انتظم مؤخرا بالمركب الثقافي محمد معروف بسوسة معرض للفن التشكيلي بمشاركة ثلة من الفنانين الأكاديميين والعصاميين. المعرض تضمّن تشكيلة من اللوحات التجريدية والتشخيصية المتعددة التقنيات والمدارس والتي عكست العديد من المواضيع احتلت فيها الثورة المجال الأوسع. ولعل النقطة المضيئة تتمثل في عودة العديد من الفنانين من الذين كانوا مغيّبين حتى بعد الثورة مثل سمير شوشان أو الغائبين بسبب مواقف خاصة كمحمود الخليفي وغيرهم حيث شارك الأول بلوحتين تضامن فيهما بطريقته مع شهداء الثورة المجيدة معتبرا أن حضوره في هذا المعرض «لا يعكس تغييرا في موقفه من لجنة الشراءات أو من مختلف الأطراف التي شكلت له عوائق في مسيرته الفنية ولا تزال من غياب التحفيز والدعم والتجاهل من المندوبية الجهوية للثقافة». وأضاف شوشان «تندرج مشاركتي ضمن دعوة تلقيتها من صديقي لطفي بن صالح وهو أحد المولعين والممارسين للفن التشكيلي وهو الذي جمع شمل كل الفنانين المشاركين في هذا المعرض، ورغم أن وضعية الفن التشكيلي لم تتغير بعد الثورة ورغم الظروف الصعبة التي تحيط بنشاطي الفني فإني سعيد بلقاء العديد من الوجوه التي لم ألتقها في مثل هذه التظاهرات والتي لابد من تكثيفها لأنها أضعف الإيمان لتحفيزنا».
نفس الشعور نقله لنا الفنان محمود الخليفي الذي يمارس نشاطه التشكيلي منذ عدة سنوات في ظروف وصفها بأنها صعبة جدا لانعدام الفضاء وضعف الإمكانيات وقلة فرص العرض وغياب الدعم.
وأمام هذه الوضعيات الصعبة التي تجمع مختلف هؤلاء الفنانين واعترافا بقيمتهم الفنية وروحهم التطوعية وتثمينا لهذا المعرض الذي يعتبر افتتاحا للموسم الثقافي بالجهة فقد كان من الممكن تمكينهم من حوافز وإن كانت مادية في الظاهر فإنها تبقى معنوية مقابل الجهد الذي صاحب عرضهم لهذه اللوحات التي عكست فسيفساء من التوجهات الفنية.
هذه التظاهرة وإن جمعت العديد من الوجوه الفنية الغائبة والمغيبة وأخرى مألوفة فإنها أيضا دفع بعض الفنانين الآخرين للزيارة والاطلاع وهم من مختلف الأجيال كالفنان محمد بالعجوزة والفنانة نورة بالحاج متجاوزين الحدود الفاصلة بين الأكاديمي والعصامي، فعكس هذا المعرض في الظاهر احتفال الفنان التشكيلي ولكن في الباطن عبر عن معاناة متواصلة لأصحاب الفرشاة.