اتهم الدكتور بسّام أبو شريف، المستشار السابق للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في لقاء خاص مع «الشروق» شاؤول موفاز بإدارة عملية اغتيال «أبو عمّار».. ولم يستبعد في الوقت نفسه ضلوع أياد فلسطينية في هذه الجريمة.. الدكتور بسّام أبو شريف الذي تحدّث من عمان بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل عرفات، كان من أقرب المقرّبين للزعيم الراحل وقد تعرّض هو الآخر الى محاولة اغتيال خسر فيها أربعة أصابع وفقد السمع في احدى أذنيه في بيروت عام 1972.تحلّ هذه الذكرى الثامنة لاستشهاد «أبو عمار» دون أن تكشف الى حدّ الآن أسباب وملابسات وفاته.. أنت، أستاذ بسّام بحكم قربك من أبي عمّار.. كيف تتابع هذه القضية؟بالنسبة إليّ فإن اغتيال الزعيم الرمز ياسر عرفات من قبل العدو الصهيوني أمر جازم وقاطع، فقد هيّأ العدو الصهيوني قبل ذلك كل الأجواء السياسية الأوروبية والأمريكية من خلال اتصال شارون برؤساء هذه الدول واتهامه لأبي عمار بما وصفه ب«الارهاب» وادّعائه أن السلام مستحيل التحقيق مادام عرفات رئيسا لفلسطين.. ولا شكّ لديّ هنا أن الحصار الذي فرضه شارون على الشهيد «أبو عمّار» وقصفه المقاطعة برام اللّه كان احدى المحاولات الدنيئة والعدوانية الهادفة الى تصفية عرفات.. وهي محاولات قام الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بوقفها خشية «انفجار» ردود فعل غاضبة فاستبدل شارون بذلك أسلوب الاغتيال المباشر بالاغتيال البطيء عن طريق السّمّ.. وأنا من ناحية قربي الكبير لأبي عمّار وملازمتي له ليلا نهارا فإنني لاحظت عليه علامات تشبه ما شاهدته من علامات على وديع حدّاد الذي اعترفت اسرائيل بعد 30 عاما باغتياله.. تماما مثلما اعترفت اسرائيل باغتيال «أبو جهاد» في تونس.. وأنا هنا أودّ أن أقول ولأول مرّة لجريدة «الشروق» انني أوجّه إصبع الاتهام الى الحكومة الاسرائيلية المصغّرة وتحديدا الى شاؤول موفاز بإدارة عملية الاغتيال.
في هذا الاطار، هناك من يطرح فرضية ضلوع أطراف داخلية في عملية الاغتيال هذه.. فما مدى صدقية مثل هذه التخمينات، من وجهة نظرك؟التحقيق الدولي يجب أن يبحث عن القاتل وليس أن يطوي الملف من خلال تقارير ووثائقيات سويسرية أو فرنسية.. وبالتالي فإن عملية تشريح جثة أبو عمار وتشريح عظامه لن يفيد.. وأودّ أن أشير هنا الى أن السّمّ حسب ما توصلت إليه مع مجموعة من الباحثين هو وهو نفس السّمّ الذي استخدم في اغتيال وديع حدّاد.. وهو من نوع «ثاليوم» وهو أيضا نفس السّمّ الذي حاولت اسرائيل اغتيال خالد مشعل به.. وهو سمّ حيث لا طعم ولا رائحة له.. تمكّن الاحتلال الصهيوني من دسّه في الدواء أو في الماء أو في الطعام وليس كما ذهبت الى ذلك قناة «الجزيرة» في احدى تقاريرها ووثائقياتها.. وبخصوص مدى ضلوع أياد داخلية فلسطينية في جريمة اغتيال أبو عمار فإنني أؤكد هنا على ضرورة فتح تحقيق حول هذه الفرضية.. فهل هناك من ساعد في اغتيال عرفات؟ هذا سؤال في الواقع لا أستطيع أن أجزم بشأنه ولكن يمكنني أن أقول إن هذا الاحتمال قائم.. ولذلك أطالب بالتحقيق مع بعض الشخصيات الفلسطينية التي كانت مسؤولة على حماية عرفات.
في هذه الذكرى، كيف تقيّم واقع القضية الفلسطينية ومستقبلها... وأين هي اليوم، من الثوابت التي رسمها أبو عمار ودفع حياته من أجلها؟مطلوب اليوم اعادة الاعتبار للشهيد الرمز وإحياء ذكرى القائد عرفات تتم بطريقة واحدة وهي مقاومة الاحتلال والتوسع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني والتصدي للعنصرية الاسرائيلية ولسياسة التهويد التي تستهدف القدس... هذه هي الطريقة التي يجب أن نتصدى بها للعدو الصهيوني الإجرامي... وهذا هو ما يجب ان يقوم به الشعب الفلسطيني الذي يجب أيضا ان يوحد صفوفه وأن يواصل طريق المقاومة من أجل انقاذ القدس من الضياع ومن أجل الدفاع عن قضيته.
هناك من «يسوّق» هذه الأيام مجددا «حلّ الدولتين»... فهل ترى بأن مثل هذا الحلّ يمثل بالفعل مخرجا ومطلبا فلسطينيا؟حلّ الدولتين هذا، على اجحافه، فقد دفنته حكومة الاحتلال منذ زمن... وهو كلام الهدف الأساسي منه مزيد الالتفاف على ما تبقى من الحقوق الفلسطينية ومزيد ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطينية... وأكثر من 56٪ من أرض الضفة الغربية والعمل على استعباد الشعب الفلسطيني.الحقوق الفلسطينية التي أكدت عليها في معرض حديثك كيف ترى فرص وامكانات تحقيقها في الولاية الثانية لأوباما؟نحن نرى أن الشعب الأمريكي أعطى أوباما ولاية ثانية.. ونحن بقدر ما نهنئه على ذلك فإننا نطالبه بأن يلتزم أولا بالدستور الامريكي... فأوباما في ما يتعلق بالشعب الفلسطيني وحقّه في تقرير مصيره لم يلتزم حتى بدستور بلاده... ولكننا مع ذلك نرى ان هناك فرصة لأوباما للتخلص من ضغوط اللوبي الصهيوني خاصة بعد ان منح خلال ولايته الاولى ما لم يمنحه اي رئيس أمريكي سابق لإسرائيل.. وبالتالي فإن على أوباما ان يلتزم بقرارات الأممالمتحدة تجاه قضية فلسطين وذلك من أجل ايجاد حل شامل في المنطقة... وهذا الحل هو بيد الولاياتالمتحدة ولكن اذا بقيت يد أمريكا مكبلة بالصهاينة فإن الاجرام الصهيوني سيتصاعد والحقوق الفلسطينية ستنسف.