نظرت صباح أمس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية في قضية شهداء وجرحى الوردانين وقد خصّصت الجلسة للاستماع الى تصريحات المتهمين. أحضر المتهمون الموقوفون صالح الفرحاني وأحمد جرفال ونجيب منصور وبديع العشي المحالون من أجل القتل العمد لنفس بشرية، فيما بقي كل من الرئيس السابق والصادق الوطوطي ولطفي الغربي وإحسان السعفي ووائل المبروك محالين بحالة فرار.
إجماع حول البراءة
بدت تصريحات جملة المتهمين متناسقة وتصبّ في خانة واحدة وهي «البراءة» وتمسّكوا بالإنكار التام لما نسب إليهم. المتهم صالح الفرحاني صرّح أن الأهالي هم الذين بادروا بإطلاق النار. وأوضح أنه تنفيذا لتعليمات رئيس المنطقة توجّه صحبة زملائه الى مدينة الوردانين بعد أن بلغ الى علمهم أن مركز الأمن بالجهة في خطر. وعند وصولهم اعترض سبيلهم زميلهم لطفي الغربي وطلب منهم إيصاله الى مفترق الطرقات ليتوجّه نحو مدينة مساكن إلا أنه وفي الأثناء اعترضتهم مجموعة من المواطنين يفوق عددهم 400 نفر وأرسوا شاحنة على عرض المعبد لمنعهم من مواصلة الطريق وفعلا توقّفوا ومباشرة تمّ رشقهم بالحجارة وشتمهم كما عمد شخص الى استعمال سيف لتمزيق عجلات السيارة ورغم فتح باب المفاوضات معهم وقع اطلاق النار من طرف شخص لا يعرفه وأصابه في يده اليسرى ورجله اليمنى ولم يتمكن حينها من ردّ الفعل وطلب النجدة. وتمّ نقله الى مستشفى سهلول عن طريق أعوان الجيش الوطني وقد أنكر استعماله للسلاح رغم مجابهته بشهادة الشهود مؤكدا أن السلاح لا يمكنه استعماله إلا بيديه الاثنين، وقال إنه لم يغادر السيارة بالمرّة، حينها طلب ممثل النيابة العسكرية التدخل وتوجّه بالسؤال الى المتهم حول ما إذا كان باب السيارة مفتوحا أم لا؟ فأجاب بنعم لكن ممثل النيابة واجهه بتصريحات زملائه الذين أكدوا فعلا أن الباب كان مفتوحا لكنه هو نزل من السيارة وبحوزته سلاح «شطاير».
من جانبه تمسّك المتهم أحمد جرفال بما سجّل عليه في الطور الابتدائي وأكد أن مهمته اقتصرت على السياقة ليلة الواقعة. وقال إنه كان متسلّحا بسلاح فردي M43. وقد سلّمه الى أعوان الجيش، مؤكدا للمحكمة أن الضحايا أصيبوا بسلاح حربي من الصنف الأول.
وبخصوص الواقعة أعاد ما صرّح به زميله الأول أي أنهم كانوا في مهمة لحماية مركز أمن الوردانين الذي أكد معرفته الجيدة لها ولأهلها وقال إنه خيّر ليلتها الهروب حتى يتفادى المواجهة معهم.
وبخصوص السلاح أكد أنه لم يقع تسجيل عملية التسليم ولا عدّ الذخيرة نظرا الى حالة الهلع التي كانت عليها كامل المنطقة. الإنكار تواصل مع المتهمين الآخرين نجيب منصور وبديع العشي اللذين أنكرا استعمالهما للسلاح. وصرّح المتهم نجيب أنهما كانا متسلّحين بسلاح فردي، وأن نيتهم كانت التوجّه الى مدينة الوردانين لحماية مركز الأمن لكن الأهالي منعوهم من آداء مهمتهم.
تأجيل
وحضر السيد محمد الوسلاتي الممثل عن المكلف العام بنزاعات الدولة في حق وزارة الداخلية وقدم تقريرا وطلب الرجوع في الاستئناف وهو ما يعني ان الدولة قابلة لمبدإ التعويض الذي قضت به محكمة البداية والذي قارب ال 800 ألف دينار لعائلات الشهداء والجرحى.
وقررت المحكمة تأخير القضية الى موعد لاحق لانطلاق المرافعات وللتذكير بوقائع القضية التي جدت أحداثها في الليلة الفاصلة بين 15 و 16 جانفي 2011 قرب مفترق الساحلين حيث جدت اشتباكات بين أهالي الجهة وأعوان الأمن على خلفية انتشار خبر مفاده محاولة تهريب قيس بن علي الذي حفظت في حقّ التهمة وقد خلفت الحادثة سقوط 4 ضحايا وهم ناجح ومحمد زعبار ومعز بن صالح وفيصل الشتيوي اضافة الى 6 جرحى وهم محمد المبروك وحمدي فرج الله ومالك البكوش ونبيل منصور ومحمد السبحي ومسلم قصد الله.
وقد وجهت أصابع الاتهام الى المتهمين الحاليين بديع العشي وأحمد جرفال ونجيب منصور وصالح الفرجاني وقد قضي في حقهم ب 5 سنوات سجنا لكل واحد. كما قضت المحكمة غيابيا بثبوت الادانة في حق الرئيس السابق بن علي وقضت بسجنه مدة 20 عاما من أجل جريمة حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.
وقضت بثبوت الادانة أيضا في حق وائل المبروك وإحسان السعفي والصادق الوطوطي غيابيا وسجنهم مدة 10 سنوات فيما برأت ساحة ليلى الطرابلسي.
هوامش من الجلسة
سجلت الجلسة حضور بعض أهالي الشهداء الذي عبروا عن غضبهم من تصريحات المتهمين مما اضطر رئيس الجلسة الى التوقف عن الاستنطاق أكثر من مرة. أحد الحاضرين اتهم أحد المحامين بتزييف الحقائق فتم اخراجه من قاعة الجلسة. الاتهامات الموجهة الى المحامي أثارت حفيظة هيئة الدفاع وطلبت تسجيل احترازها على تلك الاتهامات لما فيها من هضم لحقّ المحامين. الاستاذ عبادة الكافي طلب من رئيس الجلسة ايقاف الاستنطاق الى حين توفير الظروف القانونية. ممثل النيابة العسكرية طلب بدوره رفع الجلسة الى حين اتخاذ تدابير أمنية. رئيس الجلسة نجح في التحكم في أعصابه رغم الاستفزازات من قبل أهالي الشهداء وحاول التهدئة من روعهم مؤكدا لهم أن المحكمة ستفصل القضية طبق القانون وستجتهد في كشف الحقيقة وإعطاء كل ذي حقّ حقّه.