من بين الاصدارات الجديدة لدار الجنوب «حمام زنوبيا» للروائي رياض معسعس قدمها الأستاذ توفيق بكار. نص الرواية قاتم كحقيقة الأوضاع في البلدان العربية، دكتاتورية ، تنهش روح مواطنيها ، تتلذذ عذابهم وصراخهم ،تقتلع أرواحهم ثم تدفنهم أحياء لا شاهد على عذابهم سوى ليل كئيب مثقل بدموعهم وألمهم، أرض تشتعل حقدا على من عليها تلتهم شبابهم وأحلامهم تلقي بهم في ظلمات السراديب والسجون ، تنكل بهم، تستبيح رجولتهم، تعاقبهم على طمعهم في حرية اعتبرت من المحرمات، تكدسهم تحت صفيح النار، تشوّه ملامحهم ، تضخ فيهم سمومها .
رحلة رجال خيروا العذاب بدل الرضوخ لإرادة الدكتاتورية، دافعوا عن مبادئهم بالقلم والجسد، ذاقوا العذاب ألوانا،شرّدوا ومنعوا من العمل،حكاية وإن اختلف أبطالها وزمانها تظل تشبه آلاف الحكايات في الوطن العربي فلا يجمع العرب غير وجعهم وقهرهم لسنوات من قبل قادتهم وحكامهم ، أجيال ضحت بحياتها من أجل الاستقلال والكرامة ، حلمت بتوريث أبنائها وطنا حرا ، مستقلا، يحفظ كرامتهم، فلم يجنوا غير الخيبة ، والفقر و البطالة.
حمام زنوبيا، جرح سوري لا زال ينزف ،يختلط فيها الواقع بالخيال، الخاص بالعمومي، تتحول رواية البطل إلى شهادة على فترة من تاريخ البلاد والعباد،حكاية شعب يعاقب حتى إن أحس بمتعة الحب، من حمام زنوبيا كانت بداية اللذة والعذاب، رحلة شاقة يروي من خلالها مالك صراعه من أجل البقاء وتوقه الى الحرية،يرسم ذكرى من قتلوا بذنب أو دونه ،من فجرت أجسادهم بإرادة من النظام ، من لم يذكرهم التاريخ ولكن ذكراهم راسخة في أرض سقوها بدموعهم و دمائهم .