حقق محرك البحث «قوقل» إلى حدود 20 جويلية 2012 رقم معاملات بلغ 193 مليار دولار أمريكي بالإضافة إلى احتياطي نقدي بلغ 1 مليار دولار متأتية بنسبة 97 ٪ من الإشهار واعتبر بعض الخبراء التونسيين أن «قوقل» و«فايس بوك» حققا مجتمعين في تونس أرباحا تقدر بمليار دينار تونسي دون دفع ضرائب للدولة.
تسعى الحكومة الفرنسية إلى إقرار قانون في شهر ديسمبر الحالي إذا ما تعطلت المفاوضات بين الناشرين والفنانين الفرنسيين ومحرك البحث الأمريكي «قوقل» لإجبار عملاق الانترنات على دفع حقوق تأليف وأداءات على استغلاله للمادة الصحفية والفنية المنتجة بفرنسا. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند قد التقى بنفسه رئيس مؤسسة «قوقل» الأمريكي إريك شميدت لإقناعه بوجهة نظر الناشرين والفنانين الفرنسيين.
هذا اللقاء الذي جرى في شهر أكتوبر الماضي نبّه عديد الخبراء في العالم إلى التجاوزات الخطيرة التي يقوم بها محرك البحث رقم واحد في العالم الذي بنى ثروته من ما ينشره يوميا على صفحاته والمواقع المتعاونة يوميا من وثائق ومقالات صحفية وأغان وأشرطة مصورة تنتج في كامل أرجاء العالم دون أن يستفيد أصحابها من حقوق التأليف التي تضمنها معاهدات واتفاقيات دولية وأكد الخبير الفرنسي مارك شوارتز وهو أحد أطراف المفاوضات مع «قوقل» «أن عملاق الانترنات الأمريكي لا يسوى شيئا إن لم تتوفر له كل يوم المادة اللازمة والتي عادة ما ينتجها صحفيون وفنانون وأدباء وباحثون هنا وهناك في مختلف بلدان العالم» ومن بين هذه البلدان تونس التي تطور فيها استعمال الانترنات بدرجة كبيرة حيث وصل عدد المشتركين 3.7 ملايين يقومون بعشرين مليون نقرة (clic) يوميا ويقضون بمعدل ساعتين أمام الحاسوب والهواتف الجوالة يوميا لتصفح مختلف المواقع المقيمة لدى محرك البحث «قوقل» وبقية شركائه ك«يوتيب» (Youtube) و«فايس بوك» و«أمازون».
مليار دينار؟
وفي تقديرات لخبراء تونسيين فإن مستعملي الانترنات في تونس يفضلون محرك البحث «قوقل» بنسبة 82 ٪ في حين يقتصر استعمال التونسيين لمحرك البحث ياهو (yahoo) على 10 ٪ فقط ونادرا ما يدخل التونسيون إلى محركات البحث الأخر كبابيلون و msn.
وعن وعي أو دونه فإن التونسيين يشاهدون ملايين الومضات الاشهارية التي تمر أمام أعينهم بمجرد دخولهم لهذا الموقع أو ذاك وهي ومضات إشهارية مدفوعة الأجر وموجهة في جزء منها للمستهلك التونسي كالسيارات والملابس والعطورات وشركات الأسفار والهواتف الجوالة وباعتبار صعوبة تحديد مداخيل هذا النوع من الإشهار الموجه إلى السوق التونسية فإن الدولة التونسية لا تنتفع بأي أداء عليها مع أن المعاهدات الدولية نظمت التجارة الافتراضية بل إن القانون التونسي يحتكم على مجلة كاملة للتجارة الإلكترونية تبقى للأسف غير مطبقة على محركات البحث التي تحقق جزءا من رقم معاملاتها في تونس وقد قدرت خسائر الدولة التونسية بمليار دينار تونسي في شكل أداءات غير موظفة على هذا النوع من المعاملات الافتراضية.
هذا وقد تم احتساب هذا الرقم انطلاقا من مقارنة مع خسائر فرنسا التي بلغت 4 مليارات أورو ب 200 مليون نقرة يوميا وعملية حسابية بسيطة بالمقارنة مع عدد النقرات المسجلة في تونس تعطي تقريبا هذا الرقم الذي تحققه «قوقل» في تونس. هذا ويوجد ضحايا أخرون لمحرك البحث الأمريكي في تونس لا ينتفعون بحقوقهم من التأليف.
حقوق التأليف
يستعمل محرك البحث الأمريكي قوقل ملايين المقالات والبحوث والأغاني والأشرطة المصورة في تونس دون إستشارة أصحابها. وتمكن هذه المادة الإعلامية والفنية «قوقل» من توسيع قاعدة البحث لدى مستعملي الإنترنات في تونس والأخطر أنه في عديد الأحيان لا تتم الإشارة إلى صاحب هذه المادة سواء كان صحفيا أو باحثا أو فنانا بل قد يصل الأمر إلى السطو على هذه الأعمال وترجمتها إلى لغات أخرى ونسبها إلى أشخاص آخرين. وتكلف الخروقات التي يقوم بها محرك البحث الأمريكي قوقل ملايين الدولارات سنويا للصحفيين التونسيين والناشرين والفنانين مع أن المعاهدات الدولية حددت سبل وأشكال حماية المؤلف بل وأرغمت المتجاوزين على دفع غرامات وتعويضات للمؤلفين الذين يتم استعمال ابداعاتهم وانتاجهم دون إذن مسبق.
بدائل وحلول
سعت عديد الدول إلى حماية مبدعيها وصحفييها من محركات البحث التي تستعمل انتاجاتهم لتوسيع قاعدة البحث وذلك بتركيز هيئات وجمعيات مدنية للدفاع عنهم والقيام بدعوات قضائية للحصول على تعويضات مقابل الضرر الذي لحق بهم وآخر هذه الدول التي تفطنت إلى هذا الأمر هي فرنسا التي تسعى إلى سن قانون لا فقط لحماية ناشريها وفنانيها بل لإجبار «قوقل» على دفع أداءات للخزينة.
هذا الواقع الجديد دفع بالعملاق الأمريكي إلى مغازلة الحكومة الفرنسية وذلك بإقامة مركز لقوقل بفرنسا سيشغل أكثر من ألف عامل وهو ما ننصح به الدولة التونسية على الأقل من أجل إجبار العملاق الأمريكي للإستثمار في تونس في انتظار وضع إطار قانوني لحماية التونسيين من جشع «قوقل».
قوقل بالأرقام
تم بعث محرك البحث الأمريكي قوقل سنة 1998 ويملك العملاق الأمريكي 21 مكتبا في 11 دولة وتعود تسمية «قوقل» إلى سنة1938 لما طلب عالم الرياضيات الأمريكي ادوارد كاسنار من ابن أخيه الطفل ميلتون سيروتا اختيار كلمة تعبر على عدد 1 متبوع بمائة صفر فنطق الطفل البالغ من العمر (كلمة Gogol) وتم إضافة حرف o للكلمة من طرف العملاق الأمريكي لتصبح «قوقل» لرمزيتها من حيث عدم حصر قاعدة البحث داخل المحرك.
هذا ويملك «قوقل» ثلاثين ألف مليار وثيقة منشورة على الواب ويتم تصفح 20 مليار صفحة يوميا على محرك البحث الأمريكي في 112 لغة ويبلغ عدد النقرات على قوقل 40 ألف نقرة في الثانية حسب آخر إحصائية صدرت في شهر أوت الماضي ويتم مشاهدة 2 مليار مقطع فيديو يوميا على موقع youtube التابع لمحرك البحث قوقل وتمرر قوقل يويما 45 مليار ومضة إشهارية.
ويشغل «قوقل» 54604 عامل ويتكون مجلس إدارة المؤسسة من 10 مديرين ويصل «قوقل» يوميا أكثر من 1500 مطلب شغل من كامل أنحاء العالم ويتنقل عمال قوقل على متن 2000 دراجة في مكاتب الشركة التي توفر كذلك بمركزها الرئيسي بمانتون نيم بأمريكيا 15 مطعما مجانيا ويبلغ الدخل المتوسط لعمال «قوقل» 8500 دولار في السنة.
ويعد قوقل أول مستشهر على الواب يقدم خدماته إلى أكثر من مليون شركة ومنتج في العالم. وتم تجهيز مركز قوقل بالولايات المتحدة ب 2 مليون حاسوب التي تملك قدرة حسابية مقدرة ب 600 تير فلوب أي عشرة مرات قدرة الحاسوب كولمبيا أقوى حواسيب وكالة الفضاء الأمريكية ناسا.