تابعت الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي يوم أمس تفاصيل المحادثات التي أطلق عليها البعض اسم «خمسة زائد خمسة» والتي ضمت خمسة أعضاء من الهيئة المديرة لاتحاد الشغل وخمسة من أعضاء الحكومة في مفاوضات الساعات الأخيرة لإلغاء إضراب يوم الخميس. الغريب أن الكثير من الصفحات استمرت في حالة الحرب اللفظية الدائرة بين أنصار النهضة من جهة وأنصار اتحاد الشغل ومن تحالف معه، وعوض أن يستغل الناشطون التونسيون في الموقع الاجتماعي انفتاح نافذة التفاوض للتهدئة، فقد انتشرت تعاليق التحريض والعنف اللفظي من الجانبين، حيث كتب بعض المحسوبين على اتحاد الشغل أن «الحكومة تركع وتتوسل لاتحاد الشغل» لإلغاء الإضراب، فيما قرأنا في صفحات قريبة من النهضة تعاليق تقول إن الاتحاد لجأ إلى التفاوض لإحساسه بفشل الإضراب، وفي هذا المجال، تداول أنصار النهضة في صفحاتهم بكثافة صورا لعمال بعض المؤسسات العمومية يرفعون فيها شعارات ترفض المشاركة في الإضراب، بالإضافة إلى أخبار كثيرة لم نتمكن من إثبات صدقيتها عن نقابات جهوية يقولون إنها ترفض الإضراب. كما تستغل صفحات أنصار النهضة استفتاءات مما يتم تنظيمه دون قواعد علمية تفيد أن نسبة نجاح الإضراب لن تتجاوز 40 بالمائة.
إضافة إلى ذلك، وجد أنصار النهضة ضالتهم يوم أمس في تصريح منسوب للنقابي عدنان الحاجي يدعو فيه الاتحاد إلى تجميد الإضراب، لكن أنصار اتحاد الشغل استمروا في النشاط بكثافة واعتبروا أن لجوء الحكومة للتفاوض كان بطلب منها، وكتب ناشط نقابي معروف من التعليم الثانوي: «النهضة باتت تدرك الآن جيدا قدرة الاتحاد على جمع التونسيين في صف واحد ضد مليشيات النهضة». وإذا كانت أغلب مطالب ناشطي الاتحاد في الموقع الاجتماعي تتمحور حول إيقاف ومحاكمة المعتدين على مناضليه ومقره وحل رابطات حماية الثورة، فإن أنصاره من ناشطي المعارضة يستمرون في الدعوة إلى الضغط على الحكومة وحتى المطالبة بإسقاطها صراحة.
وفي الأثناء، تناقلت العديد من صفحات طرفي النزاع صور الاجتماع بين أعضاء الحكومة مع تسريبات جانبية عن انفراج في الوضع، لكن ذلك لم يؤثر شيئا في مزاج الصفحات المعاركة، وتواترت الأنباء المتشائمة حينا والمتفائلة حينا آخر، وعاش التونسيون في الموقع الاجتماعي حالة قلق وانتظار وتشويق، ممزقين بين التفاؤل والتشاؤم في محرار لا يستقر على خبر يقين. وحتى الساعة السادسة مساء، لم يصدر أي شيء رسمي عن نتائج التفاوض، بل قرأنا في بعض صفحات أنصار الاتحاد أن الفشل سيكون مصير التفاوض بحجة أن الحكومة لم تقدم اقتراحات جدية، وتم تداول تعليق جاء فيه: «إن مجرد تعيين لطفي زيتون مفاوضا يعني تعنت الحكومة وعدم رغبتها في الحل»، فيما كتب أنصار النهضة أن الاتحاد هو الذي تصرف بتعنت شديد وطلب تنازلات مستحيلة.
كان على المغرمين بالشبكة الاجتماعية الانتظار حتى السادسة وربع حين ظهرت أول الأخبار تحت عنوان: «عاجل وأكيد: الاتفاق على إلغاء الإضراب»، ثم ظهرت أخبار أخرى أكثر دقة تتحدث عن اتفاق أولي سيعرض لاحقا على الحكومة والهيئة الإدارية للاتحاد للموافقة.
هل هو الانفراج ؟ يبدو ذلك، رغم أن نشطاء طرفي النزاع لم يظهروا أي احتفاء بهذا الانفراج، فقد استمر أنصار النهضة في التشهير باتحاد الشغل، فيما كان أنصار الاتحاد منشغلون بنقل تفاصيل حفل فني شيق في ساحة محمد علي ينظمه فنانون يساندون النقابيين.