أثبت رئيس الجمهوريّة محمّد المنصف المرزوقي أنّه يُحسن المناورة وتقدّم خطوات مهمّة لتحسين أدائه والأكثر من ذلك تجميع مختلف الأطراف السياسية حوله وخاصة تلك المنتمية للمعارضة. في لحظة مفصليّة من تاريخ تجربة الانتقال الديمقراطي تبنّى المرزوقي خطابا ناقدا لأداء الحكومة وطالب بتشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط بعيدا عن المحاصصة الحزبيّة وباعتماد الكفاءة أساسا.
وسبق لرئيس الجمهوريّة أن لعب العديد من الورقات لإبراز قدرته على الفعل فحتّى وإن لم يمنحهُ القانون المؤقت لتنظيم السلط العموميّة الكثير من الصلاحيات وحدّ من هوامش تحرّكه السياسي والرسمي فهو ظهر على كفاءة عالية في توجيه الأنظار إليه من خلال العديد من المواقف والتصريحات، ويكفي للتدليل على ذلك خطابه ألأخير الّذي وضع الجميع أمام أسئلة حيرة واسعة خاصة عندما وجّه ضربة موجعة ل«غريمه» رئيس الحكومة السيّد حمّادي الجبالي المثخن بجراح سليانة وما تلاها من استتبعات وكأنّه يُعيد إليه ما فعله به في عدّة مرات سابقة وخاصة عند قراره تسليم البغدادي المحمودي على قاعدة «المتسلفة مردودة».
الجميع عدّل مواقفه على كلام المرزوقي والثناء الواسع الّذي لقيه خطابه الأخير بما فيه من جرأة يؤكّد قدرة عالية على الفعل السياسي حتّى دون صلاحيات قانونيّة وهنا تكمن الحنكة والقدرة على المسك بزمام المبادرة.