هل استثمرت بلادنا ثورتها في جلب الاستثمار أم أن تواصل التوتّر وعدم الاستقرار حال دون ذلك؟ وهل تم احداث مشاريع خاصة أو عمومية لاستقطاب اليد العاملة وتقليص البطالة والفقر أم أن «دار لقمان» بقيت على حالها؟ تفيد المعطيات الرسمية أن الاستثمار الخارجي تطوّر خلال الاشهر التسعة الاولى للسنة الحالية بنسبة 28.7٪ إذ بلغ 1507 مليون دينار مقابل 1171 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، لكن الملاحظين يعتبرون أن التطوّر لا يمكن ان يقاس مقارنة بسنة 2011 باعتبارها السنة الاولى للثورة التي لم تحقق فيها البلاد تطوّرا اقتصاديا يذكر.
كما أشارت المصادر الرسمية الى تمكّن هذه المشاريع من احداث 8428 موطن شغل جديد خلال السنة الحالية وقد شملت جل الاستثمارات الاجنبية في مجال توسعة مشاريع موجودة فعلا وذلك بنسبة 92٪ واقتصرت الاستثمارات الجديدة على 8٪ فحسب.
وتمثل الاستثمارات الاجنبية الفرنسية 28٪ من جملة المشاريع في بلادنا وتقدّر قيمتها ب 148 مليون دينار تليها قطر بنسبة 20٪ من الاستثمارات الاجنبية أي ما يعادل 110 مليون دينار ثم ايطاليا بنسبة 15٪ أي بقيمة 78 مليون دينار وتمثل باقي الدول 37٪ من نسبة الاستثمار الخارجي بتونس أي في حدود 195 مليون دينار.
وقد بلغ عدد المؤسسات ذات المساهمة الأجنبية التي دخلت طور الانتاج خلال نفس الفترة من السنة الحالية 90 مؤسسة باستثمارات تناهز 507 مليون دينار صرّح المسؤولون بأنها أحدثت 3826 مواطن شغل جديد. وقد استعادت منطقة زغوان بأهم نسبة من هذه الاستثمارات الخارجيةبلغت 34٪.
بجندوبة والقيروان بنسب متعادلة حدّدت ب 22٪ ثم قابس وباجةب 11٪ لكل منها.وتواصل النصيب الأهم لتوزيع هذه المشاريع بشكل غير متّزن بين الناطق السياحية التي استفادت ب 90٪ منها مقابل 10٪ فقط للمناطق الداخلية، وهي مسألة تعود بالأساس الى غياب أو رداءة البنية التحتية الموروثة منذ أجيال بهذه المناطق مما لا يحفّز المستثمر للانتصاب بها بالصفة المطلوبة.
هذه الاستثمارات أفرزت بدورها تفاوتا في خلق مواطن الشغل بين هذه الجهات إذ بلغت في المناطق الساحلية 86٪ ولم تتجاوز 14٪ في المناطق الداخلية.
وفي خصوص الاستثمارات الاجنبية المباشرة يؤمّل أن تحقق خلال التسعة أشهر الاولى من السنة الحالية 33.4٪ من مواطن الشغل بباجة و13.2٪ بزغوان و13٪ في توزر و25٪ في قفصة وبنسب أقل في مدنين 1.9٪ والقيروان 0.4٪ وجندوبة 6.2٪.وتشير المعطيات أن عدد مشاريع الاستثمار الخارجي المباشر المصرّح بها خلال نفس الفترة من 2012 في المناطق الداخلية 117 مشروعا باستثمارات تقدّر ب 557 مليون دينار وستمكّن من تشغيل ما لا يقل عن 8 آلاف موطن شغل جديد بمختلف الجهات الداخلية.
وعموما سجّلت نوايا الاستثمار بمناطق التنمية الجهوية انخفاضا ب 16.3٪ مقارنة بسنة 2011.
كل المؤشرات تدلّ على أن بلادنا فوّتت على نفسها فرص الاستثمار وتحسين مستوى عيش المواطن بالشكل المطلوب جراء كثرة المطالب والتوترات الاجتماعية والسياسية بالشكل الذي حلم به التونسي وتوقعه بعد الثورة كما أن الرسائل التي توجّه حاليا للمستثمر الأجنبي والتونسي لا تبدو مطمئنة أو مشجعة على الاستثمار في تونس لعل أبرزها عدم تعيين وزير مالية منذ نحو 5 أشهر الى جانب أحداث العنف التي لم تتوقف هنا وهناك وتواصل المطالب الاجتماعية في كل القطاعات تقريبا.