نزاع النهضة اتحاد الشغل قسّم تونس؟ أي مخاطر للاصطفاف وراء هذا الطرف أو ذاك؟ أي مصير للانتقال الديمقراطي في ضوء الاصطفاف الحالي الّذي تتقاسمه حركة النهضة واتحاد الشغل؟ أسئلة تلقى أجوبة مختلفة ومتناقضة بحسب موقع هذا الطرف أو ذاك. تحول سياق الخلاف الذي بدا يأخذ شكل الصراع بين طرفين أساسيين هما اتحاد الشغل و الحكومة الى معركة «كسر عظم» بين حركة النهضة كطرف قوي في المشهد السياسي ويقود الترويكا واتحاد الشغل كأهم طرف في المعادلة النقابية في تونس ,هذا المشهد أعاد إنتاج المشهد في تونس وفق اصطفاف لقسمين ,أولهما القسم الرافض للاضراب العام شكلا ومضمونا وتقوده حركة النهضة ويدعمها في ذلك رابطات حماية الثورة حيث جاء في بيان الرابطة الوطنية لحماية الثورة والذي نشر موقع «بناء نيوز» جزءا منه انها تدعو قواعد الاتحاد العام وهياكله الى عدم التورط في الاضراب كما دعت الطبقة الشغيلة الى التوجه إلى عملهم والمطالبة بحق الشغل يوم 13 ديسمبر والسعي بالتبرع بأجر هذا اليوم الى صندوق التنمية ليبرهنوا على روح التعاون والمساندة للنهوض بالاقتصاد الوطني
عدول منفذون لضمان سلاسة العمل
كما اكدت الرابطة انها ستكون على استعداد لتوثيق محاولات فرض الاضراب بالقوة في كامل تراب الجمهورية وانها ستضع على ذمة كل من يريد العمل منخرطيها وانصارها وعدول منفذين لضمان سلامتهم وسلاسة العمل. كما ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية يقف في الصف الاول حيث يقول الناطق الرسمي باسم الحزب الهادي بن عباس ان الاضراب العام سيخلق مشاكل كبرى في تونس وسيمس من سمعة البلاد ,واضاف ان الاضراب يتزامن مع منتدى من اجل المستقبل تحتضنه تونس وسيجمع وزارة الخارجية التونسية ووزارة الخارجية الامريكية بحضور وزراء خارجية من مختلف دول العالم. اما الحكومة فقد اصدرت بيانا طالبت فيه الاتحاد العام التونسي للشغل بالعدول عن الإضراب العام، الذي دعا إليه محذّرة من تداعيات غير محمودة للإضراب وداعية إلى تحكيم العقل، بما يجنب البلاد التوتر والاحتقان، ، وفتح المجال للحوار والتهدئة، بما يخدم المصلحة العليا للوطن. اما لجنة تصحيح المسار النقابي فقد رفعت عريضة ضد المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل بسبب ما اعتبرته عدم شرعية الاضراب من الناحية القانونية.
إدخال البلاد في فوضى
اما رضا بلحاج الناطق الرسمي لحزب التحرير فقال ان الإضراب العام الذي دعا إليه الإتحاد جاء كردة فعل على رفض النهضة لمبادرة الحوار التي كان قد أطلقها الاتحاد مؤخرا وأضاف بلحاج أنّ «ما تقوم به اليوم هذه المنظمة النقابية هو بمثابة التصعيد طلبا لصفقة سياسية وان الإضراب المقرر تنفيذه مجرد جزء من تكتيك سياسي» وهذا أمر خطير على حدّ قوله. واكد ان «الإضراب السياسي» يأذن بإدخال البلاد في دوّامة من العنف والفوضى بين أبناء الشعب والتي لن يتحمل مسؤوليتها إلا الاتحاد الداعي إلى الإضراب.
أئمة المساجد ايضا كان معظمهم من الصف الاول واصطفوا خلف موقف ادانة الاضراب وكان اشهرهم امام جامع اللخمي بصفاقس رضا الجوادي الذي قال «نحن على استعداد كامل للشهادة في سبيل الله» وذلك ردّا على دعوة الاتحاد الى الاضراب الذي دعا الى الجهاد وهدد قائلا «لن نسكت هذه المرة» في رسالة واضحة الى الاتحاد الذي اعتبره «يضم يساريين وشيوعيين». «حزب الامان» كان جريئا في طلب حل لجان حماية الثورة او تجميد نشاطها واقترب موقفه هذا مما طلبه اتحاد الشغل ,لكنه تماهى مع موقف حركة النهضة في النقطة الثالثة من بيانه حيث دعا الى الغاء الاضراب العام.
الاتحاد يدافع عن نفسه
الصف الثاني يقوده اتحاد الشغل مهندس و مقرر الاضراب العام واصطف حوله العديد من الاطراف السياسية وغير السياسية, حيث قال الطيب البكوش الامين العام لحزب حركة نداء تونس ان الاتحاد حاليا بصدد الدفاع عن نفسه ضد عصابات وميليشيات محميّة من السلطة وبالتالي فان نداء تونس يساند الاتحاد في دفاعه عن نفسه ضدّ هؤلاء المعتدين الذين هاجموا مقر المركزيّة وجرحوا العديد من المسؤولين, اما ياسين ابراهيم الامين العام التنفيذي للحزب الجمهوري فقال ان ما حصل في ساحة محمد علي يسمح للاتحاد بالتعبير سلميّا عن رفضه للاعتداء الذي حصل عليه, واضاف ابراهيم إنّ حزبه يساند الاتحاد في اضرابه العام.
اما الجبهة الشعبية فقد اكدت على لسان حمة الهمامي الناطق الرسمي باسمها مساندتها للإضراب العام الذي أقره الاتحاد وأوضح حمة الهمامي خلال اجتماع شعبي نظمته التنسيقية الجهوية للجبهة بصفاقس ان الهجمة التي شهدها مقر الاتحاد التونسي للشغل مؤخرا «تعد ضربا للحرية والاستقلالية وعنوانا للهجوم على المشروع الديمقراطي وعلى الثورة في تونس» على حد تعبيره.
ثقة في اطارات الاتحاد
اما حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي فقد عبر عن مساندته التامة لقرار الإضراب وعن ارتياحه لتصريحات السيد حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وما اتسمت به من روح المسؤولية العالية وما تضمنته من دعوة صادقة إلى الحوار والتفاوض مع الحكومة ومن حرص على حماية البلاد من منزلقات المغامرة والمعاداة للحرية والاستقرار، كما عبرعن ثقته الكاملة في إطارات الاتحاد ومناضليه لإنجاح تحركهم المشروع في كنف الانضباط والهدوء والالتزام الكامل بقرارات الهياكل القيادية للاتحاد.
كما عبرت نقابة الصحفيين التونسيين عن مساندتها للإضراب العام الذي أعلن عنه الاتحاد ,ودعت النقابة جميع الصحفيين إلى الانخراط في هذا الإضراب العام والعمل على إنجاحه عبر تكثيف التغطية الإعلامية لفعالياته.وطالبت النقابة الحكومة بالإسراع في حل مليشيات ما يسمى بروابط حماية الثورة.
النقابة الأساسية لأعوان وإطارات رئاسة الحكومة خالفت البيان الصادر عن رئاسة الحكومة والداعي الى العمل يوم الاضراب واصدرت بيانا عبرت فيه عن مساندتها ومشاركتها في الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد وأكدت النقابة وقوفها في صف الاتحاد ضد ما اعتبرته الهجمة والتهديد للمنظمة النقابية من قبل من وصفتهم بميليشيات رابطات حماية الثورة، مشيرة إلى الدور الذي يلعبه الاتحاد في الدفاع عن الطّبقة الكادحة والفئات الشّغيلة.
وبين هذا وذاك تقف بعض الاطراف في الوسط اما بموقف داعم للتهدئة او بمحاولات توفيق بين الطرفين لايجاد مخرج ومنها حزب التكتل حيث قال الناطق الرسمي باسم الحزب محمد بنور ان حزبه يتفهم رد فعل الاتحاد ويامل في عودة جميع الاطراف الى التهدئة و الى طاولة الحوار لتجاوز التوتر.