ألف مليون دينار هو المبلغ الأقصى الذي يمكن لوزير المالية المصادقة عليه في شكل صكوك إسلامية وفقا لقانون المالية لسنة 2013 والذي تمت المصادقة عليه منذ أيام ليفتح من جديد الجدل حول دفع المعاملات المالية الاسلامية في تونس بين «التسييس» والجدوى الاقتصادية. تمت منذ أيام المصادقة على الفصل العاشر من قانون المالية لسنة 2013 والمتعلق بإصدار الصكوك الإسلامية لفائدة الدولة ويضبط القانون المبلغ الأقصى المرخص فيه لوزير المالية لاصدار صكوك إسلامية بقيمة ألف مليون دينار بالنسبة إلى سنة 2013.
«الشروق» حاولت تسليط الضوء على مختلف الآراء المتعلقة بالتمويل الإسلامي في تونس ومعرفة مدى جدواها وحقيقة انتصابها ومشاكلها وقدرتها على المساهمة في حل الأزمات.
تشهد الساحة السياسية جدلا حول الصكوك الاسلامية ودفع المعاملات الإسلامية ومدى اختلافها عن المعاملات المعادية. وعكس الجدل الذي جرى بالمجلس الوطني التأسيسي هذا التباين ففيما طالب أحد النواب الترفيع في المبلغ المخصص للصكوك الإسلامية إلى ألفي مليون دينار باعتبارها أموالا مشاركة ستعود التنمية على كل جهات البلاد، اعتبر نواب آخرون أن الدفع بموضوع التمويل الاسلامي ماهو إلا خطة حكومية لجلب فئة من الناخبين وأضاف هؤلاء بأن تطوير البنوك الإسلامية مسألة غير مضمونة.
بنوك اسلامية
يؤكد الخبراء في المالية الاسلامية أن البنوك الاسلامية تعتمد على منع الربا أي سعر الفائدة، وتمنع التعامل في المحرمات مثل لحم الخنزير والميسر وتؤكد على ضرورة تقاسم الأرباح والمخاطر في آن واحد.
وتعتمد هذه البنوك حسب هؤلاء الخبراء على المعايير الأخلاقية المستمدة من الدين الاسلامي ومن الفتاوى. وخلال حديث «الشروق» مع السيد علي الطبيب الكاتب العام للجمعية التونسية للمالية الإسلامية أكد غياب قوانين مهيكلة وكافية لمنظومة المالية الاسلامية في تونس قبل الثورة.
وأضاف أن البنك الاسلامي الوحيد الذي كان موجودا هو بنك البركة الذي يتعامل مع المؤسسات وهو بنك غير مقيم قبل انطلاق بنك الزيتونة في عمله. وأشار إلى أن بنك الزيتونة في بدايته قد تغلبت على بعث الصبغة السياسية على الجانب القانوني.
وتحدث السيد علي الطبيب عن معاناة البنوك الإسلامية بسبب وجودها في منافسة مع البنوك الكلاسيكية الأخرى مع احتفاظها بخصوصياتها كبنوك إسلامية لا تعتمد هامش الفائض وتعتمد «المرابحة» واعتبر أن هذا الأمر لم يعد عاديا وأن البنوك الإسلامية كانت في حاجة إلى قوانين خاصة.
جدوى قانونية
اعتبر الكاتب العام لجمعية المالية الاسلامية أن قانون المالية الجديد سيقوم بتنظيم قطاع البنوك الاسلامية ، وأن هناك مجموعة من القوانين الجديدة التي ستمكن البنوك الإسلامية بخصائصها من العمل في إطار قانوني واضح.
ويساعد الإطار القانوني على استمرارية عمل البنوك بحماية قانونية رغم تغيير السياسات والأحزاب الحاكمة. وأشار إلى أن قانون المالية يشمل مشاريع قوانين تهم الصيرفة والمعايير ومشاريع الصكوك وقانون مؤسسة الزكاة وقانون مؤسسة الوقف. ويرى البعض أن قانون الصكوك يمثل بديلا للسندات وباعتبار أنه يمثل حلاّ لعدم توازن الميزانية وحلاّ يعوض بيع الدين.
مؤشرات وتحديات
يعتبر بعض الخبراء أن التحديات المطروحة أمام البنوك الإسلامية تتمثل في حسن إدارة المخاطر ووضع إطار قانوني وتشريعي ملائم لخاصياتها مع وضع رأس مال ملائم للمعايير الدولية في الآن نفسه.
وتشير بعض المصادر المطلعة إلى أن حجم المعاملات الإسلامية في تونس هو بصدد التطور رغم انحسار المعاملات في بنكين هما بنك البركة وبنك الزيتونة. وتمثل المالية الإسلامية ما قيمته 1 ٪ من الأموال العامة، أما في تونس فيطمح بنك الزيتونة إلى الحصول على ما يقدر ب 5 ٪ من حجم المعاملات البنكية في تونس.
ويؤكد السيد علي الطبيب على أهمية حجم نمو البنوك الإسلامية عبر العالم والذي يقدر بما بين 15 و 20 ٪ وأشار إلى أن المالية الإسلامية ستصبح أكبر حجما في العالم خلال عشر سنوات بإعتبار أن حجم نمو بقية البنوك محدود.
وتؤكد بعض الدراسات أن البنوك الإسلامية كانت أكثر ثباتا وأقل تأثرا بالأزمات الاقتصادية العالمية المالية ومنها أزمة سنة 2008 وقد نجحت تجربة هذه البنوك في بريطانيا واتبعت خطواتها البنوك الفرنسية.
منطق الحلال
اعتبر السيد علي الطبيب أن أغلب حرفاء المالية التونسية في تونس حاليا، يتوجهون في المعاملات الإسلامية بمنطق الحلال والحرام أكثر من البحث عن الربح والجدوى المادية.
وأضاف أن تقنين المعاملات الاسلامية ودفعها سيمكن من إخراج «أموال» كانت مخبأة عند البعض ومن استقطاب السيولة، فالبعض كان يخشى الوقوع في منطق المراباة والحرام .
وسيمكن تطور البنوك الاسلامية حسب محدثنا من دفع المنافسة، وجعل الحريف يربح أكثر في منطق المرابحة عند تعامله مع البنوك الاسلامية، كما ستحاول البنوك الكلاسيكية التخفيض من نسبة الفائض.
وفسر اعتبار البعض للبنوك الاسلامية جزءا من الحل للأزمات الاقتصادية نظرا إلى خطورة بيع الدين وأن جذور الأزمات ناجمة عن التداين وأن منطق البنوك الاسلامية يعتمد الاقتصاد الواقعي.
وتشهد البنوك الاسلامية في تونس تطورا حيث تطور عدد فروع «الزيتونة» ...كما توجد عدة طلبات لبعث بنوك إسلامية أخرى. وقد تمت عرقلة مطالب بعض هذه البنوك لأسباب سياسية أو لعدم استجابتها للشروط، أو عدم موافقة البنك المركزي حسب ما أفادت به بعض المصادر المطلعة.