انطلق موسم جني الزّيتون بالمهديّة تدريجيا ليأخذ منحى تصاعديا خلال الأيام القادمة، وقدّرت الصّابة من قبل الجهات المختصّة بحوالي 150 ألف طنّ زيتون بما يعادل قرابة 34 ألف طن من الزّيت، استعدّت لتحويلها 234 معصرة منها 26 معصرة بيولوجيّة و88 معصرة تقليديّة. وقدرت طاقة تحويل الزيت اليومية في هذه المعاصر ب5700 طنّ، من المؤمّل تأمينها في الجني والتّحويل بما يعادل مليوني يوم عمل.
وقد أبدى الفلاحون وأرباب المعاصر تخوفهم من نقص اليد العاملة في ظل ما تشهده الجهة من هجرة للقطر اللّيبيّ الشّقيق وتزامن موسم الصّيد البحري وقطاع البناء الذي بلغت فيه أجرة العامل اليومي ال20 دينارا ، كما سارع البعض إلى جني محاصيلهم خاصة أمام تفاقم ظاهرة السّرقة لضيعات الزّياتين، وغياب أعوان الحراسة منذ السّنة الفارطة، وعدم نجاعة تدخّل السّلطات المحليّة والجهويّة وجمعيّات مالكي الزّياتين مما أجبر عدد من العائلات على إحداث تعاونيات، والتّعويل على تأجير المرأة الرّيفيّة التي تبلغ أجرتها اليوميّة ال10 دنانير لتخطّي معضلة النّقص في اليد العاملة من الرّجال.
ولعلّ التّفكير في حلول جذريّة قد يساعد العملة على الإقبال على الجني إذا ما توفّرت آليّة لضمان حقوقهم بسحب الخدمات الاجتماعيّة عليهم شأن العاملين في المعاصر كعمل موسميّ منتفعين بالمنح العائليّة ودفاتر العلاج.
وموازاة مع كلّ هذا الحراك الذي بدأ عبر المناطق الدّاخليّة خاصّة تتفنّن بعض العائلات في مناطق داخليّة من جهة المهديّة في إعداد الزّيت بطريقة تقليديّة صرفة بهرش حبّات الزّيتون بواسطة «القرقابة» أو «الرّحى» حتّى الحصول على عجينة تبقى وقتا ما ليطفو «زيت النّضوح»، ويتمّ استخراج «زيت القصريّة» عبر «العفس» في نصف برميل أو نصف جرّة (قصريّة) لوقت محدّد بعده يقع «طفح» الزّيت بواسطة الماء الدّافئ، وتنقية «الفيتورة» من نواة الزّيتون قصد مزجها مع عجينة لإحضار خبز الطّابونة من دقيق القمح أو الشعير واستخدام ما أفرزه الطّفح من نواة الزّيتون كوقود لذلك، ويقع بيع هذا النّوع من الزّيت في أسواق المهديّة ب6 دنانير للّتر الواحد لتناوله كدواء أو عند إحضار أكلة الثّريد «العصيدة» صباحا مع العسل.