذا دخلت على أهلك فسلّم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك.» (رواه الترمذي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح)
8 الأمن والأمان في الآخرة: اذا كنّا في دار الدنيا تارة آمنين وتارة خائفين وتارة مرعوبين ولكن في الآخرة، قال تعالى {لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأنعام 127).
9- سبب لدخول الجنّة، روى الترمذي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيّها النّاس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا باللّيل والنّاس نيام، تدخلوا الجنّة بسلام».