قرار الاضراب العام يوم 13 ديسمبر الجاري الذي اتخذه الاتحاد العام التونسي للشغل اختلفت حوله المواقف بين مؤيّد لما عاشته هذه المنظمة من اعتداءات متكرّرة في ظلّ صمت الحكومة وبين رافض لما تمرّ به البلاد من صعوبات على كل المستويات. الاعتداء على مقرّ اتحاد الشغل ونقابييه لقي استنكار عديد الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وأغلب مكونات المجتمع المدني جميعهم ندّد بأعمال العنف التي مورست على الاتحاد في يوم احتفاله بالذكرى 60 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد من قبل مجموعات محسوبة على رابطات حماية الثورة وحركة النهضة التي نفت أن تكون وراء هذه الاعتداءات وصرّح زعيمها أن المواجهات التي حصلت تسببت فيها ميليشيات نقابية مسلحة بالهراوات والغاز وهو ما زاد في حدّة الاحتقان في صفوف النقابيين الذين اعتبروا أن هذه الأحداث خطوة خطيرة تفتح باب المواجهة ومحاولة من الحكومة لتركيع المنظمة النقابية التي تمثل ثقلا سياسيا على الحكومة وطالبوا بالاضراب العام. ولرصد مختلف انطباعات ومواقف المواطنين التونسيين حول هذا الاضراب الذي لقي الرفض من قبل الحكومة نزلنا الى الشارع وتحاورنا مع البعض منهم حيث أكد رشيد العيسي أن الاضراب الذي قرّره اتحاد الشغل هو ردّة فعل قانونية وشرعية وطبيعية بعد الهجمة التي تعرّض إليها من قبل عصابات غير مسؤولة خاصة أن الاضراب حق مشروع تضمنه كافة القوانين الدولية وقال إن الاضراب هو بمثابة المطاف الأخير للاتحاد أمام الاعتداءات المتكرّرة مبديا استغرابه من صمت الحكومة تجاه ما حدث واكتفاءها بإصدار بيان تندّد فيه بهذه العملية ولكن لم يظهر رئيس الحكومة في وسائل الاعلام ليبرز الموقف الرسمي خاصة أن كل الأطراف الأخرى قد عبّرت عن وجهة نظرها باستثناء رئاسة الحكومة وهو صمت غير مبرّر.
ودعا رشيد العيسي الى ضرورة التهدئة والحوار مراعاة لمصلحة البلاد وما قد ينجرّ عن الاضراب العام الذي يمسّ كل مكونات المجتمع المدني والاحزاب والجمعيات سوى خارج السلطة أو داخلها. مسؤولية الحكومة من جانبه أوضح صلاح الدين معيوفي أن الحكومة هي السبب في شنّ هذا الاضراب الناتج عن أعمال عنف وتخريب في غياب لموقف صارم من السلطة الحاكمة وأشار الى أن قرار الاضراب هدفه الدفاع عن سمعة وهيبة الاتحاد وسلامة النقابيين أمام التحرّكات التي تقودها ميليشيات اجرامية. أما محمد فقد صرّح أن تحكيم العقل هو الحل لتجنيب البلاد التوتر والاحتقان ودعا الى العدول عن قرار الاضراب العام وفتح المجال للحوار والتهدئة بما يخدم المصلحة العليا للوطن، مبديا رفضه المطلق لأي اعتداء على مقرات المنظمات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني داعيا الحكومة الى تحمّل مسؤوليتها أمام ما يحدث من اعتداءات. وقد سانده الرأي بشير عاجنقي مؤكدا أن المتضرّر الوحيد من الصراع القائم بين حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل هو المواطن وأكد على ضرورة تجاوز الخلافات والتجاذبات السياسية ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. أما عمر باللطيف البالغ من العمر 83 سنة فقد أبدى تحسّره عن حكومة بورقيبة وقال «على حكومة النهضة أن تفهم قيمة الاتحاد العام التونسي للشغل وما يعنيه من نضال ودفاع عن حقوق الشغالين» وصرّح أن تونس بصدد الغرق ولا بدّ من إنقاذها قبل فوات الأوان.