كان من المفترض ان تحسم أمس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس الأمر فيما بات يعرف بقضية الوردانين لكن ورود معطى جديد بملف القضية جعل المحكمة تقرر التأخير لموعد لاحق استجابة للطلب. أحضر المتهمون الموقوفون صالح الفرحاني وأحمد جرفال ونجيب منصور وبديع العشي وكانت المحكمة قد استنطقتهم في جلسة فارطة وتمسّكوا بالانكار للأفعال المنسوبة اليهم.
وكان من المفترض ان تخصص جلسة الأمس الى المرافعات لكن قبل إعطاء الكلمة للقائمين بالحق الشخصي تدخل أحد محاميي المتهمين ولاحظت للمحكمة ان المتضرر مسلم قصد الله الذي تم بتر ساقه اثر رجوعه من قطر قد صرّح في برنامج «في الصميم» الذي يبثّ على قناة «التونسية» انه لا يعرف من الشخص الذي اطلق عليه النار قائلا حرفيا: «ما نعرفش وإليّ ضربونا مسيّبين وترقّاو ويخدموا خارج الوردانين ونعرفوهم».
وقال محام آخر ان هذا المعطى الجديد يمكن ان يغيّر مجرى القضية ولابدّ للمحكمة ان تتحرى في ذلك خاصة أن المتهم يواجه عقوبة تصل الى بقية العمر، ويمكن ان يكون ذلك التصريح دليل براءة وطلب من المحكمة ضرورة الاطلاع على القرص المضغوط الذي يتضمن تلك التصريحات وتأخير القضية. لكن الأمر لم يرق لأهالي الجريح قصد الله ولبقية أهالي الشهداء، مما أحدث ضجة داخل قاعة الجلسة وأثار غضب طرفي القضية.
وتدخل شقيق الشهيد معز بن صالح وأوضح للمحكمة ان قناة «التونسية» قامت بتصوير حلقة بجهة الوردانين في إطار برنامج وأكد المتدخلون ان قيس بن علي موجود زمن الواقعة ولهم قرص مضغوط يؤكد ذلك لكن لم يؤخذ بعين الاعتبار من قبل المحكمة.
وصرّحت الاستاذة ليلى الحدّاد ل «الشروق» انها اتصلت بقناة «التونسية» عديد المرات وقدّمت نفسها على انها محامية الشهداء والجرحى وطلبت منهم إعلامها بأي برنامج متعلق بملف قضاياهم والرجوع اليها لكنهم لم يستجيبوا للطلب وقدّمت برنامج «في الصميم» يوم 27 نوفمبر الجاري على طريقتها وهو الأمر الذي أثار استياء الاهالي. ومن جانبه أشار الأستاذ زهير قريسة الى أنه سبق أن تعرض للقرص المضغوط الذي يوثّق حقيقة واقعة الوردانين لكنه لم يعط الاهمية اللازمة وأبدى استعداده وجاهزيته للمرافعة، مستغربا من طلب الشق الآخر من الدفاع في طلب التأخير.
وأشارت الأستاذة الحدّاد بدورها الى القرص المضغوط وقالت انه لا يمكن الاستئناس اليه باعتباره مسجلا وخضع للمونتاج. وبعد ان رفعت هيئة المحكمة الجلسة لمدة وجيزة خاصة بعد ان تشنجت الاجواء قال رئيس الدائرة انه لا يمكن الفصل في القضية في مثل هذه الظروف طالبا احترام المحكمة.
انعقدت المحكمة من جديد وقررت التأخير وذلك لمراسلة قناة «التونسية» لمدّها بنسخة اصلية من برنامج «في الصميم» ولمراسلة قناة «تونسنا» ايضا التي قدّمت بدورها برنامجا متعلقا بالشهداء والجرحى. كما تقرر التحرير مكتبيا على الجريح مسلم قصد الله يوم 19 ديسمبر المقبل.
وللتذكير فقد جدّت وقائع القضية في الليلة الفاصلة بين 15 و16 جانفي 2011 قرب مفترق الساحلين حيث نشب اشتباك بين أهالي الجهة وأعوان الأمن بعد انتشار خبر مفاده محاولة تهريب قيس بن علي وخلّفت الحادثة سقوط 4 ضحايا و6 جرحى. وقد قضت محكمة البداية بسجن المتهمين الموقوفين مدة 5 سنوات وبسجن الرئيس السابق مدة 20 سنة وقضت غيابيا في حق المتهمين بحالة فرار بالسجن مدة 10 سنوات لكل واحد. وبرأت ساحة ليلى الطرابلسي.