"الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اِهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضّالين". آمين
والصلاة والسلام على سيّد الأولين والآخرين محمد ابن عبد الله وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
كنا مجموعة من الإخوة والأخوات جلوسا في بيت أحد الإخوان الأفاضل تحفنا الملائكة وتتنزل علينا السكينة نتدارس بعض القضايا التي تهمنا في بلاد الهجرة، وهذا عمل يفرح الرحمن ويغضب الشيطان. فأراد إبليس عليه اللعنة أن يفسد انسجامنا وفرحتنا... يذكر في هذا المعنى قول ابن مسعود رضي الله عنه "جلس قوم يذكرون الله تعالى فأتاهم الشيطان ليقيمهم عن مجلسهم ويفرق بينهم فلم يستطع فأتى رفقة أخرى يتحدثون بحديث الدنيا فأفسد بينهم فقاموا يقتتلون - وليس إياهم يريد - فقام الذين يذكرون الله تعالى فاشتغلوا بهم يفصلون بينهم فتفرقوا عن مجسلهم وذلك مراد الشيطان منهم"
وكانت نقطة الخلاف بسيطة فغضب أحد الإخوة الأفاضل - هداه الله ورعاه – انتقاما لنفسه – وهذه ليست من عاداته - فمن حسن نيتي قلت ذهب يتوضأ... ولكنه خرج ولم يعد!!!
وكان الأولى به أن يذهب فيتوضأ ثم يأتي إلينا مشرقا بنور الوضوء، مبتسما في وجه إخوانه مصافحا معانقا، تصديقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا التقى الرجلان المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه فإنّ أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه، فإذا تصافحا نزلت عليهما مائة رحمة، وللبادئ منهما تسعون وللمصافح عشرة" رواه البزار.
وها أنا أورد بل أنقل بعض الأحاديث والأقوال التي تدل على قيمة كظم الغيظ، وإنّ الغضب يسبب الكثير من المصائب... وبالله التوفيق:
1 - روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رجلاً قال: يا رسول الله مرني بعمل وأقلل، قال: "لا تغضب" ثم أعاد عليه فقال: "لا تغضب" [أخرجه البخاري]
2- وقال ابن مسعود رضي الله عنه قال: النبي صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الصرعة فيكم قلنا الذي لا يصرعه الرجال قال ليس بذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب" رواه مسلم.
3- قال ابن عمر رضي الله عنهما: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "من كفّ غضبه ستر الله عورته" رواه ابن أبي الدنيا.
- قال ابن مسعود: انظروا إلى حلم الرجل عند غضبه وأمانته عند طمعه وما علمك بحلمه إذا لم يغضب، وما علمك بأمانته إذا لم يطمع.
- قال الحسن: يا ابن آدم كلما غضبت وثبت ويوشك أن تثب فتقع في النار
- وقال خيثمة: الشيطان يقول: كيف يغلبني ابن آدم وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه.
- ويستحب أن يقول إذا غضب "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". متفق عليه.
- فإن لم يزل بذلك، فاجلس إن كنت قائما واضطجع إن كنت جالسا واقرب من الأرض التي منها خلقت لتعرف بذلك ذل نفسك، واطلب بالجلوس والاضطجاع السكون والهدوء والراحة، فإن سبب الغضب الحرارة وسبب الحرارة الحركة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الغضب جمرة في القلب" رواه الترمذي.
- فإن لم يزل ذلك فليتوضأ بالماء البارد أو يغتسل، فإنّ النار لا يطفئها إلاّ الماء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنّ الغضب من الشيطان وإنّ الشيطان قد خلق من النار، وإنّما تُطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" أبو داود وأحمد.
- عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنّ بنى آدم خلقوا من طبقات ألا وأنّ منهم البطيء الغضب السريع الفيء ومنهم سريع الغضب سريع الفيء، فتلك بتلك، ألا وإنّ منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وإنّ الغضب جمرة في قلب ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن وجد من ذلك شيئا فليلصق خده بالأرض" أخرجه الترمذي
- وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: "ثلاث من كنّ فيه أواه الله في كنفه، وستر عليه برحمته، وأدخله في محبته: من إذا أعطى شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر" رواه الحاكم.
- وأختم بهذا الحديث لسيد الحلماء عليه الصلاة والسلام حيث يقول: "من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء". رواه أبو داود والترمذي.
وإن شاء الله يتبع بموضوع قصير عن الحلم لارتباطه بالموضوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الستار بن المختار ونيس أصيل شنني قابس قاطن ببون – ألمانيا
يوم الجمعة 11 ذو القعدة 1430 ه الموافق 30 أكتوبر 2009 م