احتضنت مدينة دوز يوم الأحد 9 ديسمبر مهرجانا مصغرا للصحراء بطلب من وزارة السياحة قبل عشرة أيام تقريبا من الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان! خطوة عدت بمثابة «مؤامرة» على هذا المهرجان الذي حظي في المقابل بدعم وزارة الثقافة. بحضور وزير السياحة السيد الياس الفخفاخ وإطارات الديوان الوطني للسياحة وعدد كبير من السفراء وممثلي وكالات الأسفار العالمية نظمت الهيئة المديرة لمهرجان الصحراء الدولي مهرجانا مصغرا بطلب وتمويل من وزارة السياحة لتسويق المنتوج الثقافي للصحراء.
هذا الحدث ليس جديدا إذ كانت الوزارة دائما وفي كل عامين تقريبا تنظم هذه الحملة التسويقية لكن الجديد هذه السنة ان المهرجان المصغر كما أرادته الوزارة سبق المهرجان بعشرة أيام فقط تقريبا بما يطرح أكثر من سؤال من النوايا الحقيقية لاصرار الوزارة عليه رغم رفض وتحفظ إدارة المهرجان!!!
إذ انتظر أهالي دوز بعد الثورة أن تعتني الدولة أكثر بأعرق المهرجانات التونسية الذي حقق سمعة دولية للسياحة التونسية ويعد بشهادة كل وزراء السياحة الواجهة الأساسية للسياحة الصحراوية لكن أحلامهم بقيت مجرد أحلام وقد تتحول إلى أوهام للأسف بعد اقدام وزارة السياحة في خطوة غير متوقعة ولا مسبوقة بتنظيم مهرجان مصغر قبل عشرة أيام من انطلاق الدورة الخامسة والأربعين التي ستكون من 22 إلى 25 ديسمبر أفلم يكن من الأفضل ان ترتفع الوزارة في دعمها للمهرجان وتساعد هيئته المتطوعة على تسوية مشاكل الديوان المتراكمة عوض تنظيم مهرجان آخر حتى وان كان مصغرا؟
ان ما يخاف منه أهالي المدينة هو ان يكون تنظيم هذا المهرجان قبل أيام من المهرجان الأصلي خطوة لتصفية المهرجان وتعويضهم بتظاهرة سياحية تشرف عليه إدارة التسويق والتنشيط في الوزارة وتنفق عليها الملايين ويكون خلالها سكان الصحراء مجرد «كومبارس» لتنفيذ الصورة الغرائبية عن سكان الصحراء التي أنتجها المخيال الاستشراقي!!
لقد أكدت مرة أخرى وزارة السياحة بهذه الخطوة انها لا تتعامل بجدية مع أعرق مهرجان في ثقافات الصحراء لا قبل الثورة ولا بعدها فلو كانت تتعامل بجدية مع هذا المهرجان الاستثنائي الغارق في الديون والذي لا تملك هيئته أبسط مقومات العمل لقامت بمبادرات حقيقية وفعلية فإلى حد الآن مثلا لم تصرف المنحة السنوية التي لم تتجاوز في أفضل الحالات الخمسين ألف دينار في الوقت الذي رصدت فيه الوزارة سابقا لشركات خاصة مئات الملايين من أجل تنظيم سهرة أو سهرتين في الصحراء تحت مسميات تسويقية متعددة.
ان تصفية مهرجان الصحراء الدولي وتعويضه بتظاهرة تسويقية للسياحة كما يسميها بعض إطارات الوزارة حلم قديم لبعض الفاعلين في مجال التسويق والتنشيط السياحي وقد اصطدم هذا الحلم في السابق برفض الهيئات المتعاقبة على إدارة المهرجان ويبدو ان هؤلاء لم ييأسوا من تنفيذ مشروعهم بعد الثورة والدليل هو هذا المهرجان المصغر والذي وان أشرفت عليه الهيئة المديرة للمهرجان فإنه يبقى مسقطا وبلا جدوى لأنه سيصرف الأنظار عن المهرجان الأصلي والغريب ان ادارة التسويق في وزارة السياحة التي تملك النسبة الأهم من ميزانية الوزارة رفضت مساعدة الفنان صالح الصويعي المرزوقي تنظيم تظاهرة يوم 12 ديسمبر من العام الجاري!
وزارة الثقافة حماس كبير
وزارة الثقافة التي تساهم في المهرجان بالاشتراك مع وزارة السياحة تعاملت مع الهيئة الجديدة بكثير من الحماس إذ استقبل السيد المهدي مبروك الهيئة وعبر عن دعم معنوي ومادي لها بالترفيع في المنحة المرصودة للمهرجان كما التزم بتقديم مجموعة من الخدمات الأخرى لتذليل الصعوبات أمام المهرجان.
مساندة وزارة الثقافة للهيئة المديرة كان لها أثر معنوي ايجابي لأن الصعوبات التي تواجه الهيئة متعددة وما يطالب به أهالي مدينة دوز التي قدمت الشهداء في معركة الاستقلال وفي انتفاظة الخبز وفي ثورة 14 جانفي هو تعامل جدي من الدولة مع مهرجانهم كما تتعامل مع مهرجانات دولية أخرى لا تملك النجاعة التي يملكها مهرجان الصحراء الدولي في مستوى التنمية الاقتصادية والتسويق السياحي.