قدّم الأستاذ العجمي الوريمي نائب رئيس حزب حركة النهضة المسؤول عن الثقافة والشباب محاضرة بعنوان «السياسة والمواطن» بأحد المقاهي الشعبية بمدينة حمّام سوسة وسط حضور جماهيري كثيف حضره أيضا جمع من النساء. الوريمي ثمّن في مداخلته اختيار المكان معتبرا أنّ «المقهى السياسي كفكرة معمول بها في الدول الأوروبية ومظهر من مظاهر الحرية التي يعيشها المواطن بعد أن حُرّم عليه النشاط السياسي ودجّجت المقاهي بالبوليس السياسي».
وفي تحديده لمفهوم المواطنة استدل بما كتبه مستشار فرانسوا ميتران (أحد رؤساء فرنسا السابقين) «ديبري» في كتابه «الجمهورية كما أشرحها لابنتي» والذي اعتبر أن «المواطن هو ذلك الذي يشارك بمحض إرادته في حياة المدينة». واستعرض الوريمي الوضعية التي كان عليها التونسي قبل الثورة كفرد «مسلوب المواطنة والحقوق والحرية» مؤكدا تاريخية اللحظة الراهنة التي تشهد «تأسيس أول دستور توافقي يستجيب لشروط المواطنة وطموحات التونسي» حسب تعبيره.
وعرّج الوريمي على شرعية الحكومة الحالية قائلا إنّ «الذين نادوا بانتهاء شرعية الحكومة الحالية خاب ظنهم يوم 23 أكتوبر حيث فنّد الشعب تخميناتهم ومخططاتهم وأثبت وعيه وثقته في من انتخبهم، والانتخابات القادمة ستكون أفضل من السابقة ستفرز نظاما مختلطا يمزج بين البرلماني والجمهوري بعد أن أصبح المواطن يمتلك صوتا ورأيا ومن لم يشعر بذلك فعليه أن يفتكهما مِمّنْ سلبهما منه، لقد أصبح العمل السياسي حقا بعد أن كان جريمة وإن كان المواطن لا يبحث عن السياسة فالسياسة ستبحث عنه».
وتعقيبا على ما قاله الوريمي دعا بعض الحاضرين في فترة النقاش حركة النهضة إلى ترسيخ مكانتها كقوة حزبية على الساحة السياسية فيما عاب أحد الشبان من أنصار النهضة قيادات الحزب على غياب تواصلهم مع القواعد الجهوية وخاصة المحلية قائلا «أصبحنا لا نملك المعلومة المناسبة للرد على مختلف التساؤلات التي نتلقاها كما نتساءل أين وصل مشروع منظمة الشباب التي أعلن عنها السيد عبد الكريم الهاروني عندما كان مسؤولا عن الثقافة والشباب في صلب الحزب فنحن نلاحظ ارتجالية كبرى في عدة مستويات مما جعل العديد يعزفون عن النشاط السياسي في مكاتبنا المحلية .واتهم آخرون الحركة بمحاربة «إخوانهم المسلمين» في إشارة إلى ما يسمى «بالسلفيين» ووصف النهضة بالتناقض في المواقف جراء الاعتقالات المشابهة للعهد السابق في صفوف العديد من الأشخاص وخاصة الذين وقع القبض عليهم في تطاوين باستعمال طرق عنيفة مهينة ومخالفة للقانون حسب تعبيرهم.
واتهم بعض الحاضرين الحركة والحكومة بالتباطؤ في الحسم في ملفات الفساد وعدم الحسم في رموز النظام البائد والتساهل في منح تراخيص للأحزاب «التجمعية» فيما حمّل آخر المسؤولية لحركة النهضة بأنها «تخلّت عن الحكومة وتركتها تواجه حملات التشكيك والاستهداف ومختلف المشاكل بمفردها «.
ورغم الطبع الهادئ للأستاذ العجمي الوريمي إلا أنه إزاء مختلف الاستفسارات والملاحظات النقدية صعّد لهجته وحماسه محاولا الجمع بين الردّ والتوضيح حيث أكّد أن سياسة الحكومة هي توافقية بالأساس مضيفا «لو تمّ تطبيق سياسة الضرب بيد من حديد حينها سنضرب إما أقصى اليسار أو أقصى اليمين وفي كلتا الحالتين هذا ليس بحل بل الحكومة تسعى إلى التوافق وحل مختلف الأزمات بحكمة».
وحول الاتحاد العام التونسي للشغل أكّد الوريمي أنّ «الاتحاد دخل اللعبة السياسية وداخله أطراف لهم أجندا سياسية وهو يريد أن يتحول إلى حزب حاكم يتصرف وكأنه حكومة يتدخل في كل شيء، وعندما يصبح عاملا في انخرام التوازن والاستقرار يفضي إلى وضعية نجد فيها طرفا يبني والآخر يهدّم».
وتابع الوريمي قوله إنّ «من يريد أن يمارس السياسة عليه بالخروج من الاتحاد ويكوّن حزبا، ورغم ذلك لا نزال نعتبر الاتحاد شريكا ونحن مع الحوار».
واعتبر الوريمي أن جزءا من الاعتصامات كانت الغاية منها إسقاط الحكومة مضيفا أنّ «هناك من يخرّب المرافق العمومية ويفتخر بذلك وكأنه حقق إنجازا ومن كان شريكا في الثورة يجب أن يكون شريكا في البناء ».