4 سنوات سجن في حق رجل الأعمال لزهر سطا وخطية تفوق 5 ملايين دينار    الحماية المدنية : 130 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة    طيران الإمارات تتصدر تصنيف YouGov لأكثر العلامات التجارية العالمية الموصى بها لعام 2025    النادي الصفاقسي: تعزيز جديد في صفوف الفريق    إنتقالات: لاعب نادي بورتو البرتغالي على رادار الترجي الرياضي    دوري روشن السعودي: نادي الحزم يجدد ثقته في "جلال القادري"    كأس العالم للأندية 2025: سباق محتدم على الحذاء الذهبي قبل النهائي بين باريس وتشيلسي    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    حزب العمال الكردستاني يبدأ تسليم سلاحه    توزر: عاصفة قوية تضم رياحا محملة بالأتربة والسحب الرعاية تضرب عدة مناطق في الجهة    قراءة تحليلية لنتائج البكالوريا 2025 ... بين نسب النجاح والتحديات التعليمية    مقتل 150 مسلحاً في كمين للجيش النيجيري    باكستان.. مقتل 9 ركاب حافلة بعد اختطافهم من قبل مسلحين    طقس الجمعة: خلايا رعدية مصحوبة بأمطار مع تساقط البرد بهذه الجهات    الباكالوريا 2025: أكثر من 25% من الناجحين في شعبة الرياضيات يتحصلون على ملاحظة "حسن جداً"    حالة الطقس اليوم الجمعة    العاصفة الرملية بتوزر وقبلي...هذه أسبابها    الهيئة المديرة لمهرجان قرطاج الدولي تقدم ملامح الدورة التاسعة والخمسين    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    تفاصيل أسعار عروض مهرجان قرطاج الدولي    مهرجان قرطاج الدولي..دورة تحتفي بالفن وتنصت للقضية الفلسطينية [فيديو]    مهرجان قرطاج: الجمهور هو المدير الحقيقي... وصوت الفن التونسي يعلو وينفتح على العالم    مع الشروق : الانتقال الطاقي يحتاج سرعة التنفيذ وليس الدراسات واللجان    تتسبب في ٪80 من الأمراض: 170 كلغ معجّنات لكل تونسي... سنويا    عاجل/ ماكرون يدعو لإعتراف مشترك مع لندن بدولة فلسطين    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    الحذرَ الحذرَ، فوالله لقد ستر حتى كأنه قد غفر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً    عاجل: بالفيديو: منظمة الصحة العالمية تكرّم رئيس الجمهورية بدرع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح    وزير الخارجية في مؤتمر دولي: حماية المدنيين واجب أخلاقي ومسؤوليّة جماعيّة.. #خبر_عاجل    عامان سجنا في حق الإعلامي محمد بوغلاب    عاجل/ نتنياهو: نريد إنهاء الحرب في غزة..    المحلل المالي معز حديدان: كلفة دعم الخبز تكفي لبناء 4 مستشفيات جامعية سنويا    نسبة النجاح العامة في الدورتين الرئيسية والمراقبة لبكالوريا 2025 تبلغ 52.59 بالمائة    بنزرت: حملات رقابية ليليلة للحد من مظاهر الانتصاب الفوضوي وإستغلال الطريق العام ببنزرت المدينة    أنيسيموفا تتأهل لنهائي ويمبلدون بفوز مثير على سبالينكا    عاجل/ تيارات قوية وأمواج عالية: الحماية المدنيّة تحذّر من السباحة في شواطئ هذه الجهة    بشرى سارّة لمرضى السكّري.. #خبر_عاجل    إختتام مشروع تعزيز الآلية الوطنية لتأطير الصحة الحيوانية البيطرية بتونس    عاجل: فيفا تُصدر تصنيف جويلية 2025...تعرف على مرتبة تونس عالميا وافريقيا    عاجل/ انهيار جزء من نفق قيد الإنشاء بهذه المنطقة بداخله 31 عاملا..    الديوان الوطني للأعلاف: شراء 50 ألف طن من مادة الذرة العلفية الموردة    عاجل/ رئيس الدولة في زيارة غير معلنة الى هذه الولاية..    عاجل/ استئناف التزود باللحوم الحمراء المبردة والموردة..وهكذا ستكون الأسعار..    متى تظهر نتائج ''الكونترول''؟ اكتشف مواعيد إعلان النتائج السابقة    مفاجأة للعرايس: تخفيضات كبرى على أسعار حفلات الزواج في فضاء مسبح البلفيدير!    دواؤك في خطر؟ ترامب يُفجّر ''قنبلة جمركية'' تهزّ سوق الأدوية...اكتشفها    عاجل/ "يويفا" يحدث تعديلات على لوائح العقوبات في مسابقات الموسم المقبل..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    الرابطة المحترفة الثانية : مبارك الزطال مدربا جديدا للملعب القابسي    أسبوع الباب المفتوح لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج بمقر وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية    فاجعة في بن قردان..وهذه التفاصيل..    هذه العلامات الغريبة في جسمك قد تنذر بنوبة قلبية... هل تعرفها؟    هيئة الصيادلة: أسعار الأدوية في تونس معقولة    عاجل: قيس سعيّد يُحذّر : مهرجانات تونس ليست للبيع بل منابر للحرية والفكر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضراب 13 ديسمبر : صدام مع السلطة أم تقسيم للمجتمع؟
نشر في الشروق يوم 07 - 12 - 2012

اختلفت الآراء حول القرار الذي اتخذه الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ إضراب عام وطني يوم الخميس 13 ديسمبر بين مؤيد ورافض له ، ويطرح هذا الإضراب عدّة تساؤلات حول لا فقط الواقع السياسي الّذي تعيشه البلاد بصعوباته وتعقيداته بل أيضا الواقع المجتمعي من خلال استقراء خطورة الأحداث الّتي جدّت خلال الأشهر الفارطة في أكثر من مكان وكان آخرها أمام المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل الثلاثاء الفارط حيث تبادل تونسيّون مدنيّون العنف والعنف المضاد في مشهد غريب عن المجتمع التونسي الّذي كان موحّدا في مواجهة المستعمر الفرنسي وراكم نضالات كثيرة على مرّ عقود رفضا لدولة القمع وللسلطة الدكتاتوريّة تطلعا إلى دولة الديمقراطيّة والعدالة والحريّة والكرامة.

اختيار يوم «الخميس» لتنفيذ الإضراب العام قد يعني الكثير لدى فئات من النقابيين المؤدلجين الّتي ربّما تدفع في صورة دراميّة إلى استحضار الخميس الأسود لسنة 1978 عندما انتفض الشعب بقيادة المنظمة النقابيّة ضدّ ظروف وسياسات اقتصاديّة واجتماعيّة خانقة ومتوتّرة مع ما رافق ذلك من صراع حينها داخل مختلف أجنحة السلطة في حرب خلافة الزعيم بورقيبة.

الاتحاد العام التونسي للشغل وعبر قرارات المركزيّة والهيئة الإداريّة يبدو وكأنّه في موقع دفاع والحال أنّ قرار الإضراب العام يُدلّل على جاهزيّة كبرى للمواجهة والتصعيد وكسر جدار الصمت مع الحكومة والحزب الأغلبي بها أيّ حركة النهضة المتهم بالتحريض عبر روابط حماية الثورة على قيادات الاتحاد وتجاوز الخطوط الحمر في المس من المنزلة الاعتباريّة والمكانة التاريخيّة للمنظمة الشغيلة ناهيك وأنّ الأحداث جدّت يوم الاحتفال بذكرى استشهاد الزعيم النقابي والوطني فرحات حشّاد.

بعض المحللين لا يرون أيّ أوجه للشبه بين خميس 1978 وخميس 2012 ، فالواقع ليس الواقع والتطلعات ليس التطلعات ولكن المخاوف موجودة وهذه المرّة تتجاوز الصدام مع السلطة إلى التخوّف من تكريس انقسام حقيقي داخل المجتمع ناهيك وأنّ الإضراب يفتقد إلى جاذبية المطلبيّة النقابيّة والاجتماعيّة الصرفة ليندسّ في تلابيب تجاذب إيديولوجي طرفاه حركة النهضة – وتوابعها- والاتحاد العام التونسي للشغل – بتياراته اليساريّة المتطرّفة- التي تريد اغتنام ما حدث من اعتداء على مقر الاتحاد تصفية جزء من صراعها مع الحزب الحاكم اليوم والّذي يُمثّل في معتقدها خصمها الإيديولوجي الّذي «تُباح» كلّ وسائل مجابهته على قاعدة الغاية تبرّر الوسيلة ، ولو أدّى ذلك الأمر إلى الدفع بدرجة التوتّر إلى أقصاها وإيقاع تقسيم داخل المجتمع.

حركة النهضة من جهتها وعلى لسان رئيسها الأستاذ راشد الغنوشي هاجمت قيادة الاتحاد وقالت ان الاتحاد أصبح حزبا سياسيّا راديكاليّا تتخفّى خلفه مطامح سياسويّة لا علاقة لها بالأجندة الوطنيّة الراهنة الّتي حقّقت توافقات إجتماعيّة تاريخيّة في الزيادة في الأجور وإنجاح مختلف مسارات التفاوض الاجتماعي التي قادها باقتدار الوزير خليل الزاوية ، كما أنّها لحظة وطنيّة تستدعي أعلى قدر من التهدئة والحكمة لإنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي وضمان بلوغ مرحلة الحكم دون منغصات ودون الدفع بالبلاد إلى التهلكة أو النزاع الأهلي والصراع المجتمعي الخطير.

إنّ مواجهة النهضة /اتحاد الشغل تعكس اليوم بحسب محللين اجتماعيين مخاطر حقيقية في إيقاع الفتنة وتقسيم المجتمع وكان العديد من الباحثين والمختصين قد أبرزوا في «منتدى الشروق» مخاطر التجاذب الإيديولوجي على وحدة المجتمع التونسي والّذي بلغ الأسر والعائلات ويُهدّد فعلا النسيج المجتمعي المترابط والّذي تعايش وسطه التونسيّون بكل ألفة وانسجام وتسامح.

الأحداث الأخيرة أوجدت واقعا جديدا عنوانه الأبرز رفض حركة النهضة اي توظيف للاتحاد في اي معادلة سياسية ليبقى قوة ضغط اجتماعي وخيمة توحد التونسيين لا تقسمهم على اساس ايديولوجي ، في مقابل الرد القوي الّذي أطلقته الهيئة الإداريّة للاتحاد العام التونسي للشغل عبر إعلان الإضراب العام الوطني ويبدو ان الأمين العام حسين العباسي واع بضرورة جعله ورقة للتفاوض وليس سلاح للمواجهة .

وبحسب محللين فإنّ مهاجمة النهضة لقرار الإضراب العام وتصرفات بعض قياديي الاتحاد هو رد فعل عن سعي بعض الاطراف لجعل الاتحاد رأس حربة هي مواجهة الترويكا ، وربّما تكون المعارضة نفسها قد أخطأت منهجها عندما دفعت بالاتحاد ليكون قاطراتها لضرب السلطة القائمة ، ولم تكن أطياف المعارضة تُخفي منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011 أنّ أملها يبقى كبيرا في أن يُحقّق الاتحاد العام التونسي للشغل توازنا في الحياة الوطنيّة بعد أن كرّست تلك الانتخابات هوّة بين أغلبيّة حاكمة صمدت رغم الأعاصير والزلازل ومعارضة مشتّتة فاقدة لزمام المبادرة والتأثير في تحولات المشهد السياسي.

اليوم، البلاد في مفترق حقيقي، والموعد سيكون الإضراب العام الّذي – إن حصل- سيُكرّس الانقسام المجتمعي على أساس إيديولوجي وعقائدي لا على أساس مطالب نقابيّة أو مشاغل تنمويّة ، إذ لم يكن هناك مبرّر أصلا لأحداث الثلاثاء الفارط بعد أن أتمّت الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل سلسلة المفاوضات الاجتماعية للسنة الحالية بإمضاء زيادات القطاع الخاص والمؤسسات العمومية.

خطورة ما يطرحه إضراب 13 ديسمبر بحسب متابعين يستدعي مساع للصلح حقيقيّة تُغلّب المصلحة العليا للوطن بعيدا عن كلّ مضارب الإيديولوجيا العمياء يمينا ويسارا...فهل تنجح المساعي ويغلبُ صوت التعقّل والحكمة وتتجنّب البلاد مطب تقسيم المجتمع وسط حديث عن مساع جدية يقوم بها السيدان احمد المستيري واحمد بن صالح لإذابة الجليد بين النهضة وقيادة الاتحاد فهل ينجح الغنوشي والعباسي في تجاوز حالة التوتر كما نجحا سابقا في تحويل يوم 1 ماي من يوم للفوضى و لإسقاط الحكومة الى يوم للوحدة الوطنية ؟
فهل يكون الخميس القادم خميسا ابيض لا اسود كما يتخوف البعض ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.