يشي تكرر الاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غزة وكذلك تهديدات قادة اسرائيل بتصعيد خطير قادم قد يتحول الى عدوان شامل على القطاع.ذلك أن عديد العوامل والأسباب تغري الصهاينة بالانجرار الى مغامرة جديدة لعل أبرزها تركيز الاضواء على الأزمة السورية وانشغال المجتمع الدولي بالبحث عن صيغة لوقف نزيف الدم على الأرض السورية. ومن الأسباب الاخرى التي تدفع الصهاينة دفعا نحو تصفية الحساب مع سلطة حماس في غزة هو تحول القطاع شيئا فشيئا الى كيان مستقل يستقبل رؤساء الدول ويسعى جاهدا لمراكمة مقومات الدولة ساعده في ذلك التغيّر الحاصل على رأس السلطة في مصر والذي فتح متنفسا كبيرا لحماس... متنفس بات يوفر لها امكانات اكبر للحصول على أسلحة أكثر تطورا وتهريبها بشكل بات من وجهة النظر الاسرائيلية يهدّد بالاخلال بقواعد اللعبة ويوفر لفصائل المقاومة قدرات أكبر على إيذاء اسرائيل وبالتالي تصعيد سقف مطالبها السياسية.
وقد شكلت الضربة الصاروخية التي وجهتها احدى فصائل المقاومة لدورية اسرائيلية على تخوم غزة... والدقة التي وجّه بها الصاروخ أفضل فرصة سرعان ما التقطها الصهاينة لتصفية الحساب ووأد هذا التحوّل الكبير في قواعد اللعبة متبجّحين بضرورة عدم تكرار الخطإ الذي ارتكب مع حزب ا& في جنوب لبنان والذي عرف في غفلة من الصهاينة كيف ينظم صفوفه ويتزود بالأسلحة بشكل أفضى الى تحقيق توازن للرعب مكّن المقاومة اللبنانية من افتكاك زمام المبادرة من الصهاينة رغم حجم آلة التدمير التي يمتلكونها.
والأكيد أن الظروف العربية وتداعيات الأزمة السورية تشكل لاسرائيل مناخا ملائما للاندفاع في مغامراتها العسكرية وفي تهويد المزيد من الأراضي الفلسطينية استباقا لمفاوضات قد يفرضها استمرار أوباما في سدّة الحكم وحاجة أمريكا للانخراط في سلسلة من ورشات للتهدئة قد نحتاجها لترسيخ المكاسب الكبرى وورشات اتاحتها التغييرات في عدة دول عربية... تغييرات هيأت ارضية خصبة ل «الشرق الأوسط الكبير» الذي ظلّت امريكا لعقود تصطاد اللحظة التاريخية الملائمة لإطلاق ديناميكيته... والذي تريد اسرائيل أن يكون لها نصيب كبير من معالمه الكثيرة.عبد الحميد الرياحي