أقرّت الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل مبدأ تنفيذ اضراب عام في البلاد يوم 13 من الشهر الجاري، وذلك على اثر الأحداث الخطيرة التي استهدفت مقره المركزي وقيادته خلال نهاية الأسبوع الماضي من قبل ما يعرف بروابط حماية الثورة، وتسببت في جرح العديد من الكوادر النقابية من بينهم أعضاء من المكتب التنفيذي. والسؤال الذي يطرح في هذا الجانب هو هل أن الاضراب العام في مثل هذه الحال وهذا الوضع العام الذي تمرّ به البلاد هو الحل؟ وهل يمثل هذا الاضراب نوعا من التخوفات لدى الطيف السياسي في البلاد والحكومة ذاتها ثم في الاخير لدى المواطن العادي؟ وهل أنه يمثل أيضا تذكرا خاصا لجيل السبعينات بأحداث 26 جانفي 1978 الدامية التي عرفتها البلاد على اثر قراره بالاضراب العام في تلك الفترة؟
مبدأ الإضراب
وربط الاتحاد تنفيذ اضرابه العام من عدمه بتحقيق هذه المطالب وعدم التنازل عن اي منها، دون ان يغلق باب الحوار بشأنها مع الحكومة التي وقفت الى حد الآن موقف المتفرج على الأحداث الحاصلة بل انحاز العديد من رموزها الى روابط الثورة مقللين من قيمة الأحداث ومعتبرين ذلك شأنا بسيطا لا يرتقي الى مستوى الرد عليه بإضراب عام، ومعتبرين الأمر من شأن القضاء الذي يبقى المخول له الوحيد في البت في هذه القضية. هذا الموقف مازالت تلتزم به الحكومة ويعبّر عنه العديد من وزرائها ويؤكده أيضا ممثلو حزب النهضة وبقية أحزاب الترويكا، وهو ما زاد في تعقيد الأمور وذلك على الرغم من ليونة بعض الأطراف الاخرى في الحكومة التي أبدت نوعا من الاعتراف بخطورة هذا الاعتداء وبرفضها له، وهو ما زاد في تعقيد الأمور. هل أن الإضراب العام هو الحل؟
هذا هو السؤال المحوري الذي نزلت به «الشروق» الى الشارع وحاورت فيه بعض المواطنين. فكيف كانت آراؤهم في هذا الشأن وهل كانت عميقة تذكر بمخاطر ما حصل في 26 جانفي 1978. جمال المعموري (تاجر) القضية التي أثارها الاتحاد تتعلق بالاعتداء الصارخ الذي وقع عليه من قبل روابط حماية الثورة التي تمثل ذراعا خفيا لحزب النهضة، ولا علاقة لها بالثورة لا من قريب ولا من بعيد. وأعتقد ان هذا المطلب الرامي إلى حلها يبقى شرعيا وعلى الحكومة ان تنفذه. كما أعتقد ان تستر الحكومة وراء روابط الثورة يكشف بشكل مفضوح عجز الحكومة على جميع المستويات وعدم استماعها لمطالب المعارضة في جملة من المطالب، وهذا أمر يدعو الى الحيرة وإلى عدم استقرار الجوانب السياسية في البلاد.
إن الاضراب وإن كان سيتسبب في بعض الخسائر فإنه يبقى مشروعا ومن حق الاتحاد المطالبة به ولابدّ من مساندته شعبيا حتى لا تتغوّل السلطة والحكومة تحديدا وحتى لا تجد بعض الأطراف تقف موقف الأمن وتقوم بمهامه. لسعد الكبيّر (موظف بنك): أساند الاضراب في بعده الجهوي أما أن يكون اضرابا عاما ففي ذلك خطر كبير واستنزاف لقدراتنا الاقتصادية على وجه الخصوص. إن الاضراب وإن كان حقا مشروعا لكنه لا بدّ ان يكون مدروسا بشكل جيّد، ولابدّ ان تتظافر الجهود من أجل الوصول الى وفاق يبعدنا عن شبح الاضراب العام ويحقق مطالب الاتحاد بعيدا عن المزايدات.
فتحي لسود (متقاعد): تونس ليست ملك اي طرف من الأطراف أو اي حزب بل هي ملك لجميع التونسيين ولهذا على حزب النهضة ان تستمع الى كل الاطراف وان تتفاعل معهم بشكل جيّد. والسيد راشد الغنوشي يريد ان يتغوّل ويكون خمينيا ثانيا وهو ما لا يستقيم ولا يقبله الشعب التونسي.. إن على الغنوشي والجبالي ان يراعيا التنوّع السياسي والفكري في تونس ويدركا انه لا يمكنهم حكم البلاد وحدهم بل لابدّ من تشريك كل الفرقاء السياسيين معهم.
عبد الحميد بالحاج إمبارك (موظف): الثورة قامت على شعار الخبز والحرية والكرامة الوطنية، لكن الثابت ان الحكومة الحالية قد حادت عن هذا الشعار وذهبت في متاهات أخرى سياسية للانفراد بالحكم، وهو ضرب من التعنت ضد كل القوى الحية في البلاد وفي مقدمتها الاتحاد، وبخصوص الاضراب أعتقد أنه عادي ولا يخيف الا من هم في السلطة لأنه يضرب مخططاتهم الرامية الى عزل بقية القوى في البلاد.
فاطمي بن عبد القادر بوجمعة (موظف): الاضراب الذي دعا اليه الاتحاد يبقى معقولا لأنه قد تعرض الى الاعتداء من قبل اطراف متخفية وراء حزب النهضة تحت غطاء روابط حماية الثورة وهذا الواقع خطير على العباد والبلاد ويمكنه ان يدخلنا في دوامة عنف لا نعرف كيف ستكون حدودها؟!. إني أذكر جيدا أحداث 26 جانفي 1978 وما تسببت فيه من ضحايا وهي قد جاءت عندما ركبت الحكومة في تلك الفترة رأسها.