هي محكمة وبحسب الفصل 118 من مشروع الدستور تتكون من اثني عشر عضوا من ذوي الكفاءة والخبرة القانونية ولكن بحسب الفصلين 117 و 118 من المشروع ، فان اختصاصاتها وطرق انتخاب أعضائها سوف لن يجعلها دستورية بقدر ما ستكون سياسية ومن تحصل داخلها على الأغلبية فهو الذي سيهيمن على القرار السياسي واتجاهات السلطة السياسية وأكثر الملاحقين من طرفها حتما سيكون رئيس الجمهورية.
فهي وبحسب الفصل 73 تستشار من طرف رئيس الجمهورية قبل اتخاذه لأي تدابير استثنائية وهي وبحسب الفصل 82 لها القول الفصل في إقرار شغور منصب رئيس الجمهورية حتى في حالة العجز الدائم لأسباب صحية رغم أنها تتركب من أعضاء ذوي خبرة قانونية وليست طبية وهي وبحسب الفصل 85 تبت وتقر وتعزل رئيس الجمهورية حينما توجه له تهمة الخيانة العظمى من طرف ثلثي السلطة التشريعية وبمعنى آخر الأغلبية التي ستكون لها ربما الأغلبية داخل تلك المحكمة الدستورية وهو ما يجعل من تلك المحكمة تنفرد بجميع اختصاصات السلطات القضائية العادية التي تفرق بين قضاء البحث والتحقيق وقضاء الأحكام ناهيك عن السلطة المزدوجة التي سيتمتع بها مجلس الشعب فهو من ناحية وفي حالة رئيس الجمهورية سيثير تهمة الخيانة العظمى ليحيلها إلى المحكمة الدستورية وهو أيضا ومن ناحية ثانية وفي صورة إثارة تهمة الخيانة العظمى من طرف رئيس الجمهورية ضد عضو من الحكومة عملا بقانون 1 افريل 1970 المتعلق بالمحكمة العليا ، سينتصب جزء منه كمحكمة لمحاكمة عضو الحكومة المتهم بالخيانة العظمى وفق إحالة من رئيس الجمهورية.
وهي أيضا وبحسب الفصل 94 ستنتصب حكما لحل نزاعات الاختصاص بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبحسب الفصل 117 لحل نزاعات الاختصاص بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقول الفصل والميزان حتما سيميل لمن يسيطر داخلها على الأغلبية.
وهي أيضا وبحسب الفصل 117 ستلغي الى الأبد مفهوم الحكم البات بما أن للمواطن الحق في الطعن أمامها في الأحكام الباتة الخارقة للحقوق والحريات دون أن نعرف وفق أي معيار ستقوم بذلك .
كان بالإمكان تخفيف وطأة اتساع الاختصاصات للمحكمة الدستورية كأن يقتصر دورها مثلا في جريمة الخيانة العظمى على التحقق والإدانة أما العزل فيكون من أنظار المحكمة العليا المختصة بالنظر في تهمة الخيانة العظمى الموجهة الى أحد أعضاء الحكومة مع توحيد الإجراءات بتوسيع اختصاصها ليشمل مدى ثبوت من عدمه تهمة الخيانة العظمى الموجهة من رئيس الجمهورية إلى عضو الحكومة كما كان بالإمكان إسناد نزاعات الاختصاص الى المحكمة الإدارية في مرحلة ابتدائية ليكون مجال نظر المحكمة الدستورية في مرحلة لاحقة استئنافية او تعقيبية لكن يبدو لي أن مشروع الدستور قد كتب بأياد تونسية تأثرت بالخلافات السياسية الحالية وقلوب تفكر في قادم المحطّات السياسية.