أمام معتمدية بنزرت الجنوبية تجمع عدد من عمال الحضائر الذين جمعهم هدف واحد ونداء واحد فهم يعملون 10 أيام في الشهر.. مطلبهم إذن هو تسوية وضعيتهم والمطالبة بالعمل طيلة شهر كامل، لأن أجر 10 أيام في الشهر هو مبلغ زهيد. هم عمال وقفوا في حركة احتجاجية وسمات سنوات التعب بانت على محياهم لترسم لوحة تراجيدية لسنوات الحرمان والفقر وقلة ذات اليد. ومن بينهم صالح العباسي البالغ من العمر 60 سنة وهو من سجنان ويعمل في مجال الحظيرة منذ 6 سنوات. منزله متكون من غرفة واحدة آيلة للسقوط ويؤكد أنه يعيش ب»القليل القليل» مع زوجته حتى يكفيهم أجر العشرة أيام الى الأجر المقبل الذي كثيرا ما يتأخر. وهو نفس ما يؤكده رمضان السعيداني البالغ من العمر 62 سنة وهو من فجة الريح بسجنان ويعمل في الحظيرة منذ 3 سنوات.
يعيش في منزل للكراء مع 6 عائلات يعيلهم ويؤكد والدموع في عينه أن أجر العشرة أيام لا تكفيه البتة حتى لشراء دواء ابنه المريض ب»الأعصاب» والأفدح من كون الأجر زهيد تأخره.
كما يقول مصطفى بن صالح البالغ من العمر 55 سنة وهو من برج طالب بأن أجر العشرة أيام عمل لا تكفي للأكل والشرب وشراء الملابس لذا يطالب بالعمل لشهر بأكمله. أما العامل الطيب بن مبارك من فجة الريح بسجنان البالغ من العمر 67 سنة فيقطن في غرفة من الزنك مع زوجته المريضة وهوله منحة التقاعد 120 دينارا بعد سنوات عمل في الغابة ويقول:»كي تكفيني المنحة أقسطها ولا أشتري لا خضر ولا غلال ولا لحم» وهكذا فهذه الأجور الزهيدة ليست سوى لسد الرمق. وفي حديث لنا مع مسؤول بوحدة العمل الاجتماعي بالمعتمدية عن سبب عمل عمال الحضائر 10 أيام فقط كل شهر قال بأن الحضائر نوعين:النوع الأول حضائر مسترسلة أي قارة وهم يعملون كامل الشهر مثل العمال في المعتمدية والبلدية والولاية أما النوع الثاني فهوحضائر ظرفية وهم كانوا يعملون شهرا ويعطلون عن العمل في الآخر أما الآن فهم يعملون 10 أيام في الشهر وهذا يعود الى كون الولاية تعطي ميزانية للمعتمدية لتقسيمها على عمال الحضائر. ونظرا حسب قوله الى كون الميزانية لا تكفي جميع العمال وتفاديا للبطالة في صفوفهم تقسم الميزانية بينهم بتلك الطريقة ويؤكد المسؤول بأن الحظيرة لها طابع اجتماعي بحت.في الوقت الذي يقف فيه العمال محتجين عن العمل 10 أيام فقط يرى البعض الآخر أن هذا له طابع اجتماعي لكنه في حقيقة الأمر استغلال مقنع لعمال الحظيرة استغلال لمدى حاجتهم لذلك الأجر الزهيد والعشرة أيام عمل ليست سوى حجة بالية لإخراس أشخاص ليس لهم من خيار. هؤلاء المسنون.. هم اليوم في أمسّ الحاجة الى التدخل لفائدهم فهل تتنبّه السلطات المسؤولة لتسوية وضعيتهم العالقة وإيجاد حلول عاجلة حتى لا يجوع «الذئب» ولا يشتكي «الراعي».