الكلمة سلاح ذو حدين فربّما تكلم بها صاحبها فأدخلته الجنّة من حيث لا يدري وربّما كانت سببا في دخوله جهنم من حيث لا يعلم.. والكلام ثلاثة : صدق ، وكذب ، واصلاح. ولقد حَرَّمَ اللهُ الكذب وأعتبره ذنبا عظيما وكبيرةً من الكبائر وعملا قبيحا مغايرا لروح الايمان وحقيقته.
والكذب انحراف خلقي له أسبابه ودواعيه، أهمها:
1 العادة: قد يعتاد المرء على ممارسة الكذب بدافع الجهل، أو التأثر بالمحيط المتخلف، أو لضعف الوازع الديني، فيشب على هذه العادة السيئة، وتمتد جذورها في نفسه..
2 الطمع: وهو من أقوى الدوافع على الكذب والتزوير، تحقيقا لأطماع الكذاب، واشباعا لنهمه. 3 العداء والحسد: تلفيق التهم، وتزويق الافتراءات والأكاذيب، على من يعادونه أو يحسدونه. 4 الحفاظ على المكانة الاجتماعية. آثار الكذب
وللكذب آثاره السيئة منها: 1 الكذب من خصال المنافقين: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: اِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَاِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَاِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ». (رواه البخاري ومسلم) 2 من تكرر منه الكذب حتى صار عادة يكتب عند الله في صحائف الكذابين ، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «...وانّ الكذب يهدي الى الفجور، وانّ الفجور يهدي الى النّار، وانّ الرّجل لَيَكْذِبُ، حتى يكْتَبَ عند الله كذابًا.» (متفق عليه) فالمرء لا يرضى أن يصنف من قبل أهله وأصحابه في قائمة الكذابين، فكيف يرضى أن يكون عند خالقه كذلك؟ 3 الكذب يفسد كل شيء حيث أنه يضعف ثقة الناس بعضهم ببعض. ويبعث على سوء السمعة، وسقوط الكرامة، فلا يصدق الكذاب وان نطق بالصدق، ولا يوثق بمواعيده وعهوده.
وهذه الآثار والعواقب تختلف باختلاف نوع الكذب وحجمه، فمنها ما تكون مادية ومنها ما تكون معنوية أو تشمل الجانبين، وقد تكون هذه الآثار والعواقب محدودة بالجانب الفردي، وقد تمتد تلك الآثار والعواقب وتتسع دائرتها لتشمل المجتمع.
أخطر أنواع الكذب
1 شهادة الزور: نهى القرآن الكريم عنها في قوله تعالى {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } (الحج 30). وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدي الحاكم حتى يتبوأ مقعده من النار»، وكذلك من كتم الشهادة. فهي جريمة خطيرة، وظلم سافر هدام، تبعث على غمط الحقوق، واستلاب الأموال، واشاعة الفوضى في المجتمع، بمساندة المجرمين على جرائم التدليس والابتزاز.
2 اليمين الكاذبة: قال تعالى {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (المجادلة 14) اعتاد بعض الناس أن يستهين بالحلف حتى أنّه يكذب في قسمه ولا يهتم وكأنّه لم يفعل شيئا أمّا عن جهل بخطورة ذلك أو عن تهاون في الدين. ويظهر ذلك كثيرا في مجال التجارة أو مواقف الخصومات. وهي من أبشع صور الكذب، وأشدها خطرا واثما، فانّها جناية مزدوجة: وجرأة صارخة على الله بالحلف به كذبا وبهتانا، وجريمة نكراء تمحق الحقوق وتهدر الكرامات. قال النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: «إيّاكم واليمين الفاجرة، فانّها تدع الديار من أهلها بلاقع».
3 الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم: من أعظم أنواع الكذب، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار. (رواه مسلم والبخاري ) 4 الكذب على الله تعالى: يكون بتحليل حرام وتحريم حلال، وذلك مثل أن يتكلم في دين الله بغير علم أو يقول قال الله كذا ويذكر شيئا لم يقله الله.. قال تعالى {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ} (النحل 116).